دعني أقبلْ اسمكَ ليندى فمي بالعطر لتبقى موطنا يعشقه الأبد ..في فعالية شعرية جديدة لفرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب
#سفيربرس _ ماجدة البدر

تعدُّ الكلمة هي اللبنة الأولى لأي عمل أدبي، تتنوع أغراضها وتتعدد أساليبها، تبرز الكلمة مهمة وأساسية في صياغة كل موضوع، وتتألق كلألئ البحر في القصائد الشعرية، فقوام الشعر (لفظاً وإيقاعاً) هو اختيار الكلمة المعبرة والصادقة، التي تؤدي الدور الأبعد في تحقيق الإيقاع، وتؤمن الجرس الموسيقي الملائم للإيقاع الشعري.
أقام فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب في مقره الكائن بدمشق، يوم الثلاثاء 16/3/2021، بحضور هيئة الفرع، د.إبراهيم زعرور، أمين السر، ود.إبراهيم سعيد، أمين الصندوق، وجمهور واسع من الشعراء ومحبي ومتذوقي الشعر فعالية شعرية شارك فيها نخبة من خيرة الشعراء وهم: (يحيى محي الدين، هيلانة عطا الله، غدير اسماعيل، أمل مناور، منصور سلمان)
مكائد النرجس والشاعر يحيى محي الدين..
من قرية نبل التابعة لمحافظة حلب في الشمال السوري قدم إلينا الشاعر يحيى محي الدين، حيث الطبيعة الساحرة، والجبال الخضراء التي تمتلئ بالحب، درس العلم والأدب والثقافة والحب في مدارسها وحقولها، كانُ يستيقظُ باكراً مع زقزقة العصافير، سعياً للعلم والمعرفة في مدارس حلب سيف الدولة، منجبة المفكرين والعظماء عمل في سلك التعليم عدة سنوات، ونتيجة للأحداث التي عصفت بسورية، ونبل خصوصاً، اضطر للانتقال إلى مدينة دمشق والإقامة في السيدة زينب، له العديد من المقالات الأدبية والنقدية والقصة والشعر المنشورة في الصحف المحلية والعربية
من مشاركته نقتبس:
مكائد النرجس
فكتْ / أزرار قميص الغيم / سقطتْ قبلٌ
من ليل حدائقها / شيء ما يباغتني / ويرمّم همس الغيب
بمكائد نرجسها / شيء يتدثّر بالريب / ويرتّب قبل النوم
حلماً / فأنام / بحضن وساوسها / أثري عبث السكنى
بأريج الوقت / أسائل بوح أناملها / مَنْ سوسنَ غصن القلب
بمرايا الذكرى / من أغرى / شهقة صمتي
بسلالة شوقٍ أخرى / ما زلت أقضّ / مضاجع نبضي
أكمل سفر الروح / ببعض دسائسها / ما زلت
أنادم فعل السرد / في ليل المعنى / إذ تبدأ أقمار الورد
تشكيل ملامسها / فكّتْ / أزرار قميص الغيم
نهضت أسماء الشهد / من بين ملابسها
ومن مشاركته – عام آخر – نقتبس
( كأن الريح تحتي ) والفارس يرحل / في أرجاء الصوتْ
وكأني أنام على / خيلي / في الصدى /يا قلبي الطالع /
من أخدود الصمتْ / فإذا ما رأيتَ / الندى مولعا
بالوهم / والسدى قصبٌ / وغابت أسئلة الوقتْ / لا تبرحْ جسم
السرد/ والشعر ينادم / أسفار النرد / لا ترثِ منام الوصل
بوسادة صحوٍ / أو تكسر غصن الورد / لا ترسم معنى للمعنى
في هذي اللحظة / أو تثري / ألوان الطيفْ
فالأبيض يلعب/ كالأسود ثم / يداهمنا / في لوحة هذا الزيفْ/
لكأنّ العمر يقلم / أشجار اليأس / على مرمى
عامٍ ميْتْ / ماعاد الحبّ يباغتنا / قد نبني
جدران الحزن / أو نغري جدران البيتْ. / …
ومن مشاركته : / فضة المعنى /
يا ندى الليلِ / سلّمْ على طفلةٍ / من غمامْ
صوتها ليلك / صمتها ما يقول الحمامْ / ينسج الليل عاطفتي
وكمنجات الماء تصحو / على ساعدي تارةٍ / وتنامْ /
والروح تشكّلها / أزهار الشوق / إذا العطر هاتفني
في مرايا الظلامْ / يا مدى الليلِ / سلّمْ على طفلةٍ
تعصم النبض / من خطأ النبض / يا واهباً قلبي
أسرار الغرامْ / لملمَ الزنبق المخفيّ / أغاريده
حين راوده / في الدجى / إبريق الرخامْ / يا وارثَ عن ياسمينٍ /
تباريحه / زدتني وجداً / إذ رأيتك للتوّ بين حروف الكلامْ
سلّمْ يا ليل / على طفلةٍ / داعبتْ فضة المعنى
ورأتْ ما رأت / في المنامْ / أنّ العشق يأسره الزهر
ثمّ ينادم قلبي / بمسك الختامْ /
***
دعني أقبلْ اسمكَ / ليندى فمي بالعطر والشاعرة هيلانة عطا الله
وهي شاعرة وناقدة في آن معاً. عضو اتحاد الكتاب الفلسطينيين، وعضو اتحاد الكتاب العرب، مقرر جمعية الشعر في اتحاد الكتاب العرب في سورية، لها سبع مجموعات شعرية مطبوعة وأكثر من خمسين دراسة نقدية لأعمال شعرية وروائية منشورة في الدوريات المحلية والعربية، كما أنَّ لها ستة أعمال بالمشاركة منشورة في الوطن العربي وفي إيران. ترجمت معظم قصائدها إلى اللغة الفارسية، ولاقت رواجاً في الوسط الثقافي الإيراني، كتبت مقدمات لدواوين عدد من الشعراء، وشاركت بعدة لجان تحكيم للمسابقات الثقافية والشعرية.
تم تكريمها من قبل جهات رسمية وأهلية في كل من سورية والأردن وإيران،
من مشاركتها نقتبس: (حبٌّ خرافيٌّ)
لشــاعريَ الأثيرِ بهاءُ حرفٍ / كما الداناتِ يطلقُها المحـــارُ
رهيفٌ في البيــانِ إذا تجلّـــى / بوجدٍ صارَ للضوءِ انشـطـــارُ
يغازلُنـــي فتنهمرُ السـواقي / نضاراً من غواياتي يغـــارُ
فأحببْني كموجٍ فيــكَ يعــدو/ أليستْ تعشقُ الموجَ البحارُ ؟
سـأحلمُ بالخرافةِ إنَّ حلمـــي / على مرآةِ روحِكَ يُسـتثــــارُ
فتحملُــهُ الحقيقــــةُ في ثــوانٍ / إلى عينيكَ والرؤيا اخضرارُ
أنــــا أنثى أغنّيــكَ ابتهاجــاً / وهطْلُ الغيمِ في لحني يحــارُ
وفي صمتي هسيسُ النخلِ يصبو / لــهُ مـــا بينَ جنبيـــكَ انهمــــارُ
أنــا أنثى إذا اشـتعلَتْ طقوسي / جنونـــاً يحتمـــي فيـــكَ الأُوارُ
أنــا أنثى وتســـكنُني حيــاةٌ / بعمْرِ الوردِ والعمْرُ انحسـارُ
ولكنْ في كلينــا ربَّ عشــقٍ / ســينقشُـهُ على الفلكِ المدارُ
وينثــــرُهُ حكايــا مِـــنْ جُمــانٍ / على الحرمانِ فالعشقُ انتصارُ
وُلِدْتُ من الأســاطيرِ الخوالي / وفيكَ اليومَ يكشـــفُني النهـــارُ
***
ومن نص * حذاري * نقتبس:
أتــأتي بعدمـــا مــاتتْ بِصمْتٍ / عصافيرُ القصيدةِ في حقـولـي ؟
وجفَّ الخمرُ تندبُــهُ الخوابــي / كغيــمٍ عـــاقرٍ دونَ الهطـــولِ
أ تأتي في زمـانِ الجرحِ مِلحاً /لتذرو الملْحَ في آنــاءِ ليلــي ؟
تبــوحُ مجـــدَّداً بالحـبِّ لــكنْ / هواكَ غدا طيوفـاً في الطُّلولِ
أنا يـا صاحبي قد كنْتُ معنىً / بلونِ النـارِ في جفنِ الأصيـلِ
وكنتُ على تخومِ النجمِ برْقــاً / إذا وافَيْتَني وهمسْتَ لي .. لي
بذاكَ الحبِّ أو بعضِ اشـتيــاقٍ / فتزهو الأغنياتُ على صهيلي
مراهقـــةٌ ظنونــــي مثلَ نهـرٍ / تدفَّقَ في متاهـــاتِ الذّهـــولِ
وكمْ حارَتْ تضاريسي بطقسٍ / بِـــآنٍ يحتوي كلَّ الفصــولِ !
بجرحي كنْتَ تسـتفتي مواتـي / أيــا جــانٍ علـــيَّ بلا دلـيــــلِ
فكيف اليــومَ تأتي مثلَ خِــلٍّ ؟ / أيـــا عجبــاً لذيّـــاكَ الخليــلِ !
حذاري إنني قد صِرْتُ ريحــاً / حبيســاً في زنــازينِ العويــلِ
تدورُ رحى العواصفِ خلفَ صمتي / فلا تقرَبْ حـمـــاقـــاتِ الســيـــولِ
***
ويبقى الوطنُ هو الهاجسُ الأكبر لأي شاعر محبٌّ لوطنه.
ومن نص * رسالة إلى وطني * نقتبس:
يا آخرَ الظمأِ أنتَ / يا وجهَ الغيمِ الطاعنَ في الملحِ /
وقلبي الغارق في لجة الخثر / أمسى أعمقَ من وريدِ نهرِكَ
في مواسمِ الجفاف/وأنا الراسخةُ في ابتكارِ اسمٍ جديدٍ
للحياةِ على ذمّةِ الممات / سيبقى دمعي ساجداً
لذبولِ بنيكَ/ حتى تُفْرِعَ الطفولةُ فيكَ / ثورةَ أشجارٍ/
وأناشيدَ / تزيحُ غبارَ المدن/ أنت لست حرفاً
في زوايا الكتب المنسية/ أنت انفجاراتُ العشق / حين لا رجلَ سواك
وأنتَ نسيسُ الدفءِ / حين لا مأوى سواك / وأنتَ الناصيةُ العليا
حين لا ثائرَ سواك/ وأنت صلاةٌ النسك /حين لا كعبةَ سواك
وأنت الحياةُ ، الحياة / حين يتدلّى حبلُ المشنقةِ / مخذولاً عند قدميك
دعني أقبلْ اسمكَ / ليندى فمي بالعطر /دعني أسكب صلصالك
في يقظة الزمن/ لتبقى موطنا / يعشقه الأبد
***
غناءٌ لسنبلةٍ مضَتْ والشاعر غدير فائز اسماعيل
*ولد الشاعر غدير فائز إسماعيل في مدينة دمشق (31\1\1982)، انتقل مع أسرته إلى مدينة حلب الشهباء ودرس الحقوق في جامعتها، ثم عاد إلى حبيبته دمشق ليدرس حبه الأول (اللغة العربية والدراسات الإسلامية)، وهو الآن يحضر لمناقشة رسالة الماجستير في قسم اللغة العربية تخصص (دراسات أدبية في الأدب العربي الحديث)، يكتب الشعر الموزون بقسميه التفعيلة والعمودي … نال العديد من الجوائز من أهمها المركز الأول في مسابقة الإبداع الشعري للقصيدة الوطنية لعام 2014 المركز الرابع في مسابقة الشارقة 2014، المركز الثاني في مهرجان الربيع الأدبي للموسم الخامس، وجائزة الشاعر عمر أبو ريشة لعامي 2013 و2021.
من مشاركته نقتبس:
غناءٌ لسنبلةٍ مضَتْ.. ما عادَ قمحُ الأرضِ يعنيني
فقدْ أعطانيَ الرحمنُ خبزاً من سناهْ
تَنُّورُهُ / لحظاتُ قُربِكِ مِنْ خلودِ الوقتِ / في عينٍ تمنَّتْ أنْ تَراهْ
فرأيْتُ في نَومِي تفاصيلَ الحضورِ سنابِلاً جفَّتْ / وفارقَتِ الحياهْ
جوعٌ صباحِيْ دونَ عدلِكِ / لا مخازنَ تشتهِيْ لشتائِهَا
خمرَ الجباهْ /عتمٌ حياتِي دونَ نورِكِ /لا يكافئُني الزَّمانُ بشمعةٍ
تَمحُو أذاهْ / يوماً فيوماً / كانَ دربُ عبورِنا قلقاً
وكانَ وضوحُهُ / يُرخِيْ دُجاهْ /وقصدْتُ في أُفُقِ المجازِ
أَرى غدِي / فدُهِشْتُ مِنْ فحوَى غيابِكِ عن مَدَاهْ
كمْ خانَنِي مَعْنَايَ / في شكلِ الهوى / شكلٌ تمرَّدَ
لا يحدِّدُهُ اتِّجاهْ / أنا غايةُ الإعجازِ / قدْ أعجَزْتِني
ففلَقْتُ فيكِ البحرَ / أسرجْتُ المياهْ
وأنا المتيَّمُ بالرحيلِ / تمرَّدَتْ طُرقِي / وأغْلَقَ كلُّ دربٍ منتهاهْ
أُقْعِي على الطُّرقاتِ / عُقْبَاً مُطْفَأً / لمْ تشتعلْ يوماً
قلوبٌ مِنْ لظاهْ / نزَّلْتِ / معناكِ الربيعَ على فمِي
فأذابَ ألفاظِي بشيءٍ مِنْ شَذَاهْ/ وعَلا /على الإيقاعِ في إيقاعِهِ
وسما / عن التشبيهِ في أدنى سماهْ / فعزفْتُ عنْ سرِّ البيادرِ
في دَمِي / وعزفْتُ ألحانِي / برجعٍ مِن صداهْ
يجتاحُنِي النهمُ الخفيفُ لِمَا مضَى / فأُرَدُّ في جوعٍ
تَكَالَبَ عن حِمَاهْ / كُنْتِ الكنايةَ / في فصيحِ سرابِنا
وإليكِ أوْمأَتِ المياهُ / بلا انتِبَاهْ / فصنَعْتِ لي بستانَ أحلامٍ
مُبَعْثَرَةٍ / وجدَّدْتِ النبوءَةَ في ثَراهْ / غمَّازَتانِ
تشكِّلانِ قصيدةً / ما أعلَنَتْ فيها يتيهُ على سواهْ
ويدانِ / يَخْتَلِفُ الدُّعاءُ إليهِما / وينامُ مُرتاحاً
إذا تَعِبَتْ خُطَاهْ / عّقَدَتْ /رُؤى الحنَّاءِ
عَقْدَ خِضَابِهِ / وسنابلُ الأيَّامِ / شبَّتْ في كَرَاهْ
يصفرُّ لونُ الحلمِ إذْ أرنُو لهُ / ويعودُ مُسْوَدّاً
إذا صدَقَتْ رُؤاهْ / لمْ أدرِ /ما أخفاهُ أمسُ مجاعَتِيْ
وجهلْتُ مِنْ شبعِي بوجْهِكِ /كلَّ آهْ
ويقولُ لي أثرُ الطحينِ على يدِيْ / كلَّ الحقيقةِ
كيفَ أجهلُ ما حكَاهْ؟!.
***
ومن مشاركته (عَمَاء ) نقتبس:
رنَّ الهاتفُ / فانطفأَتْ ذاكرةُ الوقتْ / كنتُ قريباً
أتأمَّلُ سربَ الضجَّةِ يغزو البيتْ / أتأمَّلُ ……..
كيفَ انتشرَ الرعبُ دوائرَ / في فنجانِ الشايِ ……..
وصحنِ الزيتْ ! / كنتُ سأبدأُ بالطبَقِ اليوميِّ وحيداً
أُنعِشُ أنفي بالرائحةِ المضيافةِ من بيتِ الجيرانْ
أتخيَّلُ نفسِي أيَّاً كانْ / أتخيَّلُ نفسِي أنِّي متّ
رنَّ الهاتفُ / فانطفأَتْ ذاكرةُ الوقتْ
رنَّ الهاتفُ فاستسلمْتُ / لنزفِ الروحِ على الذكرى
أتأمَّلُ واللحظةُ حيرى / كيفَ أَحُدُّ الكونَ كما شاءَتْ عينايْ
كيفَ أثبِّتُ نفسِي في الوضعِ الصوفيِّ لملقايْ
كيفَ أحلِّلُ حادثةً كي أَنسَى الأُخرى
أتأمَّلُ نفسِي وكأنِّيْ في حاناتِ فِيِيْنَّا
فقرٌ/ عربدةٌ / وظلامٌ / أتأمَّلُ بيتِي
والهاتفُ رنَّ / ضوءُ الجيرانِ الخافتُ جالَ الغرفةَ ذاتَ مساءْ
كالطفلِ يفتِّشُ / عمَّا لا يعرفُ في الأشياءْ
في الغرفةِ خمسةُ جدرانٍ /تستوعِبُ كلَّ همومِ الشرقْ
حينَ تخطُّ خريطَ العمرِ عليها / يَخْتَلِفُ اللونْ
دُقَّتْ في الجسدِ الطينيِّ / أسافينُ الغربةِ
فاحتلَّتْ ألبسةُ الغرباءِ مساحةَ عُريٍ
جثَّةَ صدقْ / ومضةُ بَرقْ
أَظْلَمَتِ الغرفةُ / ضاءَ الكونْ
أدركْتُ الفرقْ / راحَ الصوتْ
ووجدْتُ سبيلَ اللهِ إلى نفسِي
وعرفْتُ بأنَّ الضوءَ الخافتَ في بيتِ الجيرانِ
يخافُ الصمتْ / سَكَنَ الهاتفُ ..
فاهتزَّتْ ذاكرةُ الوقتْ.
****
ومن مشاركته “ما لم يُسجَّلْ في رقيمِ الانتماء”
لو كنتُ أعلمُ يا بلادي /أنَّني أسقيكِ من عمري
إذنْ / لشربْتُ منكِ إلى ثمالةِ أحرفي
وجعلْتُ أحلامي ترفُّ كأنَّها سربُ القطا
وضحكْتُ منها كيفَ عنِّي تختفي
قد كانَ في يُمناكِ يا أمّي سنونوةٌ
وكنْتُ أحبُّ أطعِمُها الهوى قمحاً سينبتُ في شفاهي
دارَتْ بي الساعاتُ كنْتُ أصوغُ باسمِكِ حقلي الملآنَ
كاسمِ إِلَهَةَ الخصبِ القديمِ بهِ أباهي
لم أكنْ أخشى الدواهي
فأنا انتبهْتُ إلى المكيدةِ مُسبَقَاً
ولديَّ ما يكفي……
ولكن ضعْتُ من فرْطِ انتباهي
ما كنْتُ أهجس بالحصادِ كما يليقُ
قطفْتُ حلماً
وانطلقْتُ إلى المتاهِ
عرفَتْ سماؤُكَ ما سيُسكَبُ من مياهي
لكنْ شهابُكَ يا إلهَ الحكمةِ العبثيَّةِ الحمراءِ
عمداً لم يُصِبْ أحداً سوى رُسُلِي إليكَ “الطيِّبينَ”
وأنتَ منشغلٌ بِشَيطَنَةِ البدايةِ في الحكايةِ
تصنعُ الوحي المنافق حين تصمتُ
كي يقول: “كما ترى”
وتعالَتْ الأوثانُ كلٌّ ينبري متكلِّماً
فعلامَ صمتُكَ يا إلهي؟؟!!!!
قد كنْتُ في أمسي أحَلِّقُ كالعطور
وأصبُّ من زيتِ المقدَّسِ في شفاهِ الأمنياتْ
وأرى ابتساماتِ الرفاقِ شقائقاً
فيزيدُ في حقلي الحنينُ إلى الربيعْ
ما همَّني يوماً إذا لفَّ العبوسُ الشمسَ في وجهِ الحياةْ
أو بَرْعَمَ الفرحُ ابتسامَ الأرضِ في شفةِ الصقيعْ
ما همَّني إلا نبوءةُ دفَّةِ الربَّانِ
في لغةِ الرياحِ
فإخوَتي هم إخوَتي
حتى ولو سجدَتْ نجومُ الكونِ وامتنعوا
كواكبُهم ستبقى في مدارِ محبَّتي
يا إخوتي
ما كنتُ أعرفُ أنني سأصوغُ مسكاً من دمائي
في انتظارِ ذئابِهم
وأُحيلُ أضلاعي بخورْ
لو كنتُ أعلمُ يا أبي
أن الحياةَ قصيرةٌ
لصرفْتُ عمري في براري ساعدَيْكْ
ولصمْتُ
منتظراً فطوري من سنابلِ راحتَيكْ
لو كنتُ أعلمُ يا أبي
أنِّي سأطفو كالهواءِ على الحطامْ
كي لا أحرِّكُ غيرَ ذرَّاتِ الغبارِ على مدارِ الذكرياتْ
لو كنتُ أعلمُ أنَّني سأغيبُ مُنتظِراً لقاءَكَ في المنامْ
لرسمْتُ حدِّي حيثُ وجهُكَ ينتمي
وجذبْتُ عندي ما تناثَرَ من جهاتْ
كي أحرسَ الأمطارَ بعدي
في سماءِ الأمَّهاتْ
والآنَ رَغْمَ جفافِ أضلاعي
فلي نبْعٌ تَكَوْثَرَ في حياتي بينَكُم
فتأمَّلوا صوتَ العصافيرِ التي تهفو إلى أفيائِهِ
وتمتَّعوا بالأزرقِ المَوْسومِ عشقاً في عميقِ سمائِهِ
فالآنَ رَغمَ البعدِ
رَغمَ الفقدِ
رَغمَ البردِ
قلبي دافئٌ
يرعى طفولةَ مَنْ حلمْتُ بأن أعيشَ شبابَهُم إذ يعشقون
لو كنْتُ أعلمُ أيَّ خمرٍ طاهرٍ من جرَّةِ المعنى على شفَتِي يهون!!!.
لو كنت أعلم ما يكون.
امتلك غدير الطرائق والأساليب المتباينة للتأثير على القارئ وإيصال الأفكار والمعاني والصور الشعرية وتوليد المعاني، وكان للمدارس الشعرية الأثر الكبير في نفسه. حيث ثقفت ألفاظه وسددت حروفه، فعبر عن أفكاره وأحاسيسه بصياغة شعرية تنم عن ثقافة واسعة، ودراية وتمكن من البحور والألفاظ والصور واستخدام الانزياحات اللغوية في مكانها المناسب. مبتعداً عن الإيغال في الغموض والرمز، فكلما أوغل الشاعر في الرمز كلما اغترب عن الجمهور فصاغ عبارات شعرية تتميز بقوة الترابط ودقة الإحكام إلى جانب الكم من المفردات والمترادفات المتناسبة مع القوافي والمضمون.
يحدثني الفؤادُ بكلِّ حينٍ والشاعرة أمل مناور
شاعرة عنيت بجماليات اللغة العربية، وسحر الكلمة، وإيقاع الحرف، والصورة الفنية، صاعت أفكارها وأحاسيسها بحروف شعرية متناغمة ومتآلفة مع بعضها البعض، قرأت وغذت ونمت موهبتها، لتكون لها تجربة مختلفة المميزة، فكتبت القصائد العديدة، وبعد العديد من المران والممارسة، نضجت تجربتها الشعرية، وتطورت طرائقها وأساليبها، إنَّها الشاعرة أمل مُحسن المناور حاصلة على إجازة في اللغة العربية من جامعة دمشق ، وعملت في حقل التعليم . عضو اتحاد الكتاب العرب / فرع دمشق لها مُشاركات عديدة في أمسيات ومهرجانات شعرية وكُرمت من قبل عدة جهات، ونُشرت لها قصائد في عدة مواقع وصُحف عربية . تأثرت منذ الصغر بوالدها الشاعر القدير محسن المناور رحمه الله ، فهو الذي كان يحفزها من خلال قراءة ما يكتبه من قصائد، لكنها لم تتجرأ على الكتابة حتى أحست بأنها أصبحت قادرة على خوض هذا الغمار بثقة . لها ديوانان شعريان ( هكذا غنى الفرات ) ( لاتكترث بالعابرين ) ، و ديوان ثالث قيد الإنجاز .
****
من مشاركتها / دمي حبرٌ / نقتبس:
يحدثني الفؤادُ بكلِّ حينٍ / عن الأحباب أين همُ استقرُّوا ؟
فدمعي بعدهمْ جداً غزيرٌ / كأنَّ سيوله في الخدِّ نهرُ
عذرت العين إذْ تبكي كثيراً / فليس لها إذا لم تبكِ عذرُ
وكيف تكفُّ عن دمعٍ إذا ما / أتتْ صورٌ لهمْ وانزاح سترُ
فدونهمُ مسافاتٌ طوالٌ / ولكنْ في فؤادي فهي شبرُ
أخاطبهم بقلبي دون صوتٍ/ فهمسُ القلب إحساسٌ وفكرُ
وهمسُ القلب يحوي ألفَ قولٍ/ عذاباتٌ وأشواقٌ وذكرُ
كأنّ النبضَ أحرفُ في كلامي / وأنّ دمي بما أشدوهُ حبرُ
وأنّ الروحَ دفتر ذكرياتي / بها عزفٌ وألحانٌ وشعرُ
وأزهار جميلاتٌ ودوحٌ / ويسعى ضمنها للخير نهرُ
وعصفورٌ يغرد كل وقتٍ / كأنَّ أتاهُ منْ مولاهُ أمرُ
يشيع بصوته حبّاً ودفئاً / حتى تحسّ بأنَّ الكون طهرُ
وأنّ العمر إنْ نحياهُ حبّاً / تمنينا عليهِ يجيء عمرُ
وإذْ نصحو نُفاجأُ أنْ خيالٌ / تمادى في الفؤادِ وحلَّ قهرُ
فلا الأحباب موجودون حقاً /ولا يُدرى لديهمْ مُستقرُّ
فقط في القلب أطيافٌ وذكرى / وآلامٌ وأوجاعٌ وقهرُ
وحزنٌ لا يغادرني وبؤسٌ / كيوسفَ حينما آواهُ بئرُ
فمذ غابوا مضى سعدي وولّى / وأُدميَ خافقي وانهدَّ ظَهْرُ
ويبقى في الفؤادِ لهمْ فؤادٌ / وفي صدري لهمْ في الحبِّ صدرُ
فإن حضروا يصيرُ الدهر يوماً / وإن غابوا فإنّ اليوم دهرُ .
***
تحظى مدينة دير الزور بحب كبير في قلب أمل مناور فهي بلد المنشأ والمولد ومراتع الطفولة ( لدير الزور أشواقي ) :
لديرالزور أشواقي / بلا حدٍّ .. وآفاقي
فدير الزور نبض القلب / ديرالزور أحداقي
وديرالزور لي وجعي / وديرالزور ترياقي
وما قد فات من عمري / وعمري عمريَ الباقي
فمنذ خلقت في الدنيا / لها وجدي وأشواقي
لها في الحب ميثاقٌ / ولست أخون ميثاقي
فإن تحيا بذي أمنٍ / أعيش أعيش إشراقي
وإن شوكاً يمرُّ بها / فذاك فذاك إحراقي
ونهر الخير شريانٌ / به في الحب إغراقي
ففي شطيه كم كنت / الذي ألهو به .. راقِ
كأنّي رمله أخفي / وأطمر ضمنه ساقي
كأنّي نخلة فيهِ / ونبض القلب أعذاقي
وتحت الجسر في صغري / هناك رأيت عشَّاقي
فكم ذكرى لنا فيهِ / بها سطرت أوراقي
وكم أحباب قد مروا / عليهم زاد إشفاقي
فقد غابوا ولكن في / فؤادي ذكرهمْ باقِ
وقد ظلت مدينتنا / كما عنبي ودراقي
فدير الزور باقية / بقاء بقاء أحداقي .
**
تركتْكَ…… تصدحُ بالعبيرِ ومنصور سلمان
منصور سلمان، تولد دمشق ١٩٩٥، كان لطبيعتها الساحرة الأثر الكبير في نفسي، شغفت بالقراءة، وخصوصاً دواوين الشعر، فاختار أن يدرس اللغة العربية في جامعة دمشق، وتخرج منها وهو يعمل مدرساً في مدارسها.. يكتب الشعر الموزون والمنثور..
من مشاركته نقتبس: (إلى التي أعارتني القلمَ أدناه.. أمامَ المكتبةِ ،ثمَّ اختفتْ فجأةً : شُكراً..!! )
تركتْكَ…… تصدحُ بالعبيرِ / وشذا أنوثتِها…….الخطيرِ
تركتكَ لُغزاً ..واخزَ التّسآلِ….. عن جهةِ المصيرِ
تركتْكَ ..مجهولَ التغرُّبِ… في متاهاتِ الشُّعورِ
تركتْكَ… تقضمُ ذبحةَ التّذكارِ…. بالنَّفَسِ الأخيرِ
تركتْكَ.. تجرعُ حبرَكَ المخمورَ …باليأسِ المريرِ
تركتكَ لي…هبةً.. ترواغني……. على وعدٍ ضريرِ
وتلاشتِ الدُّنيا… بمغرِبها……. الغريبِ المستثيرِ
وبقيتَ… بينَ يديَّ…… مشلولَ التفكّرِ.. بالمسيرِ
سنكونُ في ليلِ الجوى…قلباً.. يبوحُ إلى ضميرِ
فانهضْ..ودعْ زيفَ الوفاءِ..مزركشاً فوق الحريرِ
فأنا… وأنتَ….مسافرانِ………على تأمّلنا الكسيرِ
ولنا من البوحِ الكثيرُ…….منَ الكثيرِ….من الكثيرِ
تركتكَ..لي…. ستكونُ فوّهةَ انصهاريَ …بالعبيرِ
ومن مشاركته / إلى عابرة..! /
لا تسألي عنّي القصائدَ… إنّني
سِرٌّ… له خلفَ السّرابِ …هُويَّةُ
لا تسألي هذرَ المجازِ… ملامحي
بين الكنايةِ والمجازِ …… خفيَّةُ
لا تبحثي.. بين الحروفِ ..
فإنَّ( إيحائي) هنالكَ ..
…لوحةٌ عبثيَّةُ
وتراجعي…
.. عنْ غيبِ أبعادِ (المعاني)
مَن تُخاطرُ بالعُبورِ …غبيَّةُ
مُرِّي…على عبقِ النّزيفِ.. فراشةً
وتحرَّزيْ…. فالنّارُ فيه … شقيّةُ
لا شيءَ أقسى في قرارةِ شاعرٍ
مِن غُربةٍ……………. آلامُها أبديَّةُ
لا شيءَ أقسى في تمزُّقِ ظامئٍ
مِن رَشفةٍ……… فيها تضجُّ منيَّةُ
لا تستثيري في الحنينِ…سعيرَه
مُرّي…… نسيماً.. فالجروحُ نديَّةُ
لا تُرهقي( بالبحثِ ) بوحَ مواجعي
ودعي السّؤالَ……..فبحّتي وهميَّةُ
لا تسألي أحداً…
..فإنّ ملامحَ الشُّعراءِ
في حدِّ الوضوحِ….. خفيَّةُ
ومن مشاركته: ريُّ السّراب..! نقتبس:
أحبّكِ…….. يا جرحاً تحتُّ مواجعُه
وجوديَ……. شوقاً.. لا ترقُّ لواذعُه
أحبّكِ……… ألحاناً على نايةِ الجوى
تعرِّشُ أحزاناً……….. ليثملَ سامِعُه
أحبّكِ……… روحاً تستحيلُ غمامةً
تذوبُ على قلبي…… فتندى مرابعُه
أحبّكِ… لا أنساكِ……… رغم تحرُّقي
ورغم احتضارِ الشِّعرِ لا شيءَ ناجعُه
وما زلتِ في ليلي…. رفيفَ ابتسامةٍ
تداعبُ وجداني…….. فيبسمُ دامعُه
ومازلتِ في عينيَّ…… أحلا قصيدةٍ
يغازلُها وجدي……… فتزهو مطالعُه
لقد غادرتْ عيناكِ ……… قلباً متيّماً
لوصلِكِ تسمو… حين تسمو مطامعُه
وهيهات… أن أحظى بعينيكِ بعدما
قتلتِ حنيناً…… كان يصدحُ ساجعُه
لعمري.. على أطلالكِ _الدّهرَ _ واقفٌ
على أنّ أمسَ الوصلِ….فاتتْ روائعُه
ولكنّ لي قلباً…. يكابدُ ……… ظامئاً
يرى وهمَ ما قد فاتَ ..تروي خوادعُه
حدائق الشعر تملأ الأسماع بعطرها وتنتشي وتسكن في شغاف القلب ويبقى عبر العصور
واختتمت الفعالية بشكر الحضور على مواظبتهم واهتمامهم بما يقام في فرع دمشق من فعاليات أدبية وشعرية وإلى اللقاء في فعالية جديدة .
#سفيربرس _ ماجدة البدر