من قال أن الرجال قليل ..بقلم : المثنى علوش
#سفيربرس

قال لي مصطفى الزير أنه من مواليد فنزويلا و قد تركها والده نتيجة الديون التي تراكمت إلى الحد الذي أجبرته على العودة إلى طرطوس، لكنه الٱن بخير و قد أصبح في الثمانين من عمره لا يحمل سوى ذكريات عاشها و يعيش عليها .
اشترى مصطفى محصول الفستق كله تلك السنة و قام بتصديره الى دول امريكا الجنوبية حيث راجت تجارته هناك لفترة لم تتجاوز خمس سنوات، بعدها حلت الكارثة عليه بعد تأميم شركته و تحويل كل أمواله و مدخراته إلى مال عام إبان حكم عبد الناصر .
عاد مصطفى صفر اليدين يتأرجح بين مطرقة عبد الناصر و سندان الديون التي ركبته هو الٱخر .
بقي لي في ذمته مبلغاً من المال حوالي ثمانية ٱلاف ليرة لم يتمكن من سدادها، و أذكر أن سعر الدولار وقتها أربع ليرات سورية للدولار الواحد، و كان سعر ليرة الذهب حوالي الخمسة ليرات لا أكثر.
غاب مصطفى عن البلاد و قرأت الفاتحة على ما بقي لي في ذمته مع كثير من الرضا بقضاء الله و قدره لأن مصطفى كان ذو سمعة طيبة و لم يتأخر يوماً في سداد قيمة الفستق.
ست سنوات مرت بعد الحادثة. أنجبت ولداي عبد الغني و محمد و طلقت أمهما حياة اللوعة و اتجهت للعمل في سوق المدينة مشغولاً بالأخبار المتسارعة عن الإنفصال و الرجعية و غيرها من المصطلحات التي أكلت جذر دماغي .
الساعة التاسعة صباحاً عام 1964 …
ولدي عبود يركض مسرعاً ليخبرني أن شرطياً يسأل عني في المنزل ..
كان الشرطي ساعي بريد يحمل إشعاراً بالبريد ممهوراً بخاتم وزارة الخارجية السورية و خطاباً مرفقاً مدون عليه باللغة الإنكليزية و ممهوراً بخاتم رئاسة وزراء فنزويلا .
” إن وقوفكم إلى جانبنا في أوقات الشدة يحتم علينا رد الجميل بالجميل .. لقد وصلكم مبلغاً و قدره ثمانية ٱلاف ليرة سورية يمكنكم استلامها فور وصول هذا الخطاب… رئيس الوزراء مصطفى الزير”
انتهى الاقتباس.
# سفيربرس بقلم : المثنى علوش