بوصلة القلب_ بقلم : لميس علي
#سفيربرس

يبدو أن الانتماء الأول يغلب كل مظاهر الانتماءات التي تأتي تالياً..
ثمة شيءٌ ما ينغرس في جينات الكائن الإنساني..
شيءٌ غريزي، يُسيّره بطريقة فطرية، وجماليته تكمن بأنه يعيده إلى أصله.
على الرغم من جغرافيات مختلفة وقف عليها الكثير من أبناء الوطن السوري، لم يختلفوا في معرفة “بوصلة القلب” التي ذكّرتنا جميعاً أن هناك دائماً “الأغلى”، مهما ابتعدنا وتفرّقنا، سنجتمع لأجله.
في كتابه (عصر علماني)، في الفصل الرابع، ضمن عنوان “النظام الأخلاقي الحديث” يتحدث الكاتب تشارلز تايلور قائلاً: (ليست صورة المجتمع سوى انعكاسٍ لصورة الأفراد الذين يجتمعون سوياً فيشكّلون كياناً سياسياً استناداً إلى خلفية أخلاقية معينة.. ولهذه الخلفية الأخلاقية علاقة بالحقوق الطبيعية، ذلك أن المجتمعين لديهم منذ البداية واجبات أخلاقية محدّدة تجاه بعضهم بعضاً)..
ويبدو أن أبناء الأرض الواحدة مهما اختلفت جغرافيا حضورهم، يدركون لا شعورياً حقيقة تلك الواجبات الأخلاقية تجاه بعضهم وتجاه أرض منبتهم..
ألم يكن السوريون معبّرين عن هذه الحالة تماماً..؟
على الرغم من كل ذاك البعد..
وعلى الرغم من اختلاف إحداثيات وجودهم، سيرتهم أخلاقيات حبهم ووفائهم لأرض ميلادهم..
بُعد الجغرافيا لم يقوَ على إلغاء بصمات سنين طوال شكّلت تاريخاً دفيناً في قلب كل منهم..
على الرغم من كل ذاك البعد..
لم يخطئ الفؤاد في اختزان روائح الماضي.. وروائح ذكريات تنافس لحظات عيشهم الحالية..
ذكر أحد اليونانيين القدماء: “الشمس لن تخطئ مدارها”..
وأبناء الشمس “السوريون” هم كذلك، لن يخطئوا السير على هدي شمس بلادهم..
وكما لو أن ظلال أشعتها تتمدّد، وصولاً إلى نبض قلوبهم جميعاً.
#سفيربرس _ بقلم : لميس علي