إعلان
إعلان

في حضرة الألم : بقلم دلال ابراهيم

#سفير برس

إعلان

أفاقت في ساعة مبكرة كعادتها منذ وعيت على الدنيا, أرسلت عينيها عبر النافذة التي تكاد تحتل الجدار بأكمله, تتأمل انهمار ضوء بدأ للتو يشع معلناً نهار جديد.  تذكرت في طفولتها كيف كانت تخشى النافذة المفتوحة في الظلام, ولا تجرؤ على إغلاقها أو الاقتراب منها.. لكنها اعتادت فيما بعد, بعد قهر الخوف بداخلها وهي لم تزل صغيرة أن تفتح النافذة لرؤية خيوط الشمس وهي تتسلل إلى غرفتها كلما استيقظت باكراً. حاولت النهوض لكنها تكاسلت مستسلمة للدفء الذي يحفها من جميع الاتجاهات, استعاد ذهنها في تلك اللحظة قصيدة قرأتها للشاعر أحمد موحان:

مَساقطٌ لأضواءٍ شتّى

من كلّ حدبٍ وصوبْ

كلّما هممتُ بصلاتي لكِ

أن حان الوقتْ ..

خذلتني ظلالُكِ المتعدده

و حارَ المؤذّنُ في..

أيَّ (حي على الصلاة) يختار !!

متسائلة من أين نستمد نحن البشر ضوئنا ؟ أمن داخلنا أم من الخارج ؟ إن كان من داخلنا معناه هذا الضوء الخارجي هو مجرد حيلة!!؟؟  ماذا تنتظري ؟.. قفز فجأة هذا السؤال إلى واجهة تفكيرها, فها هو الحزن يراقبها من نافذة حجرتها, شبابيك قلبها مفتوحة, ينتظر بفارغ الصبر أحد يطمئن عليه. يضيق بها الفقد لصوت الأصدقاء وبعدهم. خلف هذا المشهد يناورك الحزن, لا تدرك ما أصابك, الخوف يحاصرك, تردد الكلمات داخلك, وتحاول كتابة مأساتك, أوجاعك, تعاستك, فرحتك, اندهاشك, بكائك, فقدك سرك, وسجنك, لكنك عاجز صخب النهار بدأ يمزقك..حسناٌ.. تحركت بتثاقل من وسط سريرها بعد مضي ساعة كاملة من التحديق المتواصل في سقف الغرفة. ماذا أنتظر؟ تسائلت بينها وبين نفسها .. يرهقها شعورها بالوحدة الدائم حتى وسط ضجيج الحياة, وتسرح في تفكيرها. نعم .. هناك شيئاً عالقاً في قلبها!.. لا تستطيع الافصاح عنه مهما كان الأمر. شيئاً لا تصفه الأبجدية, في حال حاولت الكتابة عنه, شيئاً يشبه الماضي .. ربما لا تعرف, جرح كئيب, ربما لا …لا تعرف كيف تكتب عنه أبداً. لكن تعرفه حاضراً الآن, شيئاً تتبعه تنهيدة, هدوء, صمت, مأساة, الحزن بجانبها, دمعة قادمة, غيمة باردة, لوحة خشبية خادعة, ولوحة أخرى تخط رمشها, وتخاف مكرها.ولكنها تعرف صعوبة أن تصف لكم وجع شظية في جسدها حاولت نزعها مراراً وتكراراً, لكنها تختفي ليلة وتظهر ليلة؟ رشقت الماء على وجهها ورسمت على شفتيها ابتسامة مصطنعة حين وقعت عينيها على انعكاس صورتها في المرآة فيما كانت تتحسس بشرتها الملساء وتحدق في لون عينيها الذي يتبدل لونهما في العتمة يكتسب لون وفي الضوء لهما لون آخر. فكرت .. لماذا تبدو صورتي متجهمة؟ سأحاول أن ارسم ابتسامة لأني سأبدو أجمل.. يا لها من ابتسامة بلهاء !!.. من الصعب عليها اجبار ملامح وجهها على اتخاذ ملامح أخرى تعاكس شعورها واحساسها الحقيقي.. من الصعب أن ترجو قلبها التوقف عن شيء ما ..ومن الصعب ايضاً … أن تركض نحوك كل هذه المسافات دون أن تحرك ساكناً … شعور الخيبة تماماً .. ولهذا شجون واسعة في قلبها. ما الضير أن تخبرنا أجسادنا بأن نقف عند هذا الحد من التعب .. من الانتظار .. من أشباه الأصدقاء والطرق… من أنصاف الأشياء ..

أن نعود إلى فطرتنا السليمة والبكاء بطريقة صحية بعدما خاننا لفترات طويلة  .. لنبكِ.. فما الدمع إلا قداسة في حضرة الوجع والألم المخفي هنا وهناك .. وما الناس إلا أشخاص قسمونا نصفين ولم نكن نعلم … استنشق هواء يكفيك لوعة الفقد… ويكفيك لوعة الخذلان .. ويكفي لأن تكمل طريقك على هواك..

#سفير برس- دلال ابراهيم 

إعلان
إعلان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *