إعلان
إعلان

تبدل موازين الردع بين إيران وإسرائيل بقلم _ مفيد أبوشمالة

#سفيربرس

إعلان

بين عشية وضحاها، تبدل الموقف الأمريكي والإسرائيلي تجاه الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وتغيرت لغة التهديد التي استمرت لعقد ونصف بشن عدوان إسرائيلي أو أمريكي على المشروع النووي الإيراني، ولطالما تبجحت حكومات نتنياهو السابقة بعزمها توجيه ضربة للمفاعلات الإيرانية على غرار ما فعلته بالمفاعل السوري عام 2014، والعراقي عام 1982، وتفكيك البرنامج الليبي سلميًا عام 2003 عبر التهديد بالضرب، وأصبحت الدولتان تتحدثان عن معلومات أمنية معينة بعزم إيران تنفيذ هجوم عبر مياه البحر المتوسط، الأمر الذي استدعى إعلان الولايات المتحدة تحريك غواصتها العسكرية “فلوريدا” ودخولها في مياه المتوسط تحسبًا لأي هجوم، ودفاعاً عن ربيبتها “إسرائيل”، فكيف تبدلت الصورة من الهجوم إلى الدفاع؟
من الواضح أن المشهد على الساحة الإقليمية في الشرق الأوسط بات مقروءًا بشفافية أكبر من أي وقت مضى، ويبدو أن إيران استفادت خلال العقد الأخير من تطورات المشهد بشكل كبير، فهي على صعيد دعم المقاومة الفلسطينية في غزة ممثلة بحركتي حماس والجهاد الإسلامي شكلت جبهة جنوبية مؤلمة، وتم اختبار جهوزيتها عام 2012، وتطورها عام 2014 حيث استمرت في ضرب عمق الاحتلال لمدة 51 يومًا متواصلة دون ظهور أي علامات على إمكانية التراجع أو التعب، وحتى لحظة تطبيق وقف إطلاق النار جاءت الرشقة الأخيرة من صواريخ المقاومة لتنهي المعركة من جانبها وتفوت الفرصة على العدو الذي كان يستجدي الوسطاء حينها للتوقف، وأخيرًا ظهرت في أعلى مستوى جهوزية خلال أم المعارك “سيف القدس”، والتي اضطرت الإدارة الأمريكية للتدخل بكل قوة من أجل وقفها حماية للمشروع الصهيوني الذي ظهرت هشاشته يومها.
وعلى الساحة السورية راكمت الجمهورية الإسلامية الكثير من عناصر القوة، واستمرت في عمليات التجهيز والإعداد طوال عقد من الزمان، “وقدمت تضحيات غالية من خيرة أبناء الحرس الثوري”، من أجل إنجاز المشروع بشكل متكامل، والاستعداد للحظة الإطباق الكامل على المشروع الصهيونية من كافة الزوايا، ورغم كل محاولات الاستهداف للمشروع عبر الضربات المتكررة من قبل طائرات الاحتلال لمخازن ومصانع الأسلحة الإيرانية في سوريا إلا أن حجم الأضرار لم يتجاوز نسبة ضئيلة لا تكاد تذكر وبات المشروع جاهزًا لانفتاح المواجهة الشاملة في أي لحظة.
وفي نفس الوقت ومنذ انتهاء معركة صيف 2006 مع حزب الله، والتي لقن فيها العدو درسًا قاسيًا في مفاهيم الحرب الميدانية، والحرب الإعلامية والنفسية، وصدور قرار مجلس الأمن رقم 1701، والذي برد الجبهة الشمالية لدولة الاحتلال بشكل كبير، لكن 18 عامًا مرت، استطاع الحزب مضاعفة جهوزيته مئات الأضعاف عما كانت عليه قدرته عام 2006، وأعد ترسانة من الصواريخ ذات القدرات التدميرية الهائلة، والتي تصل إلى مديات تغطي كل مساحة مدن فلسطين التاريخية، وكفيلة بضرب أهداف في العمق الصهيوني، وبضمنها بنك الأهداف الاستراتيجية للعدو.
أما على الصعيد الاستراتيجي بعيد المدى فإن المشروع النووي اكتمل – على الأغلب – منذ سنتين على أقل تقدير، وحصلت إيران على قنبلتها النووية الأولى، دون أن تتمكن من إجراء أي تجارب، ومع بلوغ مستوى التخصيب للحد الممكن استخدامه في تصنيع أسلحة نووية أعلن الغرب مواعيد قريبة، كالحديث “عن أسبوعين”، وهذا كله – على ما يبدو – بعد فوات الأوان، ولإدراكهم أن المشروع النووي الإيراني اكتملت أركانه، خاصة بعدما توجت إيران حضورها وجهوزيتها عبر الإعلان الأخير عن استعادة العلاقات الدبلوماسية مع المملكة العربية السعودية، والذي فاجأ الغرب و”إسرائيل”، واستعدادها للانخراط في حلف شرقي جديد يشمل روسيا والصين وتركيا، وغالبية الدول العربية في المنطقة.
لم يعد خافيًا مستوى القوة التي تتمتع بها إيران، وهي عبارة عن مشروع متكامل تم تجربة أجزاءه بشكل واضح وأمام الجميع، فطائراتها المسيرة من طرازات “شهد” دخلت الخدمة وتم تجريبها بكفاءة عالية في الحرب الأوكرانية من خلال الجيش الروسي، وتعاقدت مع الجيش الروسي على تسليم 6000 نسخة منها على مراحل وخلال عامين، ولديها برنامجها الصاروخي الذي يصل مديات تصل إلى 3000 كيلومترًا وموجود مع حلفائها كذلك إلى حد تهديد جماعة “أنصار الله” في اليمن بتهديد دولة الاحتلال بضربها من هناك، ولديها كل أعضاء المحور في حالة جهوزية تامة، فإذا صحت المعلومة الأمنية الجديدة من وجود تهديد إيراني لدولة الاحتلال عبر المتوسط، فهذا يعني أن دولة الاحتلال أصبحت تحت مرمى النيران الإيرانية جوًا وبحرًا، وبرًا من جبهتي الشمال والجنوب.
دولة الاحتلال التي مارست كل أنواع الغطرسة، وتبجحت لفظيًا تجاه إيران، وهاجمتها في كافة مراحل التجهيز، سواء باغتيال العلماء الممنهج عبر عمليات الموساد، أو عبر الاستهداف لمصانعها ومنشآتها العسكرية في إيران، أو عبر تصفية قادة وضباط في الحرس الثوري على الأراضي السورية، وكذلك استهداف المنشآت، فإنها فشلت فشلاً ذريعاً في حرف إيران، أو استدراجها في الدخول إلى مواجهة معها قبل اكتمال البرنامج، اليوم وبعد الجولة الصغيرة قبل أيام قليلة عندما انهمرت عليها عشرات صواريخ الغراد والكاتيوشا من الشمال ودون سابق إنذار، أدركت “إسرائيل”، أنها لم تعد قادرة على مواجهة المارد الإيراني الذي أطبق عليها من كل مكان، في الوقت الذي باتت فيه أضعف من أي وقت مضى بسبب أزماتها الداخلية، وهكذا تغيرت الصورة.

#سفيربرس _ بقلم _ مفيد أبوشمالة

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *