“الشاطر حسن” يهاجر إلى ملكوت الخلود خيري الذهبي … وداعا
#سفيربرس: بقلم: هبة الكل

“كنّ يرسلن إليه أزهار الشّاب الظّريف ليعرف أنّه ظريف، وأزهار فكر فيني ليعرف أنّهن يفكرن فيه، وأزهار الكبّاد ليعرف أنّ أكبادهن توجعهن كلّما مرّ بهن، وأزهار القلب المحروق ليعرف أنّ قلوبهن احترقت، وأزهار ورد الأرق ليعرف أنّ مرضهن القاتل هو الأرق، وأزهار عطر الليل ليعرف أنّ وجوده قريباً منهن يعطر لياليهن، أمّا أزهار الجرح الدامي فكانت ليعرف أن قلوبهن تنزف من العشق”. من رواية “رقصة البهلوان”.
عندما يرحل عنّا مفكر وروائي شهدت له أعماله بعظمته تشعر وكأن صدعا جديدا قد صدع صخرة الثقافة والأدب والفن الجميل، ويكأن أوراق شجر التوت تتعرى أمامنا شيئاً فشيئاً…
ولكن… بماذا نرثي كتّابنا ومبدعينا ؟؟
أتراها بكلمات مخطوطة أم بأبيات شعر محفوظة؟؟ أم بالآهات والدموع المسكوبة؟؟؟
خير الرّثاء وعد على الحبّ باقون…
خير الرّثاء إرث للكون منشور…
خير الرّثاء دعاء من القلب منثور..
يرحل عنّا اليوم الكاتب والروائي السوري “خيري الذهبي” عن عمر يناهز 75 عاما، قضاها فكراً وكتابةً وعملاً خالداً في ذاكرتنا…
فكيف ننسى روايات “ثلاثية التحولات”: حسيبة 1987م، فياض 1989م، وهشام أو الدوران في المكان 1997م.
لن ننسى طريق الذهبي من كتابه “دمشق إلى حيفا 300 يوما في الأسر الإسرائيلي”، والذي نال عليه جائزة “ابن بطوطة لأدب الرحلات” عام 2019م.
طريقه الذي بدأه حين غادر دمشق إلى مصر في بداية ستينيات القرن الماضي، وهناك تلقى تعليمه الجامعي في جامعة القاهرة، وتخرج منها حاملاً الإجازة في اللغة العربية، وتتلمذ أدبياً على أيادي نجيب محفوظ وطه حسين ويحيى حقي.
ثم عاد إلى دمشق، ليعمل مدرساً لمادة اللغة العربية في مسقط رأسه، ومن ثم في مدينة الحسكة، شمال شرقي سوريا، إلى أن التحق بخدمة الجيش الإلزامية، حيث فُرز كضابط ارتباط مع قوات الطوارئ الدولية على خط الهدنة مع “إسرائيل” في الجولان المحتل، ووقع أسيرا لدى جيش العدو الإسرائيلي، خلال حرب تشرين الأول 1973م.
واستمرت مدة أسره 300 يوماً، ليعود بعد تحرره من الأسر إلى دمشق مُسهماً في حركتها الثقافية والفنية، قاصاً، روائياً، وكاتباً مسرحياً ودرامياً، ومترجماً عن اللغة الإنكليزية، ومشاركاً في تحرير العديد من الدوريات الثقافية السورية.
ومن الروايات التي كتبها الذهبي: “ثلاثية التحوّلات” كما تقدم، “فخ الأسماء” 2003م، “لو لم يكن اسمها فاطمة” 2005م، “صبوات ياسين” 2006م، “رقصة البهلوان الأخيرة” 2008م، “الإصبع السادسة” 2013م، و”المكتبة السرية والجنرال” 2018م.
وله مجموعة قصصية تحمل عنوان “الجد المحمول” 1993م، ومقالات مختارة بعنوان “التدريب على الرعب” 2006م، وكتاب “محاضرات في البحث عن الرواية” 2016م. ومن ترجماته، كتاب “قصص من بلغاريا”.
كما كتب العديد من الأعمال الدرامية للتلفزيون السوري، منها:
“ملكوت البسطاء”، “الشطار”، “وردة لخريف العمر”، “رقصة الحبارى”، “حسيبة”، و”ملحمة أبو خليل القباني”.
وبرحيل خيري الذهبي:
يرحل صاحب الحبكة الشيقة المعجونة من طين الخيال وماء التاريخ بأيادي حكايا شعبية.
#سفيربرس: بقلم: هبة الكل