قد لا يفــــتحه مجــــدداً ـ بقلم : ســـــعاد زاهـــــر
#سفيربرس

لا يستطيع أن يقاوم رغبته في فتح الباب، لا يلوم زوجته إن فقدت ضحكتها، هو بالكاد يحتفظ بعقله، أغلق الباب بهدوء ركب سيارته ومضى باتجاه أقرب طبيب..
اوجاع ظهره تكاد تقتله..”هذا ماكان ينقصني” ، يقول في سره وهو يضع كمامة طبية ابتاعها من أقرب صيدلية…تناول هاتفه يجري كل اتصالاته المؤجلة، ما إن اقترب من عيادة الطبيب حتى بدا المساء لطيفاً نسمات افتقدها في هذا الصيف الحار..
المتسول الذي حاصر سيارته منذ بعض الوقت، رق قلبه له، وهو يتذكر أولاده، سرعان ما أدار وجهه وابتعد …حين وصل إلى العيادة الصغيرة بدا واضحاً أن لا أحد مهتم بالكورونا..هل أوجاع ظهرهم أقوى من مخاوفهم…؟!
الخوف من الفيروس اللعين، منعه من الجلوس، ما إن انتهت معاينة الطبيب التي أقرت بوجود ألم وترهل والتصاقات في ظهره سببها جلوسه الطويل يعجن الأفكار ويخبزها ليتذوق لقمة عيش لم يهنأ بها يوماً…!
غادر العيادة ممتناً، بعد أن تلمس كل هذا الضجيج المسائي لألم بشري لايهدأ ونحن على قيد الحياة، انطلق باتجاه أحد الاسواق محاولاً أن يتذكر كل ما طلبته زوجته، بدا جولته المعتادة في السوق …اشترى من أول بائع صادفه، محاذراً الاقتراب ضاحكاً في سره وهو يرى الكمامات تتناثر على الذقون والأفواه والرأس…
حين غادر لم ينتبه إلى المبلغ الكبير الذي أنفقه على مشتريات لن تكفي سوى بضعة أيام كان ذهنه منشغلاً ..بجلسات العلاج الفيزيائي..وبكيفية الحصول على أدويته…
لم يتمن شيئاً قدر نزع الكمامة وهو ينقل الأغراض إلى السيارة، بينما تتساقط حبات العرق هاربة من تحتها.. اختار أن يضع الأكياس فوقها.. بينما تمسك يده بهلع بالمفتاح، قائلاً في سره.. أضحى ملوثاً بالتأكيد..
بينما يدخل سيارته مترنحاً يتحدث كأنه يفاوض نفسه: “أنا القادم قبل بضعة أيام.. من عمل جنيت منه بعض المال.. أصاب بكل هذا الأنين.. فما بال المكبلين بضيق الحال؟”، شق طريقه وسط الزحام، وما إن أصبح باتجاه الربوة.. حتى أمسك هاتفه.. أتاه صوتها مرتبكاً، متفاجئاً.. لم يدرأهو سبب ارتباكها.. أم صراعه مع كل هذا الإنكار لأبسط حقوقه في الحياة..؟
أغلق باب سيارته عائداً… هاهو يهرع إلى منزل انتظر دخوله منذ حوالي العام.. هذه المرة فتح الباب.. وأغلقه ولديه رغبة ملحة ألا يعاود فتحه مجدداً..!
#سفيربرس ـ بقلم: سعاد زاهر