الصدمة النفسية.. بقلم : د. غالية اسعيد
#سفيربرس

يُقصد بالصدمة النفسية الإصابة الجسيمة التي تصيب نفسية الشخص، والتي قد تكون نتيجة حادث استثنائي شخصي يشكل عبئاً نفسياً على المعني بالأمر, قد يؤدي مثل هذا الحادث إلى الإصابة بصدمة نفسية، وذلك في حالة إذا كانت إمكانيات الفرد المُتاحة غير كافية لتخطي الموقف، أو في حالة عجز المتضررين عن التصرف، حيث يتولد عن ذلك عبئاً نفسياً جسيماً ضغط نفسي وغالباً ما يشعر الإنسان بنفسه في مثل هذه الحالات عاجزاً تماماً أو يصيبه خوف شديد أو رُعب.
الحوادث التي قد تؤدي إلى الإصابة بصدمة نفسية هي تلك المواقف التي تكون ذات طبيعة كارثية والتي تجعل معظم الأشخاص يشعرون بالإحباط،والخوف والعزلة الاجتماعية والقلق المعمم والرهاب والفوبيا وكثير من الاضطرابات النفسية الأخرى ومن أمثلة ذلك الكوارث الطبيعية أو الحوادث الخطيرة أو وفاة أحد أقرب المُقربين أو الإصابة بأمراض مهددة للحياة أو التعرض للعنف الجسدي والجنسي , وبالتالي فإن ضحايا الكوارث الطبيعية قد يعانون من الاكتئاب والقلق واضطرابات الإجهاد اللاحق للصدمة، خاصة خلال الستة أشهر الأولى من وقوع تلك الكوارث.
وعليه فإن الصدمات النفسية على اختلاف أنواعها تمر بمراحل خمس لابد أن يمر أي شخص تعرض لصدمة أو كارثة وتختلف مرونة الشخص على تجاوز هذه المراحل على حسب الحالة النفسية ومرونتها وقوة الشخصية والدعم النفسي والاجتماعي الذي يتلقاه سواء من الجهات المعنية أو المختصين النفسيين أو المبادرات الشخصية
ماهي مراحل الصدمة النفسية الخمسة ؟
1 – الإِنكار : يبدأ المتضرر من الصدمة بترديد (أنا بخير ) (لا يمكن أن يحدث هذا، ليس لي) الإنكار عادة ما يكون مجرد دفاع مؤقت للفرد, هذا الشعور عامة يُستبدل بالوعي الشديد بالمواقف والأفراد التي سَتُترك بعد الموت.
2- الغضب :ستمتع كثيراً من المتضرر بعض التالي ( لم أنا؟ هذا ليس عدلاً ( كيف يحدث هذا لي) (من الملُوم على ذلك؟) ما أن يدخل الفرد المرحلة الثانية حتى يدرك أن الإنكار لا يمكن أن يستمر، بسبب الغضب الذي ينتاب الفرد يصبح من الصعب جداً رعايته لما يكنه من مشاعر ثورة وحسد.
3 – المساومة : (فقط دعني أعيش لرؤية أطفالي يكبرون) (سأفعل أي شيء من أجل أن تعود لي) عبارات كثيرة مشابهة لما مر ستسمعها من المتضرر في هذه المرحلة ففي المرحلة الثالثة سيكون محاولات تحتوي على الأمل بأن الفرد يمكنه فعل أي شيء لتأجيل الموت أو الفقد عادة ما تتم المفاوضة مع قوى عليا (الإله مثلاً(
4 – الاكتئاب) :سأموت على أي حال، ما الفائدة من أي شيء سأفعله) , (لقد رحلت\رحل، لماذا أستمر بعده\بعدها) يبدأ الفرد في المرحلة الرابعة في فهم حتمية الموت و الفقد ولهذا يصبح المرء أكثر صمتاً ويرفض مقابلة الزوار ويمضي الكثير من الوقت في البكاء, تسمح هذا المرحلة للفرد بقطع نفسه عن الأشياء و الأشخاص المحبوبة له.
من غير المنصوح به أن تتم محاولة إبهاج الفرد الذي يمر بهذه الحالة لأنها حالة يجب أن يمر بها ويتعامل معها.
5 – التقبل : (ما حدث حدث ويجب أن أكمل الطريق) , (لا فائدة من المقاومة، من الأفضل أن استعد لما سيأتي) تمد المرحلة الأخيرة الفرد بشعور من السلام والتفهم للفقد الذي حدث القادم, عامة سيفضل الفرد في هذه المرحلة أن يُترك وحيداً، بالإضافة لذلك قد تنعدم لديه مشاعر الألم، وتعد هذه المرحلة نهاية الصراع مع الفقد.
ماذا يمكن للمصابين فِعله للتغلب جيدا على المواقف الصادمة؟
ينبغي بعد حدوث موقفٍ أو مواقف استثنائية أن يتم العمل على إنهاء مصدر الخوف وعلى إعادة الأمن إلى أقصى حدٍ ممكن ويقوم كل من الشرطة ورِجال الإطفاء وخدمات الإنقاذ بتقديم المساعدة في حالة الحوادث والأزمات الكبيرة، أما في حالة الحاجة إلى دعم نفسي أثناء أو بعد حدوث مثل هذه المواقف بقليل فإن هناك في العديد من الأماكن فرق عمل متوفرة تابعة للجهة المكلفة برِعاية الطوارئ النفسية الاجتماعية مثلاً رقم الطوارئ الخاص بالرعاية النفسية أو الفِرَق المكلفة بالتدخل في الأزمات
تتكلف الفرق الإنقاذية النفسية والمنظمات والمختصين والأطباء النفسيين وبعض الجِهات الأخرى (مثل خدمة تقديم المشورة عبر الهاتف دون الكشف عن الهوية أو الجهات المختصة في تقديم المشورة للضحايا أو المأوي الخاصة بالنساء أو مكاتب شؤون الأطفال والشباب) بتقديم المساعدة في حالة إذا كان الأمر يتعلق بالتعرض للعنف من طرف شخص غريب أو في بيت الزوجية أو داخل الأسرة
تكلف العواقب النفسية المحتملة الناتجة عن المواقف الصادمة المصابين الكثير من الجهد ولهذا فإنه غالباً ما تَقِلُّ قدرتهم على التحمل في أول الأمر، حيث يكون من المفيد للمعنيين بالأمر في هذه الحالة العمل على التخفيف قليلاً من الضغط والبحث عن مواقف مريحة وهادئة , قد يساعد في حالة التوتر الشديد مزاولة الفرد لنشاط جسماني بسيط، أما في حالة الإحساس بالضغط جراء الذكريات المتطفلة، فغالباً ما يساعد القيام بنشاط مألوف على تخطِّي ذلك.
يمكن لكل من الأشخاص المقربين من المصابين أو الموظفين المتدربين المساعدة على التعامل بإحكام مع المواقف القصوى التي تم التعرض لها، حيث قد يساعد إخبار هؤلاء الأشخاص المقربين بالقدر الكافي بما تم عيشه من تجربةٍ على التخفيف من الضغط ولا يزيد من درجة الإرهاق وقد يكون دعماً في التغلب على المعاناة.
ينبغي لمن ظلَّ يُعاني في غضون الأيام أو الأسابيع الأولى بعد حدوث الموقف الصادم نفسياً من الأعراض أو ظل يُواجه صعوبات في الحياة اليومية مثلاً الإحساس بالألم والخوف والانفصال عن المجتمع تلقي المساعدة النفسية من الأطباء والمختصين على وجه السرعة وخاصة الأطفال .
# سفيربرس _ بقلم : الدكتورة : غالية اسعيد