التردد والخوف . بقلم : غالية أسعيد
سفيربرس

من الذي حرك قطعة الجبن الخاصة بي ؟؟؟
عنوان قد يكون بداية مثيراً للضحك للبعض، أو للاستفسار للبعض الآخر، أو للدهشة للباقي.
ولكنه محور مهم تمحورعنه كتاب رائع يشرح الخوف والسعي وراء الهدف ومحاولة عكس الموجة للاستفادة من قوة تأثيرها وأبعاده النفسية المؤثرة على حياتنا بشكل كبير، اسمح لي عزيزي القارئ أن أقدم لك مغزى هذا الكتاب والخلاصة النفسية التي قد تُقدم الكثير من الحلولِ لكثير من الأسئلةِ التي قد تحتل عقولنا الآن.
((ما تخشاه لن يكون بنفس القتامة التي يصورها لك عقلك وأن الخوف الذي تتركه يسيطر على عقلك هو أخطر بكثير من الوضع القائم بالفعل))
((إن الخوف الي تدعه يتراكم في مخيلتك هو أسوء بكثير من الوضع على أرض الواقع، انظر إلى أخطائك، اضحك عليها ثم تغير للأفضل. ))
بعض من مقتطفات ما أدرفه الكاتب ( سبينسر جونسون ) ضمن سطوره الرائعة ، كلمات أتوقع أنها تتنظر الوقوف عندها والتفكر بها ، حيث تطرق الكاتب إلى أربعة شخصيات ظريفة تعيش في متاهة وتبحث عن مخزون الجن الضائع ، بالطبع هي قصة رمزية ، ترمز الجبنة فيها إلى ما نريد الحصول عليه في حياتنا ، ولكل شخص منا تصوره الخاص عن قطعة الجبن تلك ” المال ، الصحة ، الزواج ، العلاقات السليمة ، النجاح ، الحب ، العمل … أشياء كثيرة تقف بحياتنا بحسب أهميتها وأوليتها ، ونحن نحاول البحث عنها ” قطعة الجبن ” لأننا نؤمن أن سر سعادتنا قد يكون في حصولنا عليها ، وأن فقدها سبب التعاسة في حياتنا ، لكن هذا لا يعني أن نترك سائر سبل النجاح والمحاولة في تحقيقها ونندب الحظ العاثر ، أو أن يحجمنا الخوف عن فعلها وتحريك خطوة في مداراتها .
((قد يكون الجبن القديم مجرد سلوك قديم، والذي نحتاجه حقيقةً هو أن نتخلص من السلوك الذي يتسبب في إفساد علاقتنا، وبعد ذلك نستمر في اتباع أسلوب أفضل للتفكير والعمل)) كلام جميل للكاتب أليس كذالك ؟؟
مشوار الحياة طويل جداً، محفوف بجميلِ المواقف ومتعثرٌ بسوءِ الحكمةِ والتقدير، إن تركت حياتك تسير مُكللةَ بالخوف والرهبة فلن تصل إلى قطعة الجبن خاصتك، وستبقى أسير حياة مظلمة، خانقة، رتيبة مملة من أي روح للمغامرة.
ماذا كنت لأفعل لو لم أكن خائفاً؟ سؤال مهمٌ وجميل، دعنا نرى ما هو جواب الكاتب عن هذا السؤال؟ ومن ثما نرى رأي علم النفس فيه، يقول الكاتب: ((الحياة ليست مجرد ممرٍ مستقيم يسهل الخوض داخله بحرية، بل هي متاهة يتعين علينا البحث داخلها عن طريقنا، وقد نضل الطريق، ونتخبط داخلها، وبين الحين والآخر ندخلُ في ممراتٍ مسدودة، ولكن إذا كنا متمسكين بالإيمان، فسوف يفتح الله الباب أمامنا، وقد يكون هذا الباب غير ذلك الذي كنا نفكر فيه، ولكنه بالتأكيد هو الخير، كل الخير لنا)).
أما عن رأي علم النفس فيه: فيقول مهما يكن مصدر الخوف فإن الإنسان يحاول طلب النجاة لنفسه والبحث عن ملاذ يلوذ به ويبعد عنه ذلك الخطر، وقد عرّف علماء النفس ذلك الملاذ بأنه (الشعور بالأمن).
وإذا ما عرفنا أن حياة الكائن الحي هي عبارة عن سلسلة متصلة الحلقات من المخاوف، عندها تكون الحاجة للأمن من أهم متطلبات الإنسان في حياته.
من هنا تنشأ العلاقة الوثيقة بين الأمن والخوف، ويكونان معاً قطبي الحياة الإنسانية، فإذا كان الخوف قُطبها السالب، فإن الأمن قُطبها الموجب… وقد اهتمت جُل الحضاراتِ البشرية ونتاجات الثقافاتِ الإنسانية بهذا الجانب، بحيث صار شُغلها الشاغل هو رفدُ حياةِ الإنسان بالمزيد من الشعورِ بالأمن والطمأنينة، ويتجسدُ هذا الشعور في كثير من المفردات الاجتماعية.
((كلما أسرعت بالتخلص من الجبن القديم، عثرت على الجبن الجديد)). ما أريد أن يدخل ضمن برامجك العقلية المنفذة، هو أنك كل ما تجملت بالشجاعةِ ن على تتمةِ مشوارِ حياتك كلما أحبتك الحياة ورضخت لك وكانت لك السند والعون في وصلك إلى قطعة الجبن خاصتك، مهما كبر حجمها وبعُد طريق وصولها، وصعُب مشوارها.
عزيزي إن وقوفك في مكانك بانتظار حدوث المعجزات لن يقُدم لك شيء إلا استجرار الأمل المزيف، وقليلاً من المحاولات التي لن تنشل أحلامك إلى مرفئ التحقيق، ولن تسمح لأحلامك أن تطلق أشرعة الحياة فيها لتبحر فيك إلى قطعة الجبن خاصتك.
تأمل هذه الكلمات (( ملاحظة التغييرات البسيطة تجعلك تتأقلم مع التغييرات الجذرية التي قد تصادفك مستقبلاً )) ، اغتنم كل فرصة تهديك إياها الحياة ، غلفها بشغفك ، اربطها بشجاعتك ، واكتب عليها بقلمك وخط يدك لقد خلقتِ لي ) وارفقها إلى السماء مع حلمك ، ولاترضى أن تكون آسيراَ لمخاوف رافقت مسير عمرك ، لا تكبل أمنياتك الصافية بسلاسل الخوف ، ولا تكن كأحد شخصيات الكتاب التي ذكرها الكاتب في كتابه ، عندما بقي آسير مخاوفه ، ربط على آخر تجربة عاشها ولم يقبل دخول هواء جديد إلى رئتي حياته ، فما كان منه إلا أن بقي وحيداً ، عاجزاً عن أي حلم ، مكبل الأيدي والتفكير معاً في آن واحد ، فما كان من فرص الحياة إلا أن تركته ومضت ، فالحياة مشغولة جداً .. جداً لدرجة أنها لا تنتظر أحد، فاغتنمها قبل أن تغتنمك …
عزيزي: لاتكن محتاراً مذهولاً أمام إخفاقٍ مُكللٍ بالخوف والفشل، ولاتنسى ما لديك من القوة والشجاعة والحب والأمل، عش حياتك وكأنها آخر يوم لك في الدنيا عشها بحُبك، بقوتك، بنجاحك، بكل ما فيك من جميل … ولا تنسى قطعة الجبن.
سفيربرس _ بقلم : غالية اسعيّد