التحرش الإلكتروني أيضاً . ـ بقلم : ميّادة سفر
# سفيربرس

لم يعد التحرش مقتصراً على وسائط النقل والشوارع والأماكن العامة، بل وصل إلى البيوت والغرف المغلقة، ليخرج من شاشة الكمبيوتر أو الموبايل وسواه، فقد ظهر نوع جديد لا يستهان به، ولا يقل خطورة وإزعاجاً عن غيره، وهو التحرش الإلكتروني.
برغم المزايا الكثيرة التي أتاحتها تكنولوجيا المعلومات، والانتشار الواسع الذي شهدته في السنوات الأخيرة، وتعدد وسائل التواصل الاجتماعي، والازدياد الهائل في أعداد مستخدميها، إلا أن خطر التحرش يدهم حياتنا إن لم نتقن التعامل معها بالشكل الذي يضمن لنا الاستخدام الآمن والسليم.
يعاني مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي، بتعرضهم لأشكال مختلفة من المضايقات، بدءاً من إلحاح البعض على التعارف والدخول في أحاديث وثرثرة، وصولاً إلى قيام البعض من ذوي النفوس المريضة بالتشهير بالغير، أو إرسال رسائل مزعجة للطرف الآخر، كاحتوائها تلميحات بالرغبة في التعارف لأهداف جنسية، أو متضمنة شتائم ومسبات، أو التهديد والابتزاز، دون أي اعتبار للأخلاق والاحترام الذين يجب أن يكونا أساس التعامل بين البشر في الحياة الواقعية والافتراضية.
ما نسمعه من المحيطين بنا أو ربما ما تعرضنا له شخصياً، يدعونا للتساؤل عن أسباب حدوث التحرش الإلكتروني؟
سببّ الانفتاح الكبير الذي جاءت به شبكة الانترنت، من خلال سهولة الوصول للآخرين والدخول إلى خصوصياتهم في أي زمان ومكان، وإمكانية رؤية أمور ومواضيع كان يتطلب الحصول عليها وقتاً طويلاً، نوعاً من الصدمة الفكرية أو الثقافية أو حتى الاجتماعية، ولم يتمكن البعض من ضبط العلاقات الجديدة التي تولدت من هذا التطور التكنولوجي، لا سيما في المجتمعات المنغلقة، ولدى الأشخاص الذين يعانون من عقد وأمراض نفسية، فوجد البعض في الشبكة العنكبوتية ملعباً لتفريغ سلبيته وقذارته، والانتقام من الآخرين الذين لا يقدر على مواجهتهم في الواقع، حتى وصل الأمر ببعض الشباب إلى التشهير بالفتاة التي ترفض التحدث إليهم، بأساليب لا أخلاق فيها ولا شرف.
الأطفال والمراهقين الذين باتوا الأكثر إدماناً على الأنترنت، معرضين أكثر من غيرهم للتحرش الإلكتروني، لذا من واجب الأهل الإشراف بشكل مباشر على أطفالهم وبناء علاقة قائمة على الصدق والصراحة، تجنباً لأية عواقب سيئة، فضلاً عن أهمية التوعية في المؤسسات التربوية والأسرة حول الاستخدام الآمن لوسائل التواصل الاجتماعي.
تحاول معظم الشركات المالكة لوسائل التواصل الاجتماعي ك “توتير” و”فيسبوك” وغيرها، تأمين حد أدنى من الأمان لمستخدميها، ومكافحة التحرش والمضايقات التي قد يتعرضون لها، لكن علاج تلك المشكلة يكمن فيها نحن البشر، لأننا من يتحكم بالآلة ويسيرها، عندما نتمتع بالأخلاق الكافية لنحترم خصوصيات الآخرين، ونحافظ عليها، وندرك أن “فيسبوك” مثلاً ليس مكاناً للتعارف فقط واستجرار أحاديث لا طائل منها.
على الرغم من وجود بعض المستخدمين “جهلاً أو عمداً”، غير مدركين أهمية التطور التكنولوجي الذي لامس حياتنا، مصرين على استخدامه لأغراض دنيئة ومبتذلة وسخيفة، إلا أننا نربي الأمل بتحسن في الوعي والأخلاق وإيجاد علاج شاف لأمراضنا الاجتماعية المستعصية.
# سفيربرس ـ بقلم : ميّادة سفر
الصباح العراقيّة