إبنة العـــقيد ـ بقلم : المثنى علوش
#سفيربرس

إبنة العقيد …
دللت نفسها نجيبة بخمسة أقراص متتالية من الكبة المصنوعة من اللحم و البطاطا و الكثير من الشحوم و الدهون .. على ان تتبع ذلك بعدد زوجي من التين و الدبس بقصد التحلية .. و ارتدت فستاناً فضفاضاً لأن حركتها باتت قليلة و ضاقت معظم ملابسها خلال الاشهر الفائتة..لكنها تشعر بأن والدها سيقوم بالمستحيل لتكون أجمل صبية في القرية.. دون أن تضطر لقطع شهيتها.. هكذا تعتقد .
تقول الشائعات في القرية ان نجيبة تقصد دار عمتها روعة و تتزين هناك لانها لم تتعلم بعد طرق العناية بالوجه و الشعر فهي تعتبر الفتية الاولى عند أبيها صفوان ابو ظهر العقيد المتقاعد منذ سنة تقريباً ..و قد كبرت نجيبة فجأة دون ان يشعر بذلك .. و مما زاد شغفه بها هو هذه التغيرات التي لم يستطع اللحاق بها و مواكبتها أيام كان على رأس عمله ..فقرر إشغال أيامه المتبقية للعناية بنجيبة و صحة نجيبة كما يبدو.
الجميلة عادةً تتخذ لنفسها حيزاً في المنزل تشعر من خلاله ببعض التملك لشيء ما و لو كان غير واقعي .. إلا نجيبة..فالمنزل يضج بمقتنياتها و كركبتها التي بقيت منذ الطفولة كنتيجة حتمية لفوضى الدلال المتقطع .. دمية ..ربطة شعر..خواتم و أساور رخيصة من البلاستيك او النحاس .. و مع هذا الانتشار الفظيع لم تحاول بعد التركيز على الاشياء المهمة و فرزها .
يقول العقيد المتقاعد :
“لم استطع تقبل فكرة أن نجيبة ستختار بيني و بين حبيب القلب صعلوك الحي أبو شعر مجذّب .. هذا الولد يشعرني بالغثيان ..آهٍ لو أنه خدم في وحدتي العسكرية لقصصت له شعره و مردغت وجهه بالوحل و التراب على مبدأ الزيت و الزعتر..لكنه نجى مع كل أسف.”
انتظر العقيد ست ساعات متواصلة الى ان وصلت نجيبة المنزل بحلة غريبة بعد ان قامت عمتها برسم وجهها من جديد بكل ما لديها من روج و مسكرة و ملونات فظة .. حتى أن العقيد ارتعد و احس أن جارته دخلت فجأة ..لكنها نجيبة ..نعم نجيبة بكل تأكيد….
أسرع مهرولاً و احتضنها و راح يبكي بكاءً جافاً لا يمكن تمييزه إلا من خلال الأنين و كأنه يودع حقبةً من حياته معبراً عن رفضه لشكلها الجديد و توجهاتها على حد سواء .. و كالثور هاج صفوان مبعداً نجيبة عن صدره .
حلت اللعنة على نجيبة و قرر العقيد استخدام المقص لتشويه شعرها المنسدل .. و مما تبقى من الشعر جرها الى فناء المنزل و قام يتمريغ وجهها بالتراب و الوحل و الحصى على مبدأ الطماطم بالبيض العفن.
#سفيربرس _ بقلم: المثنى العلوش