إعلان
إعلان

كتب خليل القاضي… العبور الى النظام العربي الجديد

#سفيربرس

إعلان

شكلت الأزمة السورية في العقد الأخير معضلة أمام القوى السياسية الدولية والإقليمية، حد بلغ التصادم الخفي، ففي وقت سعت القوى الغربية إضافة الى الولايات المتحدة الى الاستمرار في سياسة العزل وفرض العقوبات وعلى رأسها قانون قيصر، الذي أصبح السيف البتار على الاقتصاد السوري فقطعه بعد ان انهكته الحرب، في حين أطلق الرباعي العربي المتمثل بالجزائر ومصر والامارات والسعودية، حراك جدي من أجل عودة سوريا الى جامعة الدول العربية.
نجحت دبلوماسية اللهفة والمؤازرة العربية من الرباعي العربي إبان الزلزال الذي ضرب سوريا في شباط (فبراير) الماضي في تذليل عدة عقبات، فبعد ان فتحت الإمارات الطريق نحو دمشق كانت زيارة وزير خارجية مصر سامح شكري لدمشق مسبوقاً باتصال بين الرئيس عبدالفتاح السيسي مع نظيره الرئيس بشار الأسد، ومن ثم زيارة وزير خارجية سوريا فيصل المقداد الى الرياض وزيارة الأمير فيصل بن فرحان وزير خارجية السعودية الى دمشق ولقاء الرئيس الأسد، وقبيل انعقاد القمة في جدة عقدت لقاءات على المستوى الوزاري ضمت العراق وسوريا والأردن والإمارات والسعودية في العاصمة الأردنية عمان وصولا الى اجتماع القاهرة الذي أقر عودة سوريا الى مقعدها في جامعة دول العربية.
توجت المبادرة العربية تجاه سوريا بحضور الرئيس السوري بشار الأسد قمة جدة، فكان نجمها الأول حيث أشاد القادة العرب ورحبوا بتلك العودة لسوريا ووجود الرئيس السوري بينهم، فولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي كرس سياسة تصفير المشاكل قبيل القمة العربية في بلاده عبر توقيع الاتفاق السعودي الايراني برعاية صينية مباشرة وتأييد روسي وتحفظ أميركي، بدا وكأنه يمضي من خلال احتضان عودة سوريا في رسم معالم الشرق الادنى الجديد حيث للدول العربية رأي وقرار في طبيعته وكينونته بعد سنوات عجاف من الجلوس على ضفة النهر وانتظار التحولات الدولية تمن على العرب بدور، فكانت عودة سوريا بعد الاتفاق مع إيران الاعلان الرسمي لبداية مرحلة جديدة في العالم العربي ، مع تشكل نظام عربي جديد له تأثير، وان العبور نحو ذاك النظام لايمكن ان يتم دون سوريا.
من هنا فإن عودة سوريا ستؤسس لمرحلة جديدة من التعاون العربي العربي، خصوصا وأن عودتها وحضور الرئيس الأسد في جدة يؤكد سقوط مشروع الاخوان المسلمين ذلك المشروع الذي سقط في مصر، ومنعته من التغلغل في دول المنطقة، حتى كانت الضربة الكبرى للمشروع في سوريا، وهذا السقوط المدوي للمشروع الاخواني التدميري هو انتصار لمنطق الاعتدال والانفتاح على الآخر.
عادت سوريا نعم عادت الى الحاضنة العربية، وعودتها مع إنفتاح اشقائها العرب عليها، سيطلق بالتأكيد عملية إعادة الإعمار فيها بعد أن انهكتها الحرب على مدى 12 عاما، وتلك العملية ستعزز الحضور العربي فيها وتشد اواصر الاخوة بين العرب، فهم كالجسم اذا مرض عضو فيه تداعى باقي الاعضاء له بالسهر والرعاية، التي لن تبخل الدول العربية من تقديمها، خصوصاً وانه لا بد ان تطال اعادة الاعمار الحجر والبشر، فالشعب السوري الذي ثبت في الأزمة التي عصفت ببلده آن له أن يبدأ في الشعور بالراحة، فصموده وافشاله للمشروع كان صمود عن اشقائه العرب.
وبالعودة الى قمة جدة التي اعتبرها العديد من المراقبين قمة استثنائية رغم انها بالتوصيف الرسمي القمة ال32 العادية للجامعة على مستوى الرؤساء والملوك والأمراء، إلا أنها كانت استثنائية في الشكل والمضمون، فهي أطلقت ملامح النظام العربي الجديد القائم على الوئام بين الاخوة العرب من جهة، والندية مع القوى الدولية سواء في الغرب والشرق من جهة أخرى، نظام عربي يحقق مصالحه ومصالح شعبه من المحيط الى الخليج، ويراعي التوازنات الدولية والإقليمية وكيف لا يكون العرب كذلك وهم يمتلكون ما يمتلكون من ثروات تجعل العالم بأثره يطلب حسن العلاقة معهم؟.
عودة سوريا كانت بمثابة منصة العبور نحو النظام العربي الجديد الذي بالتأكيد سيكون فيه المواطن العربي مصاناً، ولاعباً أساسياً في صناعة النظام العالمي الجديد.

المصدر مجلة الأهرام العربي

#سفيربرس _ بقلم:  خليل القاضي

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *