صلاة لانطفاء القنديل. بقلم : سنا هايل الصبّاغ
#سفيربرس

شرذمت كل افكاري .. بعثرتُ امانيَّ.. كسّرتُ إطارات أحلامي.. نزعتها عن جدران عمري, و رميتها إلى الأرض, أخرجتُ كل أوراقي من قوقعتها .. نثرتها فوق ذاك الحطام , بعثرتها فوق شظايا روحي … فتحتُ ستائر الزمن معريّةً زيفَهُ..
شـرّعتُ نوافذ الحب , علّي أرى على نورٍ مكامن الخداع و الخيانة فيه..
قال لي ذات يوم: “لا تتصوري كم أتمنى لو أن زمن عبادة الأصنام يعود , لكنتُ صنعتُ لكِ تمثالاً و أخذتُ أتعبدهُ كل يوم! ”
إن يكن زمن الأصنام ولّى, فبأي زمنٍ نحن يا تُرى؟!
نحن عبيد معتقداتنا و ظروفنا .. عبيد الزمن و تقلّباته.. يسرقنا الوقت من أحلامنا .. من أمانينا , نرفض النزول إلى الواقع, نرفض الاعتراف بخطايانا , نصفّقُ لكل ذي شأنٍ, نغني حتى يسمع أديم السماء نجيع أرواحنا , و نرفص على وقعِ أوجاعنا ..
نزغرد معترفين بحبّنا , نبتهجُ باقلِ إنجازاتنا , نجعل من أبسط عطايانا تضحياتٍ و قرابينَ لمن نحب, ثم نحلف بكل مقدسٍ على صدق مشاعرنا و سمو روحنا ..
أخبرني مرةً بأن : “الحب هو اسمى شعور ممكن أن يصل إليه انسان”
صعدت درجات و قفزت فوق أُخريات , وصلت إلى الغيوم .. حلّقتُ معها .. جمعتُ نجوماً و نثرتُها على شَعري…
التمعت مقلتاه إذ غاصتا بليلي المنثور , رقصت معه فوق الغيوم رقصةً عشتارية, استشفيتُ صدق حروفٍ انبثقت من بين أنامله, لترسم شعراً ” قبّانياً ” على صفحات الورد , فاوصلني لما وصفه “أسمى شعور”…….
دخلتُ سراديب ذاكرتي , بحثت عن باقي أحلامي, فتّشت في تلافيفها عن سرٍّ .. عن سببٍ .. عن شيء أضعتهُ .. عن حقيقةٍ أجهلها.. عن شمعة حبٍ أضأتُها, فأطفأتها رياحُ النسيان في غفلةٍ منّي..
أبحث عن سبب لنزعة الجنون التي تنتابني , ارغب بحرق كل شيء, حرق الورود.. الأشجار.. الفراشات.. يجتاحني إحساس غريب بلذة كسر كل حلم و تحطيم كل أمنية….
أرغب بمصارعة موج البحر, و مخاصمة نور الشـمس …
كتبَ لي مرةً : سألتُ عنكِ في الليل
فأشرقتِ الشـمس..
ولو أني لم أُحبك اليوم
لمُـتُّ منذ الأمس…
لملمتُ خصلات روحي المشعثّة , و جلست خلف جدار الصمت, ألتقط بقايا أنفاسي المبعثرة, و أجمع شذرات أحلامي المكسّرة , و شظايا خيبتي في معركتي ” الدونكيشوتية”
ورحتُ أبحث عن وكرٍ لأفكاري و تخيلاتي الغريبة, عن حفرةٍ أدفن فيها حطام أوهاني الذي جمعته, و أمانيَّ التي ابتدعتها, ابحث عن وطنٍ بلا غربة… عن حبٍّ بلا وجعٍ …. عن قصيدةٍ ما فقدت قوافيها.. عن لحنٍ ما ضيّعَ موازينهُ.. عن طفلٍ ما سُرقتْ طفولتهُ… عن طفلةٍ ما اغتيلتْ براءتها…..
أبحث عن شخصٍ خارج حدود المألوف, شخص يمزّق القاعدة التي اعتدنا عليها . حيث نطبّلُ و نزمّرُ معترفين بحبنا , نحشد كل حروف الحب لنقدمها قرباناً لمن نعشق..
و حين نقرر التراجع , نطفئ القنديـل و ننسحب… بهدوء…. دون كلمة وداع … أو حتى دمعة فراق……….
أقف على صخرة بحجم أوجاعي . و أرفع يديَّ للسماء. أحلم… فأشعر بوجع الحلم و هو يصطدم بصخور الحقيقة, أصرخُ…. فيبتلعُ البحر سكوتي , أبكي……. فأستفيض مياهه , لتجرف قصور أحلامي الرمليّة…
أخاطب البحر.. أنزل إليه…. اضمُّ موجةً…. أبثّها عذاباتي… تضيقُ الموجة بي…. تفرُّ هاربةً من بين ذراعَي… تلتطمُ بحجارة الشاطئ… تتكسّرُ على يديه…..
يرتجفُ قلبي.. . و تقشعرُّ روحي….فأعاود رفع ذراعَي للسماء أبتهل إلى الله تعالى …
طلب مني ذات يوم أن أدعو له قائلاً :
” ادعي لي , لأن دعاء المحبين له مكانة عند الله..”
فتضرّعتُ لرب العالمين أن يحفظه من كل مكروه , صلّيتُ للكريم كي يفتح له أبواب الرزق مشرّعةً , ليقصّر الطريق بينه و بين من يحبها قلبه –كما كان يتمنى-
و بعدها……………..
استجيبَ لدعائي, حقاً لدعاء المحبّين مكانةٌ عند الله , فقد رزقه الله و منَّ عليه بعملٍ جيد, فتحسّنت أحوالهُ , و تزوج زميلته في العمل , و رُزِقَ بمولودٍ جميل..!!!!
# سفيربرس. بقلم : سنا هايل الصّباغ
من كتاب إلى آدم فقط