إعلان
إعلان

“إعلاميو المنصات الجدد وأوبرا القمل”. بقلم : نورس برو

#سفيربرس

إعلان

مضى تقريباً 18 عاماً لي في الحقل الإعلامي, مؤسسات مختلفة مكتوبة وإذاعية وتلفزيونية, محلية وعربية وعالمية, مناصب متنوعة, برامج عديدة ما بين السياسي والاجتماعي والخدمي والناقد والفكاهي, مئات الحوارات بشتى المجالات, نمط الStand-up والOne man show… الخبرة التدريبية والتدريسية…وأقل منهم قليلاً في الحقل الفنّي مسرحياً وتلفزيونياً, تأسيساً وتدريباً وعملاً…!

اليوم, ومن بعد هذه السنوات والخبرات والدراسات مجموعة و بكل أسف لا أجد لنفسي مكاناً وأقولها بكل صراحة بين مكونات عمل الجيل والمزاج الجديدين والباحثين عن الترند والشهرة فقط… وكأني وبرفقتي أبناء جيلي من أصحاب الثوابت العملية والمهنية غدونا من المنسيين, وهذا ما قد يكون خاطئاً, ولكنه إحساسي الخاص…!

لم أهتم يوماً بالتفاعل ولا بعدد الإعجابات, أنشر وأعمل وأقدم ما أحب, وما يمتعني فقط وما يحافظ حالياً على اسمي على قيد الحياة, هكذا تعملنا عن شغف العمل خلال سنوات خلت اختلف فيها المزاج العام, وتقلّب كثيراً… ويبدو أن هذا هو غلطي وغلط الجيل “القديم” الذي لا فكاك منه إذا ما كنت من أصحاب المبادئ العملية والمهنية, والأهم من ذلك, الكرامات…!

وما زلنا نبحث عن مرادفات للكلام في القاموس وسط بحث “إعلاميّ المنصات الجدد” عن الفضيحة والترند ولبس نادين الراسي المفجوعة بوفاة أخيها… للعباد رب يحاسبهم ويحاسب نواياهم…!
ما زلنا نبحث عن المصدر الصحيح وسط بحث “إعلاميّ المنصات الجدد” عن قصة مؤلفة أو جملة مجتزأة أو كل ما هو صالح لجلب 100 إعجاب على منشور يقدّم على أساس أنه تحقيق أو مقال يحتوي على 100 خطأ لغوي وتحريري وأخلاقي…!
ما زلنا نبحث عن الإبرة في وسط كومة القش وسط بحث “إعلاميّ المنصات الجدد” عما يحيكونه بها…!
وما زلنا ندرب لغتنا يومياً وأصواتنا يومياً ونجد النقص بهما, بينما تصدح أصوات “إعلاميّ المنصات الجدد” بكل ما هو مثير للترند الرخيص شكلاً ومضموناً وفي كافة المناسبات…!

نحن لسنا الأفضل حكماً… وقد ينقصنا الكثير… ولطالما آمنّا بأن صفة “الصحفي” أهم بمرات عديدة وأكبر من صفة “الإعلامي” كما قال يوماً المرحوم “جورج جرداق” وقد تكون هذه النقطة… نقطة خلاف… لكنّي لا أستطيع حتى الآن وبأي صفة أرى نفسي بها أن أجرّ نفسي إلى هذا الاستهلاك والأذية لمشاعر وتوجهات الآخرين…!

ربما كان نقيب الفنانين مخطئاً في كلامه للصحفيين من موقعه كمسؤول, ولكن… هل ترك زملاءنا “الإعلاميون” واللذين يعملون بعقلية المنصات, ولو كانوا في مواقع عمل أخرى الحجة له كي لا يوجه لهم هكذا خطاب وسط تصفحه اليومي لما يقدمونه على السوشال ميديا من تفاهات؟! وهنا لا أعمم طبعاً…!

لا أذكر بأن مهمة “الإعلامي” كانت تتمحور حول التوق للتصور مع فنان ما أو إحراجه بشكل شخصي, ولا أذكر بأن مهمته كانت الامتنان المبالغ الى حد تصغير النفس لهذه الصورة, أو هذا اللقاء فهو صانع مجد الفنان بشكل عملي والناقل له إلى الجمهور, ولا أذكر بأن هدفه أيضاً كان مجرد الإنتشار, ففي زمن سبق قال لي إعلامي مخضرم جملة ما زالت تحفر في البال “مجد الإعلامي لحظة… وغلطته عمر بأكمله”…! بل أذكر بأن مهمة الإعلامي البحث والتقصي عن الحقيقة وتقديم ما يوجه الناس باتجاه الصحيح ثقافياً وأخلاقياً وفكرياً لا أن يتحول إلى مدير أعمال أو مجرد باحث عن إعجابات…!

ربما أضحت مفاهيمي بالية وربما لا لزوم لها في بلد ال15 مليون إعلامي وإعلامية, وربما أنها ستقرأ على أنها مجرد كلمات قد تصلح, أو لا تصلح لمقال ملئ بالمثاليات التي لا يؤمن بها “إعلاميو المنصات” والمناسبات… ترندات… أفراح… أتراح… افتتاحات… طهور… أعياد ميلاد… ولكنها على الأقل ستكون كلمات بسيطة لتذكرني بماهية حقيقة عمل الإعلام وسط تصفحي لمنشورات الفيس بوك وما أجبر على رؤيته من ثقافة جديدة تدعى “ثقافة إعلاميّ المنصات”…!

وأخيراً… لا تستحضرني هنا إلا جملة “الماغوط” الأخيرة في قصيدة “أوبرا القمل” حينما قال:
“هذا هو الموكب الذي يحفّ بي مع كل لقمة وإغفاءة ونزهة وقبلة وقصيدة”.

# سفيربرس. بقلم  : الإعلامي والمخرج نورس برّو

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *