“رشا النُّقري” فراشةٌ تتأرجحُ بينَ الإعلامِ و الأدب بقلم: ميرفت أحمد علي
#سفيربرس

في الوقتِ الذي يشكو فيه الإعلامُ بمنافذهِ المنظورةِ و المسموعةِ و المقروءةِ من الافتقارِ إلى الكوادرِ المدرَّبةِ، أو التي ــ أقلّهُ ــ تسعى بجديةٍ و بحثاثةٍ إلى التطويرِ الذاتيِّ، و إلى ترقيةِ المهاراتِ و الأداءاتِ المهنيّةِ، نجدُها حاضرةً على الشاشةِ المحليةِ بإطلالتِها المتأنِّقةِ، اللافتةِ، السديدةِ، لتقولَ لنا: (لسنا جميعاً سواسيةً)؛ إذ تتَّسمُ الإعلاميةُ الشابةُ (رشا النقّري) بعشقِها لعملِها في المقامِ الأولِ، و بتحفيزِ ذاتِها بذاتِها، دونما انتظارُ شارةِ البدءِ من أحدٍ. فقرارُها الإعلاميُّ بيدِها وحدَها، و تحضيرُها المتَّسمُ بالجِدَّةِ و بالاجتهادِ و بالتَّنوعِ ماثلٌ لكلِّ متابعٍ لحسابِها الشخصيِّ على الفيسبوك، سيَّما لبرنامجِها (قراءاتٌ أدبيةٌ و فنّية)، إذ تبرزُ الانتقائيةُ الجيدةُ لمحاورِ النقاشِ، و حسنُ اختيارِ الضيوفِ من أصحابِ الباعِ و الحضورِ الثقافيِّ المخضرمِ المشهودِ، و قد قادَها شغفُها بالأدبِ إلى إصدارِ باكورةٍ نثريةٍ ضمَّنتْها هواجسَها كشابةٍ سوريةٍ معاصرةٍ، و اختصرتْ بها المشهدَ الواقعيَّ اليوميَّ السوريَّ بدءاً من أزمةِ الكورونا، مروراً بالظلالِ المأساويةِ للحربِ في سوريا، و موضوعةِ الشهادةِ، و شجونِ العملِ الإعلاميِّ، و سواها ممَّا طفا في العامينِ المنصرمينِ من شواغلِ فكرٍ، و فاضَ من إناءِ السوريينَ في مسيرةِ بحثهِم المضنيةِ عن حلولٍ لضائقةِ العيشِ، و لتبددُّاتِ الأملِ… إلا قليلاً.
(البكاءُ دفعةً واحدةً) هو الظهورُ الأدبيُّ الافتتاحيُّ، و تمكينٌ للإعلاميةِ (رشا النقّري) من حجزِ موقعِ قلمٍ لها في سجلِّ المبدعينَ الشبابِ، و الذي حرصتْ الكاتبةُ على زفِّهِ للقارئِ في حفلِ توقيعٍ بهيٍّ، حضرهُ القاصي و الدَّاني من المهتمِّينَ بالنتواتجِ الثقافيةِ المُستحدثةِ، فكانَ علامةً بارزةً في سجلِّ حفلاتِ توقيعِ الكتبِ و المنشوراتِ. و مردُّ ذلكَ إلى اجتهادِ الكاتبةِ في الترويجِ لإصدارِها، و تمكينهِ من بلوغِ أسبابِ النجاحِ في وقتٍ حرجٍ تراجعتْ فيهِ أهميةُ الكتابِ، و الإقبالُ عليهِ و اقتناؤهُ؛ في حمأةِ السعيِ المسعورِ و التدافُعِ اليوميِّ المُضني لتحصيلِ قُوتِ المواطنِ السوريِّ .
ما يلفتُ الانتباهَ في مسيرةِ الشابةِ الجميلةِ (رشا النقّري)، هو حفاظُها على مستوىً ملحوظٍ و جيدٍ في (ندِّيةِ) الحوارِ معَ ضيوفِها المُنتخبينَ، إذ تجدُها حاضرةَ الذهنِ، مُصغيةً، تقيِّمُ ما تسمعُ بأناةٍ، و تُعيدُ تدويرَهُ في ذهنِها لترتجلَ مداخلةً ما، أو مقاطعةً لا تقودُ إلى تبديدِ فكرةِ الحوارِ، بل إلى ترسيخِها و تأصيلِها و بلورتِها…فالروحُ الارتجاليَّةُ و الاستنباطيَّةُ لديها تُحيلُ إلى توقُّدٍ ذهنيٍّ لافتٍ، و حشدِ الانتباهِ و تكثيفهِ في اللحظةِ الإعلاميةِ الراهنةِ، لاستجلاءِ أفكارِ الضيفِ، و لاستخراجِها من جوانبِها كافةً. و قلَّما نلتقي بإعلاميينَ يحيَونَ اللحظةَ بكلِّ دقائقِها و تفاصيلِها تأسيساً لحوارٍ فاعلٍ و بنَّاءٍ و متكاملٍ. و هيَ دائمةُ البحثِ عن المتفرِّدِ، و الانتقائيِّ، و الأَميزِ في كلِّ ما تقدِّمُ من برامجَ على مساحةِ البثِّ الإعلاميِّ المحليِّ، الذي لا تجدُهُ ــــــ رغمَ ما تتمتَّعُ بهِ من إجاداتٍ أدائيّةٍ، و مزايا خاصةٍ ـــــــ ثوباً ضيِّقاً عليها و على مهاراتِها الشخصيةِ، بل تعتبرهُ فضاءً مهنيَّاً ماتعاً و رافداً لموهبتِها الأدبيَّةِ.
و عن أدائِها الأدبيِّ الذي تستولدُ بهِ نصوصَها النثريةَ، نراهُ يخرجُ بعفويةٍ و بشكلهِ الأسلوبيِّ المُوائمِ فكرةً و مضموناً و غايةً. و هكذا، فالفعلُ الكتابيُّ لديها حدثٌ تلقائيٌّ، يتمظهرُ بسلوكِ الأطفالِ، فيجري مجراهُم في براءةِ الإفصاحِ عن نفسهِ، مع ما يحملُ من عمقِ مضمونٍ، و بطانةِ ألمٍ، و هجسٍ بالقضايا الشائكةِ و المعوِّقةِ المستمدةِ من أديمِ الواقعِ، و المتجذِّرةِ فيهِ. تستعدُّ الإعلاميَّةُ و الأديبةُ (رشا النقَّري) لإصدارِ كتابٍ داعمٍ لمسيرتِها الأدبيةِ قريباً، نتمنّى لها التوفيقَ و الرِّيادةَ في الشأنِ الأدبيِّ كما الإعلاميِّ، و هيَ التي انطلقتْ إلى العملِ الإعلاميِّ من إذاعةِ (فرح، إف، إم) ، و في عام (2013) بدأتِ العملَ في المركزِ الإذاعيِّ و التلفزيونيِّ بطرطوس، و تَدينُ بالشكرِ إلى الأهلِ، و الأصدقاءِ، و الزملاءِ، و رؤساءِ العمل، في دعمِ مواهبِها و ظُهوراتِها الإعلاميَّةِ و الأدبيَّةِ معاً.
#سفيربرس _ بقلم : ميرفت أحمد علي