إعلان
إعلان

الهروب أم البقاء.. بقلم: محمد عفيف القرفان

#سفيربرس _ الكويت

إعلان

الهروب من واقع لا يناسبنا قرار نتخذه لكي نوجِد واقعاً أفضل بظروف أكثر ملائمَة لتطلعاتنا، إذ يتطلب هذا الهروب قدرة عالية على مغادرة ما اعتدنا عليه لكي نحاول الاعتياد على ما لم نعتد عليه آملين أن نحظى بحياة أفضل.

يقول دوستويفسكي: “لا يمكنك أن تشفى بنفس البيئة التي جعلتك مريضاً. غادر”.

تؤكد مدرسة دوستويفسكي على أهمية مغادرة المكان الذي يسبب لنا الألم والضيق، والبحث عن مكان تتوفر فيه الشروط التي تناسبنا، فنبتعد عن مسببات التعاسة ونعيش الحياة التي نرى أننا نستحقها؛ ولا يشك أتباع هذه المدرسة بتوفر الظروف المثلى في بيئات جديدة، لأنهم يؤمنون بأن الخيارات كثيرة ولا حاجة للبقاء في خيار لا يحقق لنا هناء العيش. وتشاطرها في ذلك مدرسة “مغادرة منطقة الراحة” بمجرد أن تبدأ إشعارات الألم بالعمل، أي المغادرة حتى قبل بدء الألم.

على الضفة المقابلة توجد مدرسة أخرى تؤمن بأنه لا فائدة من مغادرة البيئة التي سببت الألم، لأن الشفاء يجب أن يكون عن طريق التألم في ذات المكان، والشفاء هو بالبقاء فيها، وهي مدرسة “الرومي”.

يقول جلال الدين الرومي: “هروبك مما يؤلمك، سيؤلمك أكثر. لا تهرب، تألم حتى تشفى”.

هذه المدرسة الرومية الزاهدة تؤمن بأن النفس التي تتألم تشفى، وهي مدرسة يكاد “لوم الذات” فيها يصل إلى جلد الذات؛ وتلتقي هذه المدرسة مع المدرسة الأبيقورية اليونانية الزاهدة التي تؤكد على ممارسة الفضيلة حتى وإن كانت هذه الممارسة مؤلمة.

الهروب والبقاء مدرستان أساسيتان في عملية اتخاذ القرارات، لأن المغادرة قرار وعدم المغادرة قرار أيضاً، وهذان القراران يخضعان لاعتبارات تختلف باختلاف ظروف كل شخص عن الآخر. بل ربما يتبع ذات الشخص المدرستين معاً، وذلك بناء على ظروف البيئة المحيطة.

لستَ مضطراً لاتباع إحدى المدرستين لكي تمارس حياتك الطبيعية، يكفي أن ينسجم أحد القرارين مع قيمَك ومنظومتك الأخلاقية وفوق كل ذلك أن لا يخالف قرارك فطرتك السليمة التي فطرك الله عليها والتي ما كانت لتتعارض مع عقيدتك.

حتى لو كان المرء “رومياً” تارة و “دوستويفسكياً” تارة أخرى، إلا أنه في الغالب سيكون ميالاً لمدرسة معينة.

فهل أنت روميّ الميل، أم دوستويفسكيّ الميل؟

#سفيربرس _ بقلم: محمد عفيف القرفان

#المدرب_المايسترو
#وجدانيات

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *