إعلان
إعلان

الحزب الشيوعي الصيني.. مئة عام من العطاء والبناء. بقلم : تيماء توفيق ابراهيم

#سفيربرس

إعلان

مئة عام استطاع خلالها الحزب الشيوعي الصيني نقل الصين من دولة فقيرة تعاني من الجهل والمرض والتخلف، إلى دولة عظمى يحسب لها العالم كله ألف حساب. لقد نجح الحزب الشيوعي الصيني في ذلك لأنه وضع سياسة واضحة وعمل على تحقيقها، ابتعد عن الشعارات الكبيرة التي وقعت الأحزاب في الدول الغربية ضحيتها، وركز على الشأن الداخلي الصيني فقط، وابتعد عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، فكرس مبدأ احترام سيادة الدول، وسعى لإقامة علاقات طيبة مع الجميع.
الجميع يعرف كيف عانى الشعب الصيني من المرض والجهل والتخلف الذي كان ناجماً عن الاستعمار الذي أساء للشعب الصيني وجعل من الصين دولة فقيرة. وما إن تم تأسيس جمهورية الصين الشعبية عام ١٩٤٩ حتى بدأت ترتسم معالم أخرى، لقد بدأ الحزب الشيوعي يرسم الخطى الواثقة لتحديث الدولة عبر رسم خطة واضحة للقضاء على الفقر المدقع، وكانت رؤية الحزب أن القضاء على الفقر لا يتم إلا بتشييد الطرق، فبدأت الصين ببناء أكبر شبكة طرق في العالم، تلك الطرق قلصت المسافات، وشجعت المزارعين على بيع محاصيلهم، وبالتالي تخليصهم من حالة الفقر. فحققت الصين قفزات كبيرة في مجال الزراعة، ثم وضفت الفائض الاقتصادي للاستثمار في الصناعة، فبدأت بالانتقال نحو التصنيع، وإنتاج الصناعات الخفيفة إلى أن جاءت سياسة الإصلاح والانفتاح التي شكلت مرحلة جديدة من التاريخ الصيني انتقلت خلاله الصين من بلد منغلق على ذاته إلى بلد مستقطب للاستثمارات الأجنبية التي تهافتت على الصين للاستفادة من رخص اليد العاملة فيها. وبذلك استطاعت بكين تأمين المزيد من فرص العمل، وحققت فائضاً اقتصادياً في مجال الصناعة، وأصبح لا يوجد بيت في العالم إلا وفيه منتج صيني، فكانت عبارة “صنع في الصين” هي الأشهر عالمياً.
لقد ركزت الصين في البداية على الصناعات الخفيفة والرخيصة، والتي لولاها لما استطاعت دول العالم الثالث الحصول على التكنولوجيا المتمثلة بشراء الحواسب وأجهزة الاتصالات وما شابه ذلك. تلك المنتجات الصينية كانت سبباً في نقل العديد من دولنا العربية إلى عصر المعلومات والتقانة.
في تلك المرحلة، بدأ العالم يراقب التقدم الصيني بقلق وأمل، قلق من قبل الدول المعادية للصين والتي تخشى على مكانتها الدولية وترى أن الصعود الصيني سيشكل خطراً كبيراً عليهم، ودول أخرى تراقب بأمل هذا النجاح الصيني كون الصين دولة مناصرة لجميع شعوب العالم وخاصة الفقيرة منها.
ثم بدأ الأمل يكبر، عندما أعلنت الصين على لسان رئيسها الزعيم شي جين بينغ عن مشروع الحزام والطريق في العام ٢٠١٣، هذا المشروع العظيم الذي سيربط كل دول العالم بالصين، وسيحقق المصلحة المشتركة للجميع عبر سياسة رابح رابح التي قدمتها فكرة المشروع.
لقد شكل هذا المشروع الخطوة الأعظم على الصعيد الخارجي، حيث بدأت الصين بتشييد البنى التحتية في العديد من الدول الفقيرة، وأحدثت بنكاً للمساعدة في تنمية تلك الدول عبر قروض ميسرة، فبدى حلم التنمية وقد بدأ يتحقق في العديد من الدول الافريقية عبر الشركات الصينية.
كذلك بدأت الصين باستقبال آلاف الطلبة من جميع دول العالم، والذين حصلوا على منح دراسية شاملة كافة المصاريف ومغطاة من قبل الحكومة الصينية، فكان هؤلاء الطلبة بعد تخرجهم رسلاً للصين في دولهم، حيث نقلوا ما شاهدوه من محبة واحترام ورقي من قبل الشعب الصيني، كما كتبوا وتحدثوا عن التجربة العظيمة للحزب الشيوعي الصيني ودوره في بناء الصين الحديثة.
واليوم، تتعرض الصين لحملة إعلامية معادية، تستهدف النيل من سمعتها على الصعيد الدولي، وازدادت تلك الحملة مع ظهور فيروس كوفيد ١٩، حيث تم اتهام الصين بإنتاجه، لكن الأيام أثبتت زيف ذلك، ولعل ما أعلنه الجيش الروسي عن اكتشاف المعامل البيولوجية في أوكرانيا يفضح حقيقة من قام بصناعة فيروس الموت ثم قام بإرساله إلى الصين وغيرها من الدول.
الصين وكعادتها، عند اكتشاف الفيروس، نجحت في تحويل الأزمة إلى فرصة، فمن خلال ادارتها الناجحة لتلك الأزمة، جعلت العالم كله يتحدث عن هذا التفوق الصيني، كما انتقلت إلى مساعدة جميع دول العالم عبر تقديم الخبرات ونتائج الأبحاث الأولية حول الفيروس، ومن ثم تقديم وسائل الكشف عن المرض، وصولاً إلى تقديم اللقاحات كمساعدات إنسانية للدول الفقيرة.
وعلى الرغم من المرونة التي تبديها الصين في التعامل مع القضايا الدولية، إلا أنها وقفت موقفاً حاسماً تجاه بعض القضايا، فاعتبرت سياسة “صين واحدة” حق مقدس ومبدأ لا يمكن المساس به، لذا فالعالم كله أصبح مقتنعاً بحق الصين باستعادة تايوان وضمها إلى الوطن الأم، وأن هذا الأمر لا يقبل المساس به ولا التفاوض عليه، وكلنا ثقة أن تايوان ستعود وقريباً ونتمنى أن تعود بالطرق السلمية والوسائل الدبلوماسية كما عادت من قبل هونغ كونغ وماكاو، وهذا الأمر هو في مصلحة تايوان قبل أن يكون في مصلة الصين. ونأمل أن يفشل المخطط الغربي الذي يسعى لاستهداف الصين من خلال تايوان، فالغرب أثبت أنه لا حليف له، ولعل تجربة أفغانستان خير دليل على ذلك.
مئة عام مرت والحزب الشيوعي الصيني لايزال قادراً على التجدد والعطاء، لقد وفى بوعده للشعب الصيني فقضى على الفقر، رغم أن العالم كله اعتقد أن ظهور فيروس كوفيد ١٩ سيعرقل تحقيق هذه الهدف، لكن التاريخ يثبت أنه لا شيء يمكن أن يقهر إرادة الشعوب إذا ما توافرت لها قيادات وطنية، وذات رؤية سياسية وإدارية. وبحكم تخصصي في الإدارة العامة فقد أثاري فضولي الاطلاع على التجربة الصينية وسر نجاحها، فوجدت في كتاب الزعيم شي حول الإدارة والحكم ما يفسر ذلك.
نعم لقد أصبحت الصين تنافس على عرش العالم، وأعاد الحزب الشيوعي الصيني للأحزاب الشيوعية بريقها بعد الفشل الذي تعرضت له والمتمثل في انهيار الاتحاد السوفييتي، وأصبحت الشيوعية ذات الخصائص الصينية تجربة جديرة بالقراءة والاهتمام بروية وتمعن، وأصبح العالم ينظر للشعب الصيني باحترام وتقدير، بل يعتبره قدوة في إلتفافه حول قيادته وثقته بها وعمله معها في سبيل تحقيق الهدف الأسمى ألا وهو بناء الصين الحديثة الواحدة الموحدة. كل عام والشعب الصيني الصديق بخير … كل عام وحزبكم العظيم بألف خير….

# سفيربرس _ بقلم  : تيماء توفيق ابراهيم

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *