إعلان
إعلان

أبرز مؤشرات نهاية الأزمة اليمنية ..بقلم :الدكتور خيام الزعبي

#سفيربرس

إعلان

في مقدمة القضايا التي تشغلني هذه الأيام هي الحرب على اليمن، و التي باتت أكثر أزمات الشرق الأوسط تأزماً، فمنذ عام 2015 تشهد الدولة اليمنية معارك طاحنة، خلفت مئات الآلاف من القتلى والمصابين، وملايين النازحين في مشهد مأساوي صعب أدى إلى غرق اليمن أكثر في مستنقع الفقر والكوارث الاقتصادية.

سأحاول من خلال هذا المقال الربط بين المنعطفات والأحداث المختلفة لنتتبع من خلالها ما نعتقده ظهور بوادر تدل على قرب إنتهاء الحرب في اليمن، فهناك ديناميكية جديدة في المنطقة توحي بمشهد مختلف، وتتمثل تلك البوادر في السعي الحثيث الذي تبديه أطراف خارجية وداخلية للذهاب بالأزمة اليمنية تجاه خيارات الحل السلمي وإيقاف الحرب الدائرة هناك، ويمكن ترتيب تلك البوادر على النحو التالي:

أولاً: زيارة السيد رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني والعديد من أعضائه الى الرياض واجراء محادثات التي تميل الى السلام ووضع نقطة نهاية للحرب على اليمن، كما يمكن وضع هذه الزيارة في سياق التعاون والتنسيق والتشاور المستمر بين اليمن والسعودية إزاء ما يحدث في المنطقة، لبلورة موقف مشترك وواضح من مجمل ما يجري على الساحتين الإقليمية والدولية.
ثانياً: زيارة وفد عماني إلى صنعاء لإجراء محادثات مع الحوثيين ضمن وساطة تهدف إلى التوصل على هدنة لمدة ستة اشهر في مرحلة اولى لبناء الثقة، ثم فترة تفاوض لمدة ثلاثة اشهر حول ادارة المرحلة الانتقالية التي ستستمر سنتين، يتم خلالها التفاوض حول الحل النهائي بين كل الاطراف، وإحياء عملية السلام بعد التقارب السعودي الإيراني.
ثالثاً: التصريحات السعودية بأن الرياض مستعدة لإيقاف الحرب والخروج من الأزمة اليمنية من خلال تمديد الهدنة وتخفيف حدة الحصار ودفع رواتب للموظفين الحكوميين في كل المناطق وبينها مناطق سيطرة الحوثيين، وفتح الطرق المغلقة والمطار.
رابعاُ: الإستدارة السعودية للجمهورية الاسلامية الايرانية التي تعتبر من أهم العلامات على قرب انتهاء الأزمة اليمنية.
خامساً: كسر شوكة الولايات المتحدة الأمريكية بعد فك الارتباط السعودي الأمريكي، وتوجه الرياض الى الصين وروسيا قائدتي النظام الدولي الجديد.

في سياق متصل أصبح هناك توافق سعودي ايراني إقليمي حول الحل في اليمن، ويمكن إيجازه بمسألتين أساسيتين، أولهما، فقد إنتهى الرهان على الحل العسكري وبدأ الرهان على الحل السياسي، وأن مصير اليمن ومستقبله يظل بيد اليمنيين حتى يتجاوزوا محنتهم وأزمتهم القائمة، على افتراض أن هناك أناس عقلاء في كل أطراف الأزمة يتابعون تطورات المشهد داخلياً وخارجياً في اليمن للحفاظ على استقرار اليمن وأمنها.

في هذا الخصوص رصد المراقبون العديد من المؤشرات التي تشير إلى دور بارز للوساطة الإيرانية من أجل التوصل لحل الأزمة اليمنية وإنهاء الحرب هناك بحيث يجنب المنطقة من حرب إقليمية ممتدة، فإيران تملك من الرصيد الإستراتيجي ما يؤهلها للقيام بمبادرة دبلوماسية خلاًقة لحل الأزمة ، حيث أن ايران هي دوماً الأقرب والأقدر على فهم ما يجري في اليمن ولذلك فإن علاقاتها القريبة مع مختلف الدول يسهم في حل المشكلات والتقريب بين وجهات النظر المختلفة، كما إن ايران تتبع دائما سياسة مرنة في علاقاتها الدولية والإقليمية.

وهنا أرى بأن هناك رؤية إستراتيجية موجودة في كل الأوساط الإيرانية وعلى أعلى المستويات، مفادها أن ايران المؤثرة في الإقليم، هي ايران التي يمكن أن تسهم في حل الأزمة اليمنية وإنهاء الصراع هناك كما آن هناك رؤية إيرانية ثابتة وهي دعم اليمن في كل الأوقات.

كما أن السعودية تدرك جيداً أن حربها على اليمن كانت متسرعة وغير مجدية، وهي تحاول الآن بشكل أو بآخر أن تستعيد مواقفها وإعادة النظر بالسياسة التي أدت إلى القطيعة معها، كون السعودية تشترك مع اليمن في مواجهة التهديد الإرهابي باعتبارهما “في جبهة واحدة”٬ ومع هذا الإنفراج المرتقب، ستشهد المنطقة إنفراجات متعدّدة في بعض الملفات الاقليمية والدولية.

بالمقابل أن أمريكا وحلفاؤها في المنطقة يحاولون خلط الأوراق من جديد، ووضع العصي في عجلات أي جهود لإيجاد حل للأزمة اليمنية بما يلبي طموحات الشعب اليمني بعيداً عن التدخلات والإملاءات الخارجية، وذلك من أجل تحقيق أهدافها ومآربها في المنطقة.

مجملاً…..إن عودة العلاقات إلى مجاريها الطبيعية بين اليمن والسعودية بكل تأكيد يخدم مصالح الدولتين، وينعكس إيجابيا بالدرجة الأولى على التقليل من التوتر ويحوله إلى شيء من التنسيق والأداء المتناغم الذي يصب لصالح السلام والاستقرار في المنطقة، كون كلا البلدين لهما وزنهما وأهميتهما في المنطقة العربية.

في إطار ذلك فأنا على يقين بأن الحوار السياسي أصبح اليوم هو المطلب الوحيد في الأزمة اليمنية، فإيران تسعى إلى تقريب وجهات ومواقف القوى والأطراف المعنية بتطورات الأزمة وتداعياتها، وهو دور يماثل ما تقوم به الدول الأخرى، هذا مما سيوسع من دائرة الحوار وربما سيغير المواقف الرافضة لهذا الحوار، كما أن هناك بعض الدول ستخسر رهانها بالحرب على اليمن.

وإنطلاقاً من ذلك فإن الأسابيع القليلة القادمة ستكون شاهدة على تغييرات جذرية في ملف العلاقات السعودية اليمنية، من شأنها أن تحمل المزيد من المفاجآت، وإعادة ترتيب الأوراق من جديد نحو تحقيق المصالحات مع دول المنطقة.

# سفيربرس _ بقلم :الدكتور خيام الزعبي

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *