إعلان
إعلان

اللغة في منظور سياسي _ محاضرة للدكتور . شاهر إسماعيل الشاهر

#سفيربرس

إعلان

ألقى الدكتور شاهر إسماعيل الشاهر محاضرة بعنوان: اللغة في منظور سياسي وذلك ضمن فعاليات المؤتمر الدولي الأول للغة العربية والذي يقام في رحاب جامعة الفرات يومي الاثنين والثلاثاء ٢١-٢٢ حزيران ٢٠٢١.

وتحدث الدكتور الشاهر قائلاً: يعد الاهتمام باللغة علامة من علامات تطور المجتمع، وعند دراسة العلاقة بين اللغة والسياسة نجد الكثير من المراجع التي تتحدث عن أثر اللغة ودورها في التأثير في السياسة، لكنننا عندما نبحث عن العلاقة بين اللغة العربية على وجه التحديد والسياسة نجد أكثر الكتابات تشير إلى تأثير السياسة في اللغة العربية لا العكس، وهذا يدل على طغيان السياسة وتدخلها في كل شيء في عالمنا العربي.
وتناول اللغة من زاوية فكرية سياسية لا من منظور لغوي، لأن كل ما يتعلق باللغة وتطورها يرتبط إلى حد ما بالواقع السياسي للدولة، فاللغة وسيلة وليست غاية بحد ذاتها، فلا ميزة ولا قداسة ولا قيمة للغة إلا بقدر ما تقدمه من إنجازات للبشرية، فلغة الدولة القوية قوية، ولغة الشعوب المغلوبة مغلوبة، على حد تعبير ابن خلدون، لذا فنحن نحتاج إلى معرفة جديدة حتى في السياسة، تكون اللغة هي الأداة لتحقيقها.
ورأى الشاهر أن للغة من دور محوري تؤديه في حياة الناس، حيث تؤثر فيهم زمانياً ومكانياً، كما تؤثر في ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم، فلا يمكن لمجتمع ما أن يدخل عصر الحداثة، ويحتل موقعاً فيه وهو لا يتمتع بالاستقلال اللغوي، والاستقلال اللغوي لا يكون إلا باللغة الأم.
وأضاف : اليوم نخوض حرباً لغوية وهي أقسى أنواع الحروب، تتلخص في الحديث عن أن اللغة العربية لم تعد لغة للعلم والمعرفة، بل إنها لم تعد لغة للتواصل في ظل انتشار وسائل التواصل الحديثة.
وأكد أن هناك علاقة وثيقة بين اللغة والسياسة، فللسياسة دور كبير في الاهتمام باللغة وتعزيز دورها من خلال البرامج والمشاريع التي تطلقها الدول بهدف تمكين لغتها الأم، كما تعد اللغة أخطر أدوات السياسة لما للكلمة من تأثير.

وفي حديثه عن اللغة في الخطاب السياسي، قال الشاهر: لقد تم تصميم لغة السياسة لتجعل الكذب صدقاً، والقتل محترماً، على حد تعبير جورج أورويل. أما الخطاب السياسي، فيجب أن يلقى بلغة مؤثرة تعتمد على مهارات الإلقاء وانتقاء لكلمات ذات بعد تاريخي أو مغزى أيديولوجي أو تأثير ديني حسب خصوصية كل مجتمع. فالخطاب السياسي يختلف عن باقي الخطابات، فلا يهتم باللغة الإبداعية بل يركز على اللغة التواصلية بشكل أكبر. فلغة الخطاب السياسي تختلف كثيراً عن لغة الكتابة الأكاديمية أو الكتابة الصحفية، والخطاب يكون جيداً ومؤثراً إذا اعتمد لغة جيدة، فاللغة الغامضة القابلة للتأويل كثيراً ما تعطي نتائج عكسية.

وتحدث عن العلاقة بين اللغة والسلطة، قائلاً: على مر العصور كانت السلطة تسعى للاستفادة من اللغة واستثمارها في فرض هيبتها وإيصال صوتها عبر وسائل الإعلام التي تمتلكها وتسيطر عليها، وبها تقود السلطة محكوميها وتصنع الرأي العام لديهم وتعبأهم بأيديولوجيتها، وبالتالي تتلاعب بعقولهم وتوجهها، وتصنع وعيهم الجمعي وتسيطر عليه وتتحكم به، فباللغة تقلب الحقائق، ويتحول الصح إلى خطأ، والباطل إلى حق، والعدل إلى ظلم …إلخ. فـلاوجود لفعـل سياسـي خـارج إطـار اللغـة، ولا وجـود للغـة خـارج إطـار السياسـة، فـإذا اتفقـت السياسـة مـع اللغـة ودعمتهـا ارتقـت اللغـة ونجحـت السياسة.
وفي العلاقة بين اللغة والديمقراطية تحدث الدكتور الشاهر قائلاً: تؤدي اللغة دوراً مهماً في تعزيز العملية الديمقراطية، وذلك من خلال النقاشات والحوارات العامة حول الشأن الديمقراطي، فباللغة لا تصبح الديمقراطية تعبيراً عن عملية انتخابية فقط، بل تتعدى ذلك لتصبح نقاشاً عمومياً تكون اللغة هي الوسيلة والأداة فيه. وبالتالي فإن اللغة هي من يعطي للديمقراطية مضمونها الاجتماعي. وهذه اللغة المشتركة التي يتفاهم بها الناس في حواراتهم الديمقراطية يجب أن تؤسس لمفهوم المواطنة. فمشروع بناء دولة وطنية ديمقراطية يستدعي بالضرورة أداة لغويّة مناسبة لبنائه.
وختم حديثه قائلاً: مما تقدم نرى أن هناك تداخلاً كبيراً بين اللغة والسياسة، فللسلطة السياسية امتدادان، أحدهما لغوي والآخر سياسي. وهذا يقودنا إلى أهمية وجود استراتيجية لغوية متكاملة تسعى لصياغة مستقبل يليق بدولنا وإرثنا الحضاري ويحقق التنمية اللغوية المنشودة.
لقد سعت السياسة على الدوام إلى السيطرة على اللغة وتطويعها وفق مصالحها، فبرعت في جعل اللغة أداة في خدمة السياسة وبرامجها. وكثيراً ما كانت اللغة الأداة التي توثق حالة الصراع بين المجتمع والسلطة السياسية، وكان لها تأثير كبير، أدرك الساسة خطورته، فواجهوا الكلمة بقمع كبير.
لقد كانت اللغة المحفز لأبناء المجتمع في سعيهم للتغيير نحو الأفضل، وهي المؤرخ للتغيرات السياسية التي تعيشها المجتمعات. وبالتالي فإن دعم الدولة للغة هو دعم للهويّة الوطنية، فبناء دولة وطنية بمواصفات حداثية لن يمر إلا عن طريق وجود لغة قوية مُوحدة.

# خاص سفيربرس 

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *