إعلان
إعلان

اللعب بالحقائق وفاشية (التريند) الناعمة.. بقلم : لميس علي

#سفيربرس

إعلان

تخيّل أن الجميع يقف على حافة هاوية ولا أحد يهتم..
كيف الحال حين تختبر هذا الشعور..؟
فالخطر قريب وأكثر من وشيك ولا أحد يبالي بالتنبيهات التي تقدّمها لهم.. تبدو لغة التواصل مفقودة.. على الرغم من كل الأوهام التي تَعِد بها وسائل التواصل الحديثة وذكاؤها المفرط.. بتقريب الآخر مهما كان بعيداً..
هي النقطة الأساسية والمركزية التي تنبني عليها حكاية فيلم (لا تنظروا إلى السماء).
تبدو الأسلوبية المتبعة في سرد أحداثه مناسبة جداً للتخفيف من ثقل الطابع العلمي الذي تقوم عليه فكرته التي تدور حول حقيقة وجود مذنب سوف يصطدم بالأرض ويدمرها لتنتهي الحياة البشرية عليها.
حقيقة صادمة.. من ميزات الفيلم أنه يستعرضها بأسلوب كوميدي ساخر لا يهدف التهكم والسخرية ، مقدار ما يأتي محمّلاً إسقاطات سياسية واجتماعية لاذعة نقدياً.
فتلك المفارقات التي يطرحها “لا تنظروا إلى السماء” من خلال بناء شخصيات متباينة من حيث فكرها، انتمائها، وطريقة رؤيتها للأمور، مؤثرة أكثر من المباشرة بطرح انتقادات واضحة.. وهي نقطة القوة الأكثر تميزاً للعمل الذي يحكي قصة طالبة مرشحة لنيل الدكتوراة في علم الفضاء (كيت ديبياسكي، جينفر لورانس) تكتشف مذنباً يتجه نحو الأرض. تتأكد مع أستاذها (دكتور ميندي، ليوناردو دي كابريو) أنه سيتسبب بإنهاء الحياة على كوكب الأرض.
يحاولان نقل هذا الأمر الخَطِر إلى مستويات عليا في الدولة بدءاً من البيت الأبيض فيلتقيان رئيسة الولايات المتحدة الامريكية (أورلين، ميريل ستريب) التي تتعاطى هي وفريقها السياسي بكل استخفاف وعدم اهتمام، خوفاً من خسارة الانتخابات المقبلة.
ولن تكون ردة فعل الرئاسة هي الوحيدة المخيبة لآمال كل من كيت والدكتور ميندي.. بل حتى وسائل الإعلام تتلقى الموضوع بشيء من التمييع والسخرية.. ليبدوان الوحيدين اللذين يتعاملان مع الموضوع بكل جدية ومسؤولية.. وكما لو أنهما في عالم لا يشبههما أبداً.

مشاهد الفيلم، حواراته، والكثير من إسقاطاته تنتقد بذكاء الحاصل حالياً في مجتمعات اليوم من قدرتها على اللاعب بالحقائق وربما تزييفها بأداة الإعلام ووسائل السوشل ميديا.. هذه الأخيرة التي أصبحت تسيطر بطريقة ما على عقول الناس وتسعى إلى تهميش كل ما له قيمة وتسييد السطحي.
الشيء الأكثر من الواضح والذي لا يسعى الفيلم إلى المواربة فيه هو جعل الولايات المتحدة الأمريكية في مقدمة هذا النوع من السياسات.. اللاعب الأكبر بالحقائق والقادر الأول على استثمارها وفق مصالحه.
وأيضاً، إحدى أكثر الأفكار التي يحاول الفيلم قولها بذكاء سينمائي لافت، وفق ما استطاع إخرج وسيناريو “آدم ماكاي” الإيماء به، هي فكرة التناقضات الواضحة لدى أفراد يتشاركون البقعة الجغرافية ذاتها.. تناقضات أكثر من صارخة تعمّق حقيقة التباعد الحاصل على المستوى الإنساني، والنفسي، والفكري في المجتمع الواحد..
هل يومئ ذلك بفاشية حديثة هي فاشية “التريند” وسلطته العمياء التي كانت أحد أهم المحاور التي أراد العمل إلقاء الضوء عليها..؟
يبدو (لا تنظروا إلى السماء) ذا حظ قوي بالمنافسة على أكثر من فئة في الأوسكار القادم، وهي أربع فئات رُشح لها.
# سفيربرس _ بقلم  : لميس علي

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *