إعلان
إعلان

هل لديك حقيبة لابتوب؟ بقلم: محمد عفيف القرفان

#سفيربرس _ الكويت

إعلان

جلس الشاب في جلسة كوتشنغ مهني، وهي الجلسة الأولى معه، وطلبت منه الحديث عما يواجهه من تحديات في عمله..
تردد قليلاً وبعدها بدأ يتحدث بتلعثم ولكنه سرعان ما استرسل في الحديث حتى ظننت أنه لن يتوقف.

يواجه الشاب تشتيتاً كبيراً في حياته المهنية انعكس على تفاصيل حياته كلها، فهو رغم اجتهاده وحرصه على “الكمال” في العمل، إلا أنه لا يعرف تماماً ماذا يريد من كل هذا؛ بل يشعر بأنه يدور في حلقة مفرغة تتشابه فيها الأيام حد الملل. ولأنه شخص نشيط ومجتهد، فإنه يستخدم خطاباً تحفيزياً صارماً يجعله يستمر في هذه الدوامة دون أن يعي الأسباب. في خضم هذا الاعياء والاحتراق النفسي، يشعر الشاب وبشكل ملحٍ أنه يجب عليه أن يفعل شيئاً ما حيال هذا النشاط المحموم غير المؤطَّر بهدف أو بأهداف محددة.

كان يتحدث وكأن لديه فائضاً من الكلام المخزون بداخله يأبى إلا أن يخرج حتى وإن كان غير متسلسل، فكل ما يريده الآن هو أن يقول كل ما لديه ولا بأس عنده من البوح بما يخالط ذلك من مشاعر مهما كانت غير موفقة.

أخيراً بدأ الازدحام الفكري يتراجع لدى الشاب، فبدا وكأنه ألقى حملاً كبيراً عن كاهله وينتظر أن يسمع مني انطباعاً معيناً أو ربما كان يتصور أن لدي حلاً فورياً لهذا التشتت الذي يعيشه؛ ولكنني بادرته بسؤال فور انتهائه:

أنا: هل لديك لابتوب؟
الشاب: نعم، فعملي كله يرتكز على اللابتوب! ولكن ما علاقة ذلك بما قلته لك؟
أنا: جلستنا انتهت اليوم، ولديك واجب تنجزه لجلستنا القادمة.
الشاب: (بشيء من الاستهجان) حسنا، ما هو الواجب؟
أنا: أريدك أن تقوم باخراج محتويات حقيبة اللابتوب وتعيد ترتيبها من جديد، وأراك في الجلسة القادمة.
الشاب: حسناً، ولكن هل لديك حل لمشكلتي؟
أنا: لا!
الشاب: ولماذا سنحدد موعداً لجلسة قادمة إذاً؟
أنا: نستطيع الإجابة عن هذا السؤال في آخر جلسة لنا بإذن الله.
الشاب: (وهو يتأمل حقيبة اللابتوب التي يحملها) حسناً، شكراً لك على وقتك.

في الجلسة الثانية كان الشاب أكثر ارتياحاً، وكانت تبدو عليه علامات الرضا والثقة بالذات وكأنه يقول لي بأنه قد فهم المغزى من إعادة ترتيب حقيبة اللابتوب، ولكنه ازداد فضولاً لكي يتعرف أكثر على ما أنوي فعله معه.

سألته كيف وجد التجربة فأجاب بأنه اكتشف أن هذه الحقيبة تحتوي أشياء لم تعد مفيدة مثل القلم الذي جف حبره، وكذلك اكتشف بأن لديه ملفاً قد أضاعه منذ فترة ولكنه وجده على فلاش ميموري موجودة في الجيب الخلفي، كما أن شاحن الموبايل القديم لا يزال موجوداً في تلك الحقيبة..

سألته كيف يشعر بعد أن قام بإعادة ترتيب حقيبة اللابتوب، فأجاب بأنه كان بحاجة لذلك فعلاً..

قلت له بأن الأمر ذاته هو ما يجب فعله تجاه التشتت الذي يحصل معه في العمل، فهو بحاجة إلى إعادة ترتيب العديد من الأمور في العمل على مستوى المهام والعلاقات والأهداف وغيرها..

في الجلسة القادمة سيقوم الشاب بكتابة الأشياء التي تحتاج إلى إعادة ترتيب لكي يقوم بعملية التحسين اللازمة لذلك.

إن الأمر يتخطى ذلك إلى إعادة ترتيب أفكارنا ومشاعرنا، لأننا سنجد أن بعضها يحتاج إلى إزالة وبعضها يحتاج إلى تحديث وبعضها يحتاج إلى إعادة توجيه، وما ينطبق على حقيبة اللابتوب مثلاً ينطبق على خزانة الثياب.

#سفيربرس  _ بقلم: محمد عفيف القرفان

#المدرب_المايسترو
#توجيه_المشاعر
#ترتيب_الأفكار
#تحديد_الأولويات
#كوتشنغ_مهني

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *