إعلان
إعلان

ابن الزانية _ بقلم : المثنى علوش

#سفيربرس

إعلان

“أنت في المكسيك يا إيتّو، لا يمكنك شراء البلّونات كباقي الاطفال، عليك اجتياز الشوارع هنا بالنظر الى أعلى، إذ لربما كان أحد زبائن والدتك ينتظر العبور .”

لكني في ذلك الوقت كنت أستمع لحديث بيرلو الساخر، و أعدا نفسي بالرد المناسب عندما أكبر.
مرت سني عمري و أنا أنظر إلى أعلى، خوفي بات من صميم تربيتي . لا أمل لي بالعودة طفلا مرة أخرى. كل ما يمكنني فعله هو تلمّس الارض و البحث عن المتاعب التي أورثني إياها والدي .
كان يعمل والدي بالتنقيب عن الذهب خلف جبال كوانديرانا شرق البلاد، حيث توفي هناك و لم نعثر على جثته بعد أن انهار الجزء الصخري من الجبل و قد دفن تحته حتما . هكذا قال لنا السيد فيروني مشغله الايطالي الجنسية .
كل ما كسبه من عمله لم يتجاوز الالفي دولار أرسلها الى والدتي بعد سنتين كاملتين من العمل المضني تحت أشعة الشمس، تمكنت خلالها أمي من شراء هذه الغرفة التي أقطن بها مع باقي اخوتي الجياع بالفطرة .
كانت أمي أشبه بأنثى النسر عندما تعود الى المنزل حاملة معها بعض الجزر و الخبز، فترى افواهنا تفسخت و بدأنا بالنهم .
لم أكن اعلم بالضبط كيف كانت أمي تأتي بالطعام، و لكني و إخوتي كنا ممتنين جدا لتلك الطيبات في آخر النهار .
أصبحت الان في السابعة و الثلاثين، أمتلك متجرين و فندقا سياحياً على الشاطئ في ريفييرا مايا.
تحولت من صغير داشر الى رجل بالالوان و الذهب . عندما أدخل المنتجع الخاص بي تزحف من حولي نصف فتيات مكسيكو بقصد القاء التحية فقط، و انا طبعا أرد بكل سرور . لا فرق بينهم و بين والدتي السيدة بيرلا سوى ان ظروفهن أفضل بقليل، و كان الحظ حليفهن في العمل تحت إدارتي.
لست أبالغ لو اعتبرت ان كل فتيات الليل أمهات لنا بغير عنوان، فهذا الامر يحدث طبيعيا طبقا لدورة الحياة و قانون التقمص الذي تأكدت منه رسميا .
بيرلو المتوحش العجوز مات، و أمي ماتت، و أولئك الزبائن الذين يعبرون من الاعلى ماتوا هم كذلك . اجتياز الشارع بات اصعب . انا أنظر الى الخلف الآن. الشر سيأتي من هناك حتماً.

#سفيربرس _ بقلم:  المثنى علوش 

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *