لقد كان الاختبار لك قبل أن يكون لابنك.. بقلم: محمد عفيف القرفان
#سفيربرس _ الكويت

لو سألت ولي أمر (أب، أم، أخ أكبر، قريب مهتم..) يتمتع بحسٍ عالٍ بالمسؤولية عن فترة الاختبارات وكيف سارت، لقال لك بأن فترة الاختبارات عادة ما تكون فترة عصيبة من كل سنة، بل في كل فصل. خصوصاً عندما تسأل الأمهات منهم، ستقول لك إحداهن بأن فترة اختبارات ابنها من أصعب فترات السنة، وستشرح لك أخرى عن المعاناة التي عاشتها أثناء متابعتها لابنها، وستتحدث ثالثة عن إحساسها بالغبطة من جهود ابنتها الكبيرة التي بذلتها، وربما تقول لك إحداهن بأن الأمر كان أشبه بخوض معركة وهكذا..
الاختبار المدرسي أو حتى الجامعي من منظور آخر ما هو إلا سعي للحصول على مكان بين المجتهدين، وهو ليس اختبار يخص الطلبة وحدهم، بل هو أداة قياس لقدرة الأهل على التعامل مع الحالات المختلفة من سعي أبنائهم؛ فهي مسألة تستحق الوقوف عندها ملياً لأهميتها من جهة ولأنها عملية متكررة في كل فصل دراسي من جهة أخرى؛ حيث ينقسم الطلبة في هذا الأمر إلى أنواع عدة ولكل نوع احتياج معين من قبل الأهل:
١- الطالب المتفوق
يحتاج إلى التحفيز والثناء والتوعية الأخلاقية المستمرة للحفاظ على تفوقه مع مراعاة ألا يقوده تفوقه إلى الغرور، من خلال الاطراء المحسوب بدقة والتشجيع الوالديّ المفعم بالعاطفة غير المفرطة. هذا النمط من الطلاب يتمتع بقيمة غالية جداً وهي “الانضباط الذاتي”، وعادة ما يصطحبها معه لاحقاً في مكان عمله ونرى انعكاساتها في تفاصيل حياته. ربما ينحصر دور الأهل مع هذا النمط في مساعدته على الترفيه عن نفسه ليعود لدراسته أكثر نشاطاً وأعلى همةً.
٢- الطالب المجتهد
وهو الذي يبذل جهداً كبيراً ولكنه لا يحظى بنصيبه من التفوق لأسباب عديدة تتعلق بالقدرات، إلا أن اجتهاده واضح له ولمن حوله. وما يحتاجه هو المتابعة غير اللصيقة مع الاطراء على ما يبذله من جهود، والتأكيد بأن سعيه هذا سيكون ذا نتيجة عند المحافظة عليه. وإذا تدرب هذا النمط على قيمة الانضباط ستنتظم جهوده ويتخلص من التشتت وهدر طاقته ووقته.
٣- الطالب “الذكي اللامبالي”
وهو الذي يعرف كيف يحصل على ما يريده من درجات من خلال بذله أقل مجهود، فهو ذكي ويعرف تماماً ما يريد. في الوهلة الأولى، يخيّل إليك بأنه كسول وخامل ولكن عند الاختبارات تجده يحصل على الدرجات التي تضمن له نجاحاً هو نفسه لا يريد خلافه.
يحتاج هذا النمط تعاملاً مختلفاً تماماً عن سابقيه، لأن الضغط عليه من أجل بذل المزيد من الجهد أشبه بعرقلة مقصودة لتقويض جهوده التي يبذلها بذكاء، كما أن هذا النمط يعرف قدراته جيداً ويستخدم أفضل ما لديه للحصول على ما يظن أنه يستحقه. إذا عرفنا جيداً بأنه يدرك ما يريد ولديه القدرة على تحديد أهدافه التي حسمها مبكراً، فلا داعي للقلق؛ لأن هذا النوع من الطلاب يكون قد حسم مستقبله الدراسي الجامعي مبكراً، وحدد التخصص الذي يريده وهو يعرف مقدار الجهد المطلوب للوصول إلى هذا الهدف بسبب ذكاءه. لهذا، أرى أن نؤكد معه دائماً بأنه مسؤول عن جهوده وتحصيله وقراراته وخياراته، وأن العواقب هو من سيدفع ثمنها لاحقاً.
٤- الطالب الكسول الخامل
وهو الذي لا يبذل المجهود المناسب لكي يواكب زملاءه بسبب كسله وتخاذله بحق نفسه، وهو ذاته الذي يتهرب من المسؤولية في الأعمال المنزلية علاوة على التهرب من واجباته المدرسية. كما أنه ليس على قدرٍ كافٍ من الذكاء ليعرف ما يريده، وهذا كله غالباً نتيجة إهمال المتابعة من والديه.
يحتاج هذا النمط المتابعة المستمرة من قبل الأهل، لأنه يفتقد إلى الانضباط الذاتي لإنجاز المطلوب منه. إذا لم يتوفر الانضباط الذاتي، على الأهل أن يقوموا بهذا الدور من خلال المساندة والمتابعة اللصيقة والمستمرة.
٥- الطالب الكسول المحبَط
لا يبذل جهداً يذكر، ولا يهتم بتحصيله الدراسي وليست لديه أية طموحات أو أهداف، وإذا جالسته وجدته تائهاً ولديه شعور كبير بالاحباط، إما لأسباب تتعلق بوضعه الأسري أو أصدقائه أو قدراته الذهنية أو الجسدية، علاوة على أنه إذا كان في مرحلة المراهقة فإن لهذه المرحلة خصوصية معينة إذًا لم يتنبّه الأهل لها جيداً تضع الطالب في مأزق مع نفسه،خصوصاً إذا لم يحظى بالاهتمام والرعاية المناسبة والمتابعة المدروسة.
لا أعلم إذا كان ثمة نوع سادس، ولكن من الجدير بالذكر أن يمر طالب معين بهذه الأنماط الخمسة لأسباب كثيرة أهمها غياب دور الأهل المؤثر والمسؤول. كما أنني لست بصدد إلقاء اللوم في التقصير تماماً على ولي الأمر، ولكن المؤكد أن الدور الأكبر مناط بالجانب الأكثر وعياً وهو دور الأهل في مسيرة ابنائهم والتأثير فيها بما يتوافق مع قدرات وإمكانات الطالب في التحصيل الدراسي الذي عادة لا ينفصل عن التحصيل الحياتي عموماً.
كلمة أخيرة..
– لا شيء يدعو للقلق إذا قام الأهل بدورهم وفعلوا ما يجب عليهم فعله.
– لا شيء يدعو للقلق إذا تأخر الأهل بالقيام بدورهم ليتداركوا الخلل.
– لا شيء يدعو للقلق إذا كانت نتيجة الطالب ليست كما نرغب، فقد انتهى الأمر ولكن المهم تعلم الدرس.
الشيء الوحيد الذي يدعو للقلق هو عدم تعلم الدرس، وعدم تدارك الأمور وتركها تتفاقم، لأننا نؤمن بالقضاء والقدر ابتداءً ونسعى إلى التحسين المستمر لحيواتنا ونبذل الجهد المناسب لنكون أفضل من ذي قبل، ونفرح كثيراً بما حققه أبناؤنا سواء من تفوّق منهم ومن كان تحصيله عادياً، لأنهم جميعهم سيكونون بُناة الغد وكل من موقعه.
#سفيربرس _ بقلم: محمد عفيف القرفان
#المدرب_المايسترو
#مسؤولية_الأهل
#اختبارات_نهاية_السنة
#أنماط_الطلاب