التأسلم..واستيراتيجية مصنع البلاط _ بقلم: محمد فياض.
#سفيربرس _ القاهرة

التدين الصحيح الفطري حاربته جماعة الإخوان.وصنعت لنفسها منهاجاً ووضعته حدوداً فاصلة بين فسطاطين..فسطاط الإيمان وفسطاط الكُفر.وذهبت جماعة حسن البنا من أول يوم إلى تأليه المؤسس.المرشد الأول وأطلقت عليه مسميات..الشيخ النوراني..الشيخ القرٱني.الأب المؤسس. وبدوره قال البنا لجماعته: كن بين يَدَي مرشدك كالميت بين يَدَي مُغَسِّله يُقَلّبَهُ كيفما يشاء..
وبدأت الجماعة تمد الخط على استقامته في طريق التأسلم فانتهى وللٱن ينتهي كل كلام الإخوان عند الشيخ القرٱني.ولاينتهي في تلقي تعاليم الدين الإسلامي الحنيف عند النبي محمد صلى الله عليه وسلم.بل عند الشيخ الإمام حسن.ويبدأ الكلام _ لا أقول الحوار لأنهم يرون الحوار جدالا ويفضي إلى الشِّرك _ وينتهي ولايحضر من الدين الحنيف سوى الدفاع عن الإسلام.. والإسلام في خطر.. الإسلام الذي لقنهم تعاليمه الشيخ النوراني المسلح.هذه البئر التي شرب منها شكري مصطفى مؤسس الجماعة الإسلامية والتي تم تسميتها الإعلامية جماعة التكفير والهجرة. وأطلق على ذاته..أمير ٱخر الزمان والذي رأى أن “.المسلم ليس من ينطق الشهادتين.ومن يخرج عن الجماعة المسلمة فهو كافر..” وشكري مصطفى هنا يعيد قناعته ودينه إلى منابعه الأولى.. إلى الإخوان.ويستندون إلى فتاوى القيادات الإخوانية المتأسلمة ومن أعماق البئر المريرة للتأسلم يقول محمود الصباغ أحد قادة الجهاز الخاص للإخوان..”. إن أعضاء الجهاز يمتلكون دون إذن من أحد الحق في قتل مايشاؤون من خصومهم السياسيين..وأن قتل أعداء الله غيلة هو من شرائع الإسلام..” وهذا يأخذنا إلى الحجة المتأسلمة التي رسّخها سيد قطب حين قال: ..” من لم ينتمِ إلى جماعتي ليس بمسلم وتجب عليه الإستتابة.ومن يأبى فبحد السيف..”
وظلت الجماعة تؤسس من اللحظة الأولى لتطويع المجتمعات وإجبارها على دخول الإسلام..إسلامهم وجماعتهم وإلا إعتبارهم ديار كُفر تجب محاربتهم وإخضاعهم أو قتلهم.
وفي ذلك يقول البنا: اقتلوهم والقاتل يُثاب على قتله..”
ومارست الجماعة الإرهاب من بداية التكوين فقتلت الشيخ الذهبي وأحمد ماهر والنقراشي وأحمد باشا الخازندار وتخرجت من عباءتها كل التنظيمات المتطرفة في العالم.وحين ركنت إلى التربص والمكايدة والإنخراط بين مجتمعها في مصر وفي كل البلدان التي تسرطنها كانت تدير التنظيمات المتطرفة والتي ألّفَتها شخوص خرجت عن الإخوان وأسست تنظيماتها المسلحة ومن دون إخلاء السبيل لهؤلاء الأشخاص وتوزعت الأدوار. التنظيمات الخارجة عن الجماعة تمارس الإرهاب وتتهم الإخوان بالتخلي عن الجهاد. والإخوان تدير تلك التنظيمات عن بُعد.وتصنع مقاربات مع أنظمة الحكم..إن حالات السكون التي نلاحظها بعد كل مواجهة بين الإخوان وتنظيماتها الإرهابية التي تُشَغّلها وبين الحكم ليس معناها أن جماعة التأسلم قد انتهت كما يعتقد البعض.بل هذه الرؤية هي بمثابة خيانة أو مؤامرة خاصةً إذا صدرت عن نخبة أو الخطاب الرسمي للدولة.فقد احترفت الإخوان الظهور بغير مايدبِّرون من شرور..وقناعتهم بتكفير المجتمع والدولة عقيدة ثابتة وإن أصدروا في لحظات تاريخية بيانا بذهاب الجماعة ودكاكينها المُلغّمة إلى ثمة مراجعات..هي محاولات خبيثة لكسب بعض من الثقة التي فقدتها في محيطها..واستراحة إرهابي.
فهذه مجموعة من أعضاء مكتب الإرشاد تسأل سيد قطب : .”..يا إمام.أفْتِنا في ما إذا دُعينا إلى عقيقة غير إخواني..أَنذهب ونأكل .؟ .”
ليأتي رد سيد قطب: “.. إذهبوا وكلوا ولنعتبرها ذبيحة ذِمِّي .” .
هل هذه الجماعة التي تقسّم المجتمع إلى إخواني وكافر..إلى مجاهد..ومشرِك .يمكن أن تندمج في المجتمع..؟
وهل هي جماعة وطنية..؟ !!
وهل من الممكن أن ينطلي علينا أن الجماعة يهاجمها ثالوث التأسلم طالبان وبن لادن.وايمن الظواهري..؟!
والأخير حينما يعلن أن الإخوان اختارت مهادنة الحكم وتوقفت عن ممارسة الجهاد ( الإرهاب) .ليصنع تشويشاً ذهنياً جمعياً يرسل إلى الشعوب رسائل مفادها أن جماعة الإخوان باتت لاتشكل ثمة خطر على مجتمعها في أي دولة لينفتح لها الطريق للتواصل مع أنظمة الحكم وعقد شهورا من العسل _ الأسود بمرارة البئر العفنة التي نبعت عقيدة الجماعة منها.ولجهة التمكين فتتوحد الغايات والأهداف لكل التنظيمات المتطرفة والإرهابية في العالم دون إستثناء واحد..
وعندما يقول الظواهري .”.أن الجماعة وقد قبلت بالديمقراطية وتخلت عن البندقية وممارسة الإرهاب المباشر. ” هو ربما يعتقد أن الشعوب بسذاجة الإنضواء تحت راية الإخوان لنصرة الإسلام وإقامة خلافتهم الإسلامية..لكن الفطرة السليمة للشعوب والموروث الحضاري كان لاجماً يُقيّد حركة الإرهاب مباشر أو غير مباشر..فالبئر واحدة.لافرق جميعهم تلاميذ الشيخ المفخخ.
ولأيمن الظواهري ثوابت عقائدية يطلقها بالوكالة عن كل الأدوات التي تجهزت عبر أكثر من 80 عام.وقد داعب بلطف من يستهدفهم لاستدراجهم تحت مظلة الإرهاب حيث وفرة الدعم وعالمية التمويلات.
وقد قال وبصدد إنتقاد الإخوان _ والمتفق عليه وربما المرشد هو من صاغ الخطاب _ : ” من يقول مسلم ديموقراطي أو ينادي بالديموقراطية كمن يقول أنا مسلم يهودي أو نصراني.كمن يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن مسيلمة رسول الله..”
ولما كانت جماعة الإخوان بطريقة تأسيسها وخطابها من البداية معبراً عن مشروع أيديولوجي ثيوقراطي عابر لفكرة الحدود والدولة القطرية غايتها هضم الأوطان وإخضاعها فقد رهنت غاياتها على وسيلة واحدة وحيدة لصرف مباديء متأسلمة على الجمهور بالإرهاب والعنف.وقد خططت من البداية لذلك فأوكل الشيخ النوراني_ كزعمهم _إلى عبد الرحمن السندي بتأسيس الجهاز السري..الجهاز المسلح الذي سوف توكل إليه الجماعة مهمة القتل.ليقرر السندي إطلاق يد أي عضو من التنظيم الخاص بقل من يشاء مادام في خدمة الجماعة.
وفي سبيل ذلك قام السندي باختيار أعضاء التنظيم وتدريبهم للمهام الإرهابية وعمد عبد الرحمن السندي إلى حتمية أن تجد جماعة الإخوان حلاً لتوفير السلاح.فقرر قائد التنظيم الخاص الحصول على عقار في عمارة بحي السكاكيني. ولتعمية الأجهزة الأمنية وقتىذٍ كان قرار السندي عمل ورشةلصناعة البلاط.لايدخلها ولايعمل فيها إلا أعضاء في التنظيم الخاص الذي أسسه ويديره للعمليات الإرهابية.وتم إختيار هذا النشاط بذكاء..حيث تحتاج صناعة البلاط إلى مكبس هيدروليكي..لهدف صناعة قطن البارود..ظلت لسنوات ورشة البلاط تعمل علانية في صناعة البلاط وفي أثناء مختلفة بعيداً عن أعين الناس والأمن.وتعمل سراً في توفير قطن البارود للتنظيم الخاص الذي سيأتمر ويُنفِّذ .ووضعت الجماعة من لحظة المنشأ وبجدية خارطة طريق لهدفها الإستراتيجي جعلت من ورشة البلاط في حي السكاكيني غرفة تصنيع قطن البارود للمتفجرات. وبينما السندي يصارع الزمن لتدريب كتائب تنظيمه السري وأفراد الجماعة ينصبون الشِباك للتجنيد في مجتمعات فقيرة وقعت بفعل فاعل من حسابات أنظمة الحكم.وارتكبت ضدها الحكومات كل جرائم البطش الإجتماعي والإقتصادي واحتقرتها لتحتكرها جماعة الإخوان بسهولة ويسر .كانت الحكومات في ذات الوقت تنتقي بطانتها الغاشمة و تخلي سبيل الشعوب لتقع صيداً يسهل تخديره وتشغيله في صفوف الإخوان.فتزداد القوة العددية يوماً بعد يوم وبالتالي أعداد التنظيم السري والحاجة إلى التدريب وإلى السلاح.وكانت الجماعة المتأسلمة وإلى الحين تعتمد في الذهاب إلى دولة الخلافة وحاجتها إلى السلاح لمقاتلة فسطاط الكُفر ومجتمعات الجاهلية على استيراتيجية ورشة البلاط.من حيث ضرورة تصنيع السلاح والتخفي خلف مشروعات إقتصادية وغيرها سعياً لتحقيق هدف إمتلاك تنظيماً خاصاً قادراً على مواجهة الجيوش الكلاسيكية وهزيمتها لجهة مشروع الماسونية والصهيونية الذي ماكان الماسوني الساعاتي إلا لأجله. فهل من الجائز لعاقلٍ واحد أن يطالب بالصلح مع تلك التنظيمات.؟ .وهل الإخوان تملك مقومات وشرائط الجماعة الوطنية.؟!.وإن هدأت الأمور وتوقف القتل والتدمير وانطفأت الحرائق.وإن إمتد السكوت الإرهابي لسنوات طويلة.هل يعني هذا أن جيلاً جديداً من الإخوان_ في إعتراف صريح ومؤكد أن الإخوان لم يتم القضاء عليها والجماعة لم تتخلى عن تنظيمها الشاذ وغاياته وأن الحاصل لايعدو مراجعة فارق القوة لا مراجعة فكرية _ تُسوِّقه النخب السياسية والإعلامية..لا بجهل بل بعمدية إفساح الطريق للمتأسلين مراجعة قدراتهم وتصحيح التحالفات. للإنقضاض على المجتمع والدولة وأركان وجودها في مرحلة لاحقة والإستفادة من الأخطاء التي أفرزتها تجربة حكم العام الواحد في مصر . باقية جماعة الإخوان ولم تسعى الدولة الرسمية إلى مواجهتها سوى بالسلاح..لكن هزيمتها النهائية القضاء على إستراتيجية ورشة البلاط يحتاج إلى عدة معارك وتشريعات تسهم في خلق مجتمع بأنساقه المختلفة متوازناً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً قادرٌعلى المواجهة الفكرية وتجفيف التمويلات لهدف تعاظم قدرة المناعة السياسية والمجتمعية على إبتلاع جماعات التأسلم بتجفيف مصادر التجنيد والتمويل..الخطوة التي تُرجِؤها الدولة الرسمية..ولصالح التأسلم والأخونة وبناء مدارس للإرهاب .وترحيل الصراع إلى أجيال قادمة. ( كاتب مصري).
#سفيربرس _ بقلم : محمد فياض _ القاهرة