إعلان
إعلان

المثقفون والمؤسسة الدينية..بقلم : زياد غصن

#سفيربرس

إعلان

طوال الأيام القليلة الماضية، وجزءٌ مهم من حديث النخب الثقافية في سورية يتمحور حول مستقبل المؤسسة الدينية ودورها….

فهناك نخب تتخوف من إمكانية حدوث تدخل كبير لرجال الدين في الشأن العام يصل حد التأثير على الحريات العامة ويوميات البلاد، وهناك نخب أخرى يذهب خوفها إلى أبعد من ذلك… إلى الهاجس المرعب المتمثل في إمكانية سيطرة المؤسسة الدينية على الدولة، من خلال اتساع نفوذ منتسبيها داخل مؤسسات الدولة والمجتمع.

هذه الهواجس تبدو مبررة لسببين:

-السبب الأول محلي، تلخصه مجريات سنوات الحرب التسع الماضية، وما كشفته من انتشار مخيف للتطرف والتعصب الديني، بدليل ما شكله حملة الجنسية السورية من التركيبة العددية للمجموعات الإسلامية المتطرفة والجهادية التي سيطرت على مساحات واسعة من البلاد خلال فترة ما، قدمت فيها صورة سلبية جداً عن الإسلام وتعاليمه.

-والسبب الثاني خارجي، ويتمثل فيما خلصت إليه بعض الدول من تجارب أليمة في هذا السياق، جراء تغاضيها عن المد الديني كالجزائر ومصر وأفغانستان مثلاً، والتي دفع فيها المجتمع بمختلف فئاته وشرائحه أثماناً باهظة، وتحديداً الفئة المثقفة التي كانت تُكفَّر… لا بل وتُقتَل أحياناً.

لهذا، فإن الحوار بين المؤسسة الدينية والنخب المثقفة في سورية، يبدو ضرورياً في هذه المرحلة، فمن جهة يمكن لكل طرف أن يوضح للآخر موقفه ووجهة نظره وهواجسه بعيداً عن عملية التجييش وتعبئة الرأي العام. ومن جهة أخرى يمكن للدولة الإفادة من هذه الحوارات، إما بوضع بعض الملفات تحت الضوء أكثر، أو بالعمل مع الطرفين لصياغة برنامج وطني، لدعم الأفكار والرؤى المشتركة وترويجها شعبياً بما يدعم قوة الدولة وهيبتها.

لكن… ما هو رأي المؤسسة الدينية بما يتردد من هواجس مجتمعية؟

في حوار جرى مؤخراً مع مجموعة من المثقفين والمهتمين بالشأن العام، لا يرى وزير الأوقاف د. محمد عبد الستار السيد ما يؤيد تلك الهواجس على الأرض، ويستعين على ذلك بالدلائل التالية:

-وزارة الأوقاف هي إحدى مؤسسات الدولة التي تتولى تنفيذ استراتيجية الدولة في مجال عملها، وتالياً فإن كل الأنشطة والمناهج والكتب الصادرة عنها أو عن مؤسساتها ومعاهدها تصدر بموافقة رسمية، وهي بذلك ليست مرجعية لأحد… ولا يمكن أن تكون كذلك مستقبلاً…

– صدور قانون وزارة الأوقاف الذي نظم العمل الديني في البلاد، ومنع استغلاله من قبل البعض كما كان يجري سابقاً، بحيث باتت هناك قواعد ومعايير وشروط ناظمة لممارسة العمل الديني، لا سيما فيما يتعلق بأئمة المساجد وخطبائها والدعاة، إضافة إلى إحداث المجلس العلمي الفقهي ليحل محل مجلس الإفتاء، وغير ذلك.

-يجزم الوزير بحقيقة أنه ليس هناك شيء اسمه الدولة الدينية، ولا يمكن أن تكون هناك دولة دينية، وما يردد في هذا المجال أحياناً يعتبره الوزير مجرد “تخاريف” لا أساس لها من الصحة.

-ابتعاد رجال الدين في سورية عن التكفير، لا بل إن هذه الكلمة غير موجودة لديهم، انطلاقاً من قناعة وفكر وإيمان، فضلاً عن أن التفسير الذي يتم العمل على إنجازه يقدم إسلام بلاد الشام المعتدل والمتسامح على حقيقته…

هذا الكلام لوزير الأوقاف قد يطمئن البعض… وقد يجعل البعض الآخر يطرح تساؤلات إضافية سعياً نحو مزيد من التيقن. فالمطلوب هنا ليس أن يقنع كل طرف الآخر، وإنما أن يتبادلا حواراً شفافاً ومسؤولاً، انطلاقاً مما قاله وزير الأوقاف، ويحسب له، أن انتماءه الوطني قبل انتمائه الديني.

ومع ذلك، فلا تزال هناك محاور كثيرة للنقاش منها مثلاً…

-لماذا كل هذا القلق لدى المثقفين من حضور رجال الدين في المجتمع، وما طبيعة الدور المضاد الذي يمكن أن يؤديه المثقف السوري اليوم؟

-ما مسؤولية الطبقات المثقفة والفكرية والدينية في تشويه مصطلح العلمانية، وكيف يمكن إعادة تسويق المفهوم الصحيح له؟

-كيف يمكن لوزارة الأوقاف كمؤسسة أن تملأ الفراغ الموجود في المجتمع، والذي تشغله اليوم تيارات دينية أخرى غير رسمية أو غير معلنة؟

-هل لدى الدولة مشروعاً موازياً لإعادة إنتاج مؤسسات ثقافية وفكرية فاعلة تكون قادرة على الإسهام الحضاري في إعادة بناء وعي الإنسان السوري وفتح جسور الحوار الفكري والحضاري؟

– تُصور المؤسسة الدينية أثناء الحديث عنها اليوم، كما لو أن منتسبيها وأعضاءها على سوية واحدة من الاعتدال والتسامح والانفتاح…. في حين أن الواقع يظهر أن هنالك اختلافات، وهذا ربما أحد مكامن الخوف من أي دور للمؤسسة في المرحلة القادمة؟ ثم من المهم الوقوف على العلاقة الداخلية في المؤسسة؟

#سفيربرس _ بقلم:  زياد غصن 

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *