إعلان
إعلان

خرائط الأزمة.. وهندسة الحلول __ بقلم: محمد فياض

#سفيربرس _ القاهرة

إعلان

في مفهوم العقد الإجتماعي عند جان جاك روسو أن الشعوب تملك من الحرية مايكفي لتقرير المصير.وأن ثمة تنازلات من الأفراد تتراص ليتكون من مجموعها حزمة من السلطات تمارسها الحكومة لصالح مجموع المتنازلين..وليس للمصلحة النفعية لثلة المتنازل إليهم..
ولكي لاتتضارب المصالح أو تتصارع فترتبك السلطات وممارساتها وفق الهوى فتتفكك الروابط المفترضة لديمومة تفاعلات الأنساق الإجتماعية وحراكها صعوداً محموداً لجهة الإستقرار المتناغم.والمفترض لإحداث تقدم الأمم ورفاهية شعبها.
فقد ذهب العقد الإجتماعي في عصر التنوير إلى صياغات مكتوبة.
يسبقها ماهو لازم لوضع كافة القضايا تحت مجهر الكتابة وحياكة النصوص باحتراف..لايخلو ربما من مكيدة تغليب مصلحة ضد أخرى.ولايفوتها أن تعلن في الديباجة الإتكاء المرتكز على حزمة القيم الأخلاقية التي رسختها الأديان السماوية..وربما يأتي هذا ببعض من النقاء الفطري ذهاباً إلى المستقبل..وربما في الأغلب الأعم تصنع الصياغة سياجاً من قيم الأديان لتعمية الشعوب عن مواطن التفخيخ المتعمد داخل أروقة النص.
اتفق العالم من خلال الفلاسفة والمفكرين من علماء الإجتماع والأنثروبولوجيا على تسمية تلك الكتابة..النصوص..القواعد..بنود العقد الإجتماعي بالدستور..وتم الإتفاق وليس التوافق على إعتبار الأخير أبو القوانين.
وبالتالي لقيطاً ذلك النص القانوني الذي لاينتمي للأب..للدستور.ولأن الدساتير تعني كثيراً برسم خرائط إجتماعية تنشد الوصول إليها عبر تنظيم العلاقات بين طبقات المجتمع دفعاً..وترويضاً.. دفاعاً وتحفيزاً..لغاية الإمساك وفق القواعد بتلابيب النشاط ولجمه داخل الأطر حتى لا يعتدي السلوك الطبقي على الحدود الفاصلة بين مدارات الطبقات الإجتماعية بما يدفع إلى كسر الفواصل وتحطيم ممكنات الرضا الطبقي والأداءات اللازمة والضرورية المفترضة لتناغم إجتماعي دون إستعلاء ..وترسيخ قيم وثقافة الحاجة الضرورية والحتمية المتبادلة.
درءاً لمخاطر تثوير الأفراد..المهمشين والذين تم إسقاطهم تحت عجلات مكائد الطبقة في توسيع دائرة دورانها لتتجاوز مداراتها الٱمنة والمتناغمة إعتداءاً على الطبقات الواقعة في المدارات الأدنى..وهنا يخرج الحراك من كون مفرداته طبقات إجتماعية تتماسك في الهرم الإجتماعي إلى مفردات مغايرة تتشكل من الأفراد المطرودين خارج النظام الطبقي.قهراً…وبالتالي يصبحون خارج الحماية الدستورية في حال التطبيق..ويتعامى عنها النظام الحاكم..ويغض بصره عن النتائج التي يمكن إستفحال خطورتها كلما لكمتها كل الطبقات الإجتماعية في الوطن..ولا تتوقف مخاطرها على مجتمعها وقوانينها العقابية بل تمتد لتهديد كل نصوص العقد الإجتماعي…الدستور..والنظم السياسية الدستورية هي فقط من تستوعب إرادة الجماعة الشعبية وإعلانها الحاجة الحتمية لإجراء التعديلات على العقد الإجتماعي بين الحاكم والمحكوم..السلطة.والشعب .
ربما يعتقد البعض أننا نكتب هذه الكتابة في الإطار الفلسفي أو النظري..لكن الحقيقة أن بواعث أي عقد إجتماعي في أي بلد في العالم لاتخرج كثيراً عن الحاجة الضرورية لصون الحقوق الإقتصادية والإجتماعية أولاً وتتلوها في الترتيب السياسية والثقافية.
ودائما في كل الدساتير يتم رسم الخريطة الإجتماعية للشعب وضروراته الملحة وأُطُر فلسفة الحكم التي ينبغي ألا يستبدلها مُلّاك السلطة بفلسفة مغايرة توجّه البوصلة عكس إرادة الشعب وضد مصالحه..ويعد هذا المسلك خطيراً.
والأخطر هو الإستهزاء بقدرة الشعوب وعدم فهم سيكولوجية الجماهير حين تضحك ضجراً .وتبتسم دمعًا..وتتماسك لتضفير ضعفها ووهنها للإستقواء على رياح ناتج بطش أنظمة الحكم في الملفات الضرورة للحياة لأجل إحتضان الوطن للحيلولة دون السقوط..الإشارات التي دائما وأبدأ يستقبلها الحكام بوعيٍ صفري..
فتندفع الحكومات لامتلاكها المواد الخام للغباء الإستيراتيجي لإنتاج خرائط جديدة للأزمات..دون مبرر
وليس لحاجة أمن البلاد أو حتى مصالحها الجمعية الٱنية ولسان حال الممارسات يستصرخ الشعوب: إن كان فيكم رجال فليعلنوا رجولتهم..
وتتغابي الأنظمة والحكومات ويتبدى ذلك جليّاً في رسم الخريطة السياسية والاقتصادية بعقول أصابتها مبكراً أنيميا التفكير الإبداعي والوطني.
وفي حالنا..وفي مصر.هل نحن أغيار عن ماهية العقد الإجتماعي وبنوده وغاياته والاعتداءات الحادة لتكسير عظامه..؟ بالقطع: لا…
ذهبت مصر..الحكومة والنظام الحاكم إلى الطريقة الأسهل والأقسى على بنيوية الدولة القطرية..الإستدانة المستمرة والتي تهدد ليس المستقبل فحسب..بل كل المستقبل.ونتائج القروض وتعليمات الصندوق وتسليم السلطة لفرضية إمتلاكها المتفرد والمُعْجِز للحكمة والصواب والأهلية أوصلتنا إلى حقيقة موجوب الإعتراف الرسمي الٱن أمام السيد مالك كل السلطات في العقد أن المصريين في أزمة..
لايمكن تعاطي الدواء قبل الإعتراف بالمرض وتشخيصه بدقة.
لست ممن يذهبون بأفكارهم إلى هدم ماهو كائن..بل أنادي بالتعاطي المسؤول مع معطيات مانعانيه وتعبيد الطريق قبل الكارثة..
ولست مع فكرة إقالة الحكومة.بل مع فكرة محاسبتها عن السنوات السابقة تصفيقاً ما أصابت..ومحاكمة ما أخطأت..لانملك في بلادي وفي ظل الأوضاع الإقتصادية القاسية رفاهية مناداة أعضاء الحكومة لتقديم الإستقالات..سنكون بذلك قد كافأناها كعاداتنا التاريخية الغير لائقة الآن على التنكيل بالشعب وتجويعه وإفقاره وإمراضه.وسرقة حاضره ومستقبله ..ولايوجد في أي عقد إجتماعي في العالم مكافٱت للمعتدين أو المقصرين بعمدية على حقوق الشعوب..
لايوجد مصري واحد..دون أصحاب الحظوة ورجال المال الجدد الذين تفوقوا على نظرائهم القدامى وربما ركلوهم خارج رقعة الشطرنج.إلا وقد فقد كل مخزونه من الرضا العام..ومن الصبر..وتستفذه سلوكيات الحكومة ويكظم غيظه ويدير ظهره لبواعث التثوير في صدره..والحكومة تمعن في المزيد..
خرائطٌ من الأزمات باتت جلية تعلن عن إرتفاع حرارتها لأعلى درجات الحُمَّى ..هل تملك حكومتنا ترمومتراً لقياس غضب الجماهير..؟
أم أن الشعب ثلة من فاقدي الأهلية في حضانة ووصاية الحكومة..؟
وهل يملك النظام شيئاً..خططاً..أفكاراً.. مشروعاً يُضَمِنهُ الخطاب السياسي إلى شعبه ويصلح لبث الأمل وإنتاج الطمأنينة ووعد بمدة زمنية محددة طالت أم قصرت يمكننا وقتها أن نتنفس ونبرهن لأولادنا أننا بإمكاننا ومن جديد أن نحلم..؟
وماجدوى الحياه..والسلامة لشعبٍ يفشل حكامه في بث الأمل في نفسه..في بذر بعضاً من بذور الأمل لدى شبابه..في جعله قادراً على الحلم..على الإبتسام..؟؟!
والسؤال: هل وقعنا في البئر السحيقة ؟
إن كانت الإجابة: نعم.
فلنعلنها بشجاعة.وليس هذا وقت الحساب.بل نتكاتف بصدق للخروج منها..لإحداث التغيير الحقيقي ونتحمل المسؤولية جميعاً..
لكن هذا لن يتأتى بتلك الممارسات..لايمكن كتابة الدواء وتناوله مهما كان مُرَّاً قبل الإعتراف بالإعتلال..لنذهب وقتها إلى حوار حقيقي متخصص ووطني لهندسة حلولاً وطنية نستطيعها وقادرون على هندستها وإبداعها بعقول وطنية..في حوار وطني حقيقي وعاجل ومنجز.. والطريق ليس همايونياً..حوارٌ لهندسة الحلول..وليس حواراً للضرورة.

#سفيربرس  _ بقلم: محمد فياض _ القاهرة

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *