إعلان
إعلان

مآلاتُ العبورِ السوريّ الأخير.. بقلم :منصور جاسم الشامسي

#سفيربرس

إعلان

(1)

الدَّمُ عابرٌ
لا يُرْهِقُهُ الرَّصاصْ
يرحلُ عنّا كنشيدِ البِداياتْ
والعَرْشُ على الماءِ في حِدادْ
طائرُ الرّوحِ سارَ معَ العابرينْ
والجُروح قِصاصْ
لَوَّحَتْ للآتينَ ونادتْ: إنْ كُنْتمْ أصْدقائي، فلا تَنْسَوْا الأيّامَ الدّامياتْ/
حينَ نامَ الجُرْحُ فَوْقَ الجُرْحِ
واجْتاحَ العَذابَ عَذابٌ آخَرُ
والعُيونُ شارِداتْ/
يا جَميعَ أصدقائي،
لا تَنْسَوْا الذّكْرياتْ/
لَمْ أُنْكِرْها
فَلا تُنْكِروها،
لنا نصيبُنا الواسعُ من الحنينِ الواحدِ، الحياةِ الشاسعةِ المشتركةِ على صفحةِ الماء العربيِّ؛ مُحاطونَ بروحِ القُدُسِ والسَّماءُ مًتحرّكةٌ معَنا بظلالِها وكواكبِها كَهذه البَجَعات في الفُراتِ تسبحُ هانئةً مُطْمَئنّةً، في هناءةٍ، غيرَ مرتبكةٍ أو متوتّرةٍ، كالدُّنوّ النّاعمِ للفراشاتِ منَ الأرضِ، تقترِبُ من البَجَعاتِ الفُراتيّة تبثُّها رسالةَ غَرامٍ، حتّى تظلَّ الحَياةُ حَياةً فيّاضةً زاهِرةً زاخِرةً ومَسرّاتٍ وهناءاتٍ وسناءً، لا تَسْقطُ في هاويةٍ، و لاتغيبُ عنّا أطيافُ طفولَتِنا البَعيدةِ تعودُ إلَيْنا في رَشاقةٍ تتأكَّدُ أنَّ براءتَنا تظلُّ تلوحُ تَعْزِفُ بعُذوبةٍ وحُنوٍّ في شُرُفاتِ النّهارِ العربيِّ يَزوره المَلاكُ سعيداً تَصحبُهُ حوريّاتٌ في زينَتهِنَّ سَبَقهُنَّ عَبقٌ لاهِبٌ عالٍ ينعطفُ على القُلوبِ العربيّةِ تَبْتكِرُ جَمالاً مُتشابكاً نقيّاً عاصِفاً، يتنضّد، كعاشقٍ مطواعٍ ومُريد، مُتأنقٍ عطوفٍ رقيقٍ فاتنٍ، صبور كحائك سجّادٍ، وصانعِ بلّورٍ وخزفٍ ومذهّباتٍ، وكناسجِ شالاتٍ كَشْميريّة وعطورٍ مَشرقيّة، يحملُ، بيده الطيّبة، قِنديلاً، يطوفُ به المنازلَ العربية، كالمواسمِ الرائعةِ، ينسُجُ حَوْلَ قِنْديلهِ في البيوتِ الوادِعَةِ حكاياتِهِ الملوَّنةَ، عن الليالي العربيةِ الغائبةِ، ابْتغاءَ مَرْضاةِ الربّ، والأسلافِ الطيّبينَ، بروحهِ المُتْرَعةِ بالمداعباتِ اللطيفةِ، لوَشْوشاتِهِ وبوحهِ الرّقيق تأثيرٌ، ولكلماتِهِ السيّالةِ صورٌ مشعّةٌ غامرةٌ متتاليةٌ، وهطولٌ برّاقةٌ، يتركُ كلَّ ما يجرحُ، يقدّمُ كلَّ ما يسحَرُ، يوزّعُ الأصدافَ وحمّالاتِ الأزهارِ في الدّور، ثَمِلٌ بحبِّهِ، لا تَبْقى مرارةٌ معهُ ولا مِنْ بَعْدِهِ، تَتلاشى المراراتُ، فيدْنو غدٍ عربي مفرطٍ في الحب والعدل والإحسان والعولمة اللؤلؤية العربية، وجهها جميل كالسّماواتِ الحليفةِ، بياضُها نادرٌ وثمينٌ كقُلوبِ الأنبياءِ طبيعيةٌ فِطْريّةٌ كَوْكَبيّةٌ، يرسُمُ السِّرَّ العربيَّ، كوَجْهٍ قَمَريٍّ مُكْتملٍ، يَهَبُ دارَهُ لأهْلهِ، لأصدقائهِ، مَفْرودةَ الأجْنِحَةِ، تَطيرُ إلى كُلِّ عاصِمةٍ عَربيّةٍ، إثْرَ، كلِّ نَكْبةٍ وزَلْزلزلةٍ تَغْدو رابيةً مَلأى بالرّبيع،كلُّ شيءٍ يتحرّكُ باتّجاهِ الميزانِ والجِنانِ.

التّاريخ في حَيْرَةٍ
هَلْ يَمْضي بِعَكْس الاتّجاهْ ؟!
أمْ يَنْتَظِرُ تاريخَ التَّصْحيحِ يأتِيهِ مِنْ خَلْفِ المِرْآهْ
تأخذه يداهْ/

ارْكَبي النّورَ سوريا

كيفَ لِخُبراءِ التاريخ أنْ يُحَدّثونا عَنْ عَهْدكِ القَديم
لا . . . /
لا عُمْرَ لكِ/
ها بَلَغْتِ عُمْرَ السَّماءْ
هَلْ تَحَرّيْتِ، كَكُلّ جُرْحٍ جُرْحَكِ؟
جُرْحُكِ
أكْبَرُ
وأعْمَقُ
وأخْطَرُ
خُذي بأطْراف الدُّنْيا بَيْنَ أصابِعِكِ وحَرّكي المِغْزَل
يُفتِّقَ لكِ صَدْرَها عنْ دُروبِها النَّازفَة
تسألكِ الدَّهْشةُ تَمْنحينَها والحَقلَ والغَيْمةَ والمُقَلْ
هكذا الدُّنيا سوريا تظلُّ تَسألكِ الظِّلالَ طويلا
في جُيوبِكِ تَحْتَفظينَ بِها
يا رِداءَ الكَوْنِ أنْتِ

# سفيربرس _ بقلم الشاعر :  منصور جاسم الشامسي
الإمارات العربية المتحدة

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *