إعلان
إعلان

كتب الدكتور عدي سلطان ..إلا الحماقة أعيت

#سفيربرس

إعلان

أصبت بالدهشة صباح اليوم، وأنا أقرأ تصريحاً لأحد “بياعي الحكي” من بلطجية الاقتصاد، وقد وصفته بالنفاق بالوقاحة في نفسي، إذ عادت بي الذاكرة إلى نفس اليوم من العام الماضي فوجدت كلامه يتناقض تماماً مع أدلى به اليوم من تصريحات، فقد كان العام المنصرم ينتقد أداء أحد المسؤولين ويطالب بتعديل القوانين والتشريعات لدرجة جعلتني أظنه “أفلاطون”، واليوم يدافع عن أحد القرارات المالية التي اتخذت مؤخراً بطريقة معاكسة ، والسبب ببساطة أنه كان بعيداً عن القرار، لكنه قد كلف قبل فترة بعمل بسيط في إحدى اللجان التي كثرت هذه الأيام بلا فائدة ترجى سوى “التطبيل والتزمير”.
لم ينه دهشتي إلا اتصال هاتفي تلقيته من أحد الأصدقاء الذي أخبرني بان أحدهم ممن تم خلعه وإعفاءه من إدارة إحدى المؤسسات، قد تقدم بطلب إجازة طويلة الأمد، بعد أن تعكر صفو عيشه الذي كان قد لذ وطاب خلال السنوات الثلاثة الأخيرة، وعاث في الدنيا فساداً وحقداً وكيديات، أما اليوم فقد أصبح ناقماً على واقع مؤسسته، وشاتماً لمن كان يدعوهم “تاج راسي، ولحم اكتافي من خيرك” على حد قول ذاك الأزعر.
إنها جوقة الحمقى المطبلين والمتسلقين، وهم جماعة في كل وزارة أو إدارة، شغلهم الأساسي، الإبداع في التطبيل والتزلف، هؤلاء المطبلون لو يستخدمون جزءا من إبداعهم في التطبيل، في عمل الوزارة أو الإدارة لتحسنت المخرجات وكانت النتائج لصالح الوطن في النهاية، وهؤلاء أول من ينفض وينقد المسؤول بعد إعفائه، ويستعدون بالتحمية والتطبيل للمسؤول الجديد، ويستعدون لعزله عن محيطه كي لا يعرف الطيب من الخبيث، فيصورون له الواقع وردياً رغم المشكلات، وفجأة يسقط على وجهه بعد الإعفاء من منصبه.
هؤلاء “الخزمتجية” هم أصحاب العداوات ونظرية المؤامرة. فكل من ينقد حتى لو كان نقدا واقعياً، هو عدو أو يبحث عن مصالح، فيزرعون في ذهن المسؤول أفكار نظرية المؤامرة، وأن هؤلاء أعداء النجاح ولا «تعطيهم وجه… إلخ»، فيصمّ أذنيه عن كل نقد، ويعتقد أنه أتى بما لم يأت به الأوائل، ثم ينزل عليه الإعفاء كالصاعقة، ويدخل في حالة إنكار، لماذا أُعفي؟ وأنه كان أفضل مسؤول؟ ويبدأ من حوله يصارحونه بالحقائق، وأنك «خربت الدنيا…»، ويكون فات الفوت!
في النهاية، لا أجد ما يهمني من كل هذا الكلام إلا مصلحة وطني الذي يستحق أن نعمل لأجله بجد، خاصة وأننا أمام تحديات كثيرة خلال الفترة القادمة، وهذه التحديات يجب أن يكون لها رجالها، ولا أتردد في التذكير بما أشار إليه السيد الرئيس بشار الأسد من دور مهم للإعلام في التعامل مع القضايا المحلية والإقليمية بكل مهنية وموضوعية، وضرورة تطوير أدواته لتواكب التطور الحاصل في المشهد الإعلامي، لضمان سرعة الاستجابة في تقديم المعلومات، وبما يسهم في تعزيز الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة.
المسألة سهلة، لنبعد الحمقى من الالتصاق بالمسؤول، فلا فائدة من علاجهم، لأن الحماقة أعيت من يداويها، ولنتعامل بالنقد الهادف والبناء، وهذا ما أشار إليه قائد الوطن السيد الرئيس بشار الأسد خلال الاجتماع الذي عقد في مقر رئاسة الوزراء بأن “الخطوة الأهم على طريق بناء تواصل فاعل مع المواطن هي الشفافية وتزويده بالمعلومة إن كان حول الأزمات والحالات الطارئة التي تواجه الحكومة ولها تأثير مباشر على حياة الناس أو التي يمكن أن تساعد الناس على فهم عمل الحكومة والمؤسسات الرسمية”.
فلا بد من إيجاد آلية جادة تساهم في توضيح الصورة للمواطن بشكل صحيح، لا بتصريحات واجتهادات تزيد الطين بلة، وقد بين السيد الرئيس ضرورة ذلك فقد شدد على أن ضعف التواصل وعدم النجاح في التسويق الصحيح لعمل مؤسسات الدولة والعمل في إطار فردي أسهم في تضخم صورة الأزمات التي تسبب بها وخلقها أعداء الشعب السوري على الأصعدة كافة ولا سيما العسكرية والسياسية والاقتصادية وهنا تكمن أهمية وضع آلية تواصل تسمح بوضع المواطن في صورة السياسات التي تنفذها المؤسسات الرسمية في مواجهة الأخبار المغلوطة أو غير الصحيحة”.
الآن وقد اتضحت الصورة، وحسمت المواقف، فقد حان الوقت لأصحاب القرار ومن يحملون المسؤولية من ((إعلاميين))- وأركز على كلمة إعلاميين- وأكاديميين ومهنيين ومثقفين لكي يستخلصوا الدروس والنتائج، فالعبرة دائما بالنتائج!
والله الهادي إلى سواء السبيل.

#سفيربرس _بقلم:  د. عدي سلطان
إعلامي وباحث في الاقتصاد والعلاقات الدولية

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *