إعلان
إعلان

الفشل..وموقعة الدرس الأخير _ بقلم: محمد فياض

#سفيربرس _ القاهرة

إعلان

أحاول إقناع عقلي أن ماحدث في نقابة المهندسين مجرد خطأ.. ويُضاف إلى سلال الأخطاء..لكن مثلي مثل الذهنية الجمعية للمصريين. نتجاوز أحياناً..ونشطاط غيظاً.أحياناً..وترتبك في دواخلنا الإختيارات في أحايين أخرى ..
كلما وضعْنا الوطن في أولوياتنا.والتفتنا عن أفعال الصغار.وفي يقيننا أن ماهية الوطن ليست من مشتقات سبائك النفعية ولا يعرفه جامعو النقود..ودهستنا حقيقة الوطن وصيغته اللقيطة..
لم يعد لدينا القدرة على ممارسة السخط..ولم نعد نقوى على الوقوف إنتباه..تحت عناوين كبرى كتبتها مؤامرة طبقية في پلادي لغاية الزج بالمواطنين في أتون إنتكاسة تم تفصيلها بغباء الممارسة
..ومنذ ذهبت الدولة الرسمية لتدشين مصطلح المواطنة ويعتريني الشك أن أُناس ..يتربصون بمصر..سلاسل مسوخ بشرية تحمل جنسيتنا وتكنس النقد من جيوبنا وتُجَرّف الدماء من عروقنا لتصنع حفلة لزواج السلطة بالثروة..
ولانملك في النهاية رفاهية نَصْب سرادقات العزاء باتساع المعمورة ولو كانت لغاية استرداد الحقوق..
حتى هذه الجملة الأخيرة مشكوكٌ فيها..إذ منذ متى كانت للمواطنين حقوق ثم تم الإعتداء عليها بالسلب ونبحث وسيلة لاستردادها..؟؟!!!
ولماذا تدهسنا الأسئلة كلما حل بالمشهد العام ممارسة الرذيلة السياسية والإدارية بين فريقين..كتبتين..كتيبة الثروة والسلطة..وكتيبة الرديف الغاشم..بل والفاشل..ويُصَدّرون لنا بين فينة وأخرى مشهداً من مشاهد الفاشيست..تدور الخناقة على السلطة والثروة..حتى بعد الزواج الحرام..من أجل مزيد من السلطة ومزيد من الثروة ..وجُلّ الخطر يكمن في الأدوات..فكما استخدمت المخابرات المركزية الأمريكية الثيوقراط..وجهزت الراديكاليين لتدمير بلداننا باسم الربيع والثورة..يستخدم طرفَي الخناقة في بلادي البلطجية والخارجين على القانون..أي قانون..لتنفبذ إزاحات وفرض بدائل..كما حدث مؤخراً وليس أخيراً في نقابة المهندسين المصريين في قاهرة المعز..
لماذا..؟ .. وكيف..؟ ..ومن المستفيد..؟؟. وحالما نفتش عن إجابة نجد أن قواعد البحث الجنائي تحملنا إلى حتمية توسيع دائرة الإشتباه…وهنا تكمن خطورة الإقتراب..وسلام الإبتعاد..
إن المتابع العادي وليس المدقق وليس المحلل..كما ليس أيضاً من فريق التنظير..نقف بسهولة على أبجدية غائبة ومُغيّبة بفعل الفاعلين..
لماذا تقف التجربة السياسية المصرية حجر عثرة في طريق الحد الأدنى من حقوق المصريين..؟
ولماذا تم من البدء حل الحزب الوطني الحاكم ٱنئذٍ والذي استمر حكمه لأكثر من أربعين عاماً..وتم الإبقاء على التجربة الحزبية..؟؟
ولماذا تبدلت معايير تطبيق الحَجْر السياسي وتم إستعمالهم _ أعضاء الحزب الوطني المنحل وروافدهم وبواعثهم _ في تأليف مايقرب من مائة حزب سياسي ..إختلّت مسمياتها وتزاحمت حتى باتت أقرب إلى أسماء محلات الكشري.
في كل هذا تتراجع التجربة الحزبية وتتخلف وتشد معها التجربة السياسية المصرية إلى القاع..لا أنكر أنها كانت في العقد الأخير من القرن المنصرم وحتى منتصف العقد الأول من القرن الحالي قد وصلت إلى مرحلة من النضج..وكان من الممكن البناء عليها حتى وبعد انتكاستها في انتخابات 2010 ..وقد جرّف الحكم الكثير من ناتج التجربة الحزبية في برلمان 2005 خاصة ضد قوى اليسار التي رفضت تقديم كومبارس في السباق الرئاسي..لكننا _ كنا _ نتفهم الخطأ ونتفهم ونراهن على إصلاحه وبسرعة من قِبَل نظام الحكم..وعلى الطرف الآخر كانت اصطفافات المعارضات الوطنية تلوك بدائلاً للمسلك النضالي وتدرك وتتجهز لمرحلة جديدة من المعارك السياسية بالطريقة التي لايقبلها الحكم وتدفعه لممارسة سلوك القبض والتعذيب والتنكيل والاعتقال..ربما.. لكن كانت بلادي في طريقها إلى صوابية المسعى والهدف ودفع فواتير الإستحقاق الوطني.وكنت مطمئناً إلى النتيجة التي كانت ستتشكل لامحالة وتتحقق إنزياحات صغرى ربما لكنها كانت سوف تتراص لتكوّن إنزياحات كبرى _ لا أسميها تنازلات _ من الحكم لصالح تجربة ٱخذة في النضج السياسي تحمل معها سمات وملامح لمستقبل كنا نراه في ٱخر النفق يعطي بعض الضوء..كنا نرى ألضوء تزداد رقعته كلما اقتربنا..تتقدم مفاهيم وطنية وتتراجع أخرى..تتبلور قناعات تدفع الحكم إلى التراجع عن إجراءات أمنية أعنف إلى أقل عنفاً .. إقدام الحكم بشجاعة المسؤولية على سحب بعض التشريعات قبل طرحها للنقاش الپرلماني.. رأينا وعايشنا ثمة نضج في مجمل التجربة السياسية المصرية وفي القلب منها الحزبية..لمسناها في الممارسة وڨناعتنا أن الديموقراطية لخمس دقائق كل خمسة سنوات ٱخذةٌ في التمدد..
حتى جاءت يناير 2011 وكنت ربما من أول عشرة أشخاص خرجوا لها إلى الميدان قبل كل الملايين التي خرجت بامتداد الوطن.. لكنني كنت أرتجف رعباً للهتاف الكارثة ( الشعپ يريد إسقاط النظام) ..وتجسد الرعب في منطقة الخلط بين النظام السياسي وبين شخص الحاكم..
كنت _ ومازلت _ مؤمناً في عقيدتي السياسية أن الصندوق هو الوسيلة الوحيدة للتغيير حتى وإن استنزفَت عشرات السنين من عمر الوطن..وكنت ومازلت متيقناً أن الصندوق بات أكثر من أي وقت مضى يحتاج إلى معطيات تحول بين سطوة الفساد وبين الممارسة سعياً للنتيجة..وأثق أن هذه المعطيات ليست أمنية بالقطع بل تزحف كالضوء رويداً رويداً على مساحة الممارسة تزيل بضوئها ظلمة البطش..
وجاءت موقعة الجمل قطعت الطريق على سكة مصر وارتفاع حرارة نضجها بالقدر الكافي للإنتقال عدة خطوات محسوبة للأمام تُضيف إلى التجربة شوطاً يسهل على الجماعة الوطنية المصرية هضمها وإخراج منتوجها ويُرَسِخ لدى الحكم حتمية إنزياحات كانت صلبة نعتبرها تنازلات من الحكم أو إستحقاقات وطنية وشعبية تليق..
وجرت في النهر مياه كثيرة..معظمها ٱسنة..قدمت لنا موقعة المهندسين..موقعة جديدة..ذات المنهج وذات السلوك ونفس الأدوات والتجهيزات والمؤامرة…وفي الحالين..موقعتي الجمل ونقابة المهندسين بغية قطع الطريق على مصر..
ومن يختلف فليراجع منهاجه الفكري وجينه الوطني..مَن الخاسر .؟؟!
كم تكون كُلفة الخسارة أمام العالم ونحن لازلنا في هدأتنا نتابع الإنتخابات الرئاسية في تركيا وننشد مثلها..ولِمَ لا..؟!!!
وكم حجم الخسارة الإقليمية والدولية وكم حجم السخط الشعبي وحجم الإهانة.. خاصةً وباتت حقيقة حقيقية مشاركة نواب برلمان عن حزب ( إسمه إيه ده) ..!!
ولماذا وهي انتخابات نقابة مهنية..وهل هذا يحملنا إلى الإجابة والتفسير والفقه الحكومي لرُعب الاندفاع إلى سباق انتخابي حقيقي للمجالس المحلية في البلاد يصون الوطن ويُحَصِّنه ضد صيرورة الفساد قاعدة والإصلاح إستثناءً..
جريمة قطع الطريق واحدة والإرهاب واحدٌ ..إن جريمة قطع الطريق على مصر والتي تكررت اليوم بعد اثنى عشر عاماً..ولكونها جريمةٌ سياسية وليست جنائية..جريمة يحاكمها قانون الإرهاب..ولما لم يرتعد لها جفن..فالأمر جلل..ومن يعتقد أن الشعب المصري ساكت ويسكت ومغلوبٌ فليراجع بدقة..وليس أمام المصريين إلا طريقين الأول في السباق الرئاسي القادم ومايتبعه من سباقات..إما أن يجلس الشعب في البيوت أمام التلفاز للإستمتاع بعبقرية الملل وهو يشاهد مسرحية ريا وسكينة…وإما سيخرج بشيوخه وأطفاله ككتلة شعبية وليست كتلة تصويتية تُعَلِّم العالم درساً مصرياً جديداً يعطي إزاحة للمشهد التركي من الذهنية الجمعية…
وفي الحالين أخشى على بلادي خشيةً لا تهدؤها إلا يقيني في قدرة القوة الصلبة..والموروث الحضاري لدينا.إن ماحدث في نقابة المهندسين يعطينا الدرس الأخير ..قبل الفشل .

#سفيربرس_  بقلم: محمد فياض _ القاهرة

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *