إعلان
إعلان

الحصار أم الحوار : بقلم محمود أحمد الجدوع

#سفيربرس

إعلان

ثمة ضرورة قصوى لإعادة النظر في كلِّ ما تم اتخاذه من قرارات في سورية, وذلك منذ بداية الأحداث إلى يومنا هذا، و البحث عن الأسباب التي منعت من تطبيق هذه القرارات إن كانت صحيحة لكي يتم معرفة الأسباب العائقة وإزالتها.

وأهم تلك المعوقات شعور الكثيرين ممن يديرون دفة الأمور أنَّ شيئاً ما سوف يفقدونه في حال تطبيقها,

الحوار:

الحوار أصبح كلمة فضفاضة هلامية الشكل والقوام خرجت عن المسار الصحيح الذي رسم له, حيث اختلط فيه الحابل بالنابل وبالتالي ضاع القارب في عرض البحر بعد أن ضاعت البوصلة, الحوار ليس أسطورة أو ضرب  من الخيال الحوار مسألة حتمية مسلم بها، يمكن أنْ يتم في أي مكان و زمان وحتى في الشارع و بأدوات سلمية، وموضوعية, دون اللجوء إلى اللجان واللجان المنبثقة عن اللجان واللجان الموازية ولجان الإعداد والتنظيم ولجان المراقبة  وووو و ترجع حليمة لعادتها القديمة.

المؤامرة :

لا أحد ينكر أنَّ هناك مؤامرة خارجية حيكت للبلد ويشترك في حياكتها مجموعة دول أعلنت عن نفسها وأشخاص  يصلون الليل بالنهار ويركبون كل موجة في سبيل زعزعة الأمن والاستقرار في سورية وتدميرها قبل تقسيمها.

ولكن يجب أن لا نتلطى خلف هذه النظريات ونقف مكتوفي الأيدي لأننا جميعاً معنيون في الوصول إلى حل للخروج من هذه الأزمة, بصرف النظر عما حيك و يحاك لنا في الخارج .

لذلك ينبغي أنْ نعيد النظر في طريقة تفكيرنا في معالجة الأمور وكذلك إعادة النظر بأنفسنا وسلوكنا ,وأن يتقبل بعضنا الأخر, على أننا سواسية ولا فروقات بيننا , كذلك بطريقة النظر إلى بعضنا من غير همز ولا لمز .

فالتنافر والتصادم ورفض الأخر يولد الحقد والكراهية والشقاق مما يؤدي إلى الانفجار لذلك يجب أن لا يكون لكل مما سبق موطئ قدم بيننا .

هناك سبب أخر لا يقل أهمية عما ذكرنا سبب الأزمة قبل حدوثها, هو كثرة الوعود والتطبيق مفقود والتعلل بالظروف، والضغوط والعوامل الخارجية .

الإعلام والواقع :

الحرب اليوم أصبحت حرب إعلامية كونية تحرك الأحداث كيفما تشاء وبالمكان الذي تريد مستخدمة أحدث وسائل التكنولوجيا ولم يعد هناك داعي  لقوات برية وبحرية وطائرات وناقلات طائرات  وحشود من الجنود والدبابات لكي تشتعل الجبهات , الحرب اليوم نفسية وفكرية تستخدم وسائل ناعمة تهدف إلى إلغاء قيم وأفكار سائدة وزع قيم وأفكار بديلة و جديدة تهدف إلى تشويه الجيل وسلخه عن المبادئ التي تربى عليها الآباء والأجداد .

ومع تطورات الأحداث ومرور الوقت أصبحت الحرب الإعلامية أشد ضراوة و قساوة ووصلت إلى مرحلة عض الأصابع ولي الأذرع وحبس الأنفاس، القوي هو الذي يستمر أكثر وبالتالي أصبح هناك شرخ كبير في الوعي والفكر والعقيدة, هذا الشرخ أوجد هوة كبيرة يجب ردمها  وتسويتها  ولم الشمل بين أخوة الدم والعرض والأرض التي راحت تفوح بدمائهم التي لم تتوقف بعد عن النزيف , ولا مناص من الحوار كي يتم التلاقي بين جميع الأطراف المتصارعة على الأرض وإصلاح ذات البين.

العلاج :

الحكماء قالوا: إذا أردت أن تستقطب الأخر أو تستميله إلى جانبك وفي صفك, وحتى إذا أردت أن تزعجه  حاوره ” بالتي هي أحسن ” وقدم له الحجة والدليل والبرهان مهما كانت الحقيقة مرة وقاسية, ولا تتعامل معه بردات الفعل وتقف بعدها مكتوف الأيدي، وليس بوسعك سوى محاولة تكذيب  ما يقول ويدعي وأن كان صادق دعه يبحث ويقدم لك حجة وبرهان يرد عليك بها إنْ كان صادق فيما يقول .

الحوار أم الحصار:

نحن أمام خيارين لا ثالث لهما للخروج من هذه الأزمة إمّا أن نترك خلافاتنا جانباً ونلتقي في منتصف الطريق ونفتح صفحة جديدة عنوانها الحب والتسامح والوفاق, ونلغي مبدأ التخوين والاستجداء, ونجلس على طاولة الحوار الصادق والشفاف بلا رتوش.

وإمّا أن نستعد للحصار الذي ما أن يغادرنا حتى يعود إلينا قبل أن نودعه , نعم نحن في سورية  معتادين ومروضين على ثقافة الحصار فهو جزء من حياتنا اليومية, لا بل أصبحنا نجيد طرق يجهلها الكثيرين ممن يفرضون علينا الحصار, نحن نحتالُ على أنفسنا في أوقات الراحة والسكينة,  فكيف لا نستطيع الاحتيال على الواقع المفروض بالقوة .

الشعب السوري أكثر شعوب العالم لديه القدرة على التأقلم مع أشد الظروف قسوة  ومرارة , حصار الثمانينيات جعل منا مخترعين لطرق الخروج من المأزق والطبيعة والواقع الاقتصادي على الأرض الذي حباه الله لنا لا بني البشر، قادر على أن يعطينا الكفاف ويبعد عناّ الفاقة والحاجة فأي الخيارين نختار؟

 بقلم: محمود أحمد الجدوع

رئيس تحرير سفيربرس 

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *