اللايف كوتش “بنان بيبرس” لسفير برس: مدرب الحياة لا يرسم لكَ حياتك ولا يدرّب على كل ما في الحياة وهو يحتاج إلى مدرب… وهذا ما يُعيق وصول الإنسان إلى طموحاته..
#سفيربرس _إعداد وحوار :هبة عبدالقادر الكل

اللايف كوتش “بنان بيبرس” لسفير برس: مدرب الحياة لا يرسم لكَ حياتك ولا يدرّب على كل ما في الحياة وهو يحتاج إلى مدرب… وهذا ما يُعيق وصول الإنسان إلى طموحاته..
عندما قال أحد الشّعراء حكمة لخّص بها الحياة:
دَببتُ للمجد والساعون قد بلغوا جهدَ النفوس وألقوا دونه الأُزُرا
علم أننا كبشر نسعى إلى المجد وتحقيق آمالنا، ولكن..
قد نتعثر، نتأزّم.. نقلق ونضطرب تبعا للظروف التي تحيط بنا.. وفي وقت من الأوقات نصل إلى مرحلة “عرض البحر” .. نقف، لا نعرف الوجهة الصحيحة ولا إلى أين نتجه .. قد نعرف ولكن، لا نملك القوة الكافية لاتخاذ القرار الصائب…فهل وصلنا إلى من يدرّبنا في حياتنا على حياتنا؟
إذا …ما هو التدريب على الحياة، وما الذي يقوم به مدربه “life coach”، وهل هناك اختلاف بين التدريب على الحياة والتنمية الذاتية والمعالجة النفسية.. وغير ذلك من الأسئلة التي حاورنا بها المدربة واللايف كوتشج، الأستاذة “بنان بيبرس”.
أهلا وسهلا أستاذة بنان…
س- بداية من هو المدرب على الحياة، وما الذي يُقدّمه؟
المدرب هو إنسان قادر على أن يعطيك فكرةً خارج صندوقك. كثيرون يأتون إلينا ويستبشرون: “هل ستغيرين حياتي”؟ فأصدمهم بجواب: لا.
الفكرة بالتدريب على الحياة ومهاراتها، أن يكون المتدرب ذا عقل منفتح لما سيقوله له الكوتش. وهي أداة لمساعدة الآخرين على تطوير مهاراتهم واكتشافها وتنميتها وتحديد أهدافهم.
ما أقدمه ككوتش هو أدوات، ومن يقول غير ذلك فهذه مدرسته، علما أنّ المدرب لا يملك عصا سحرية قادرة على تغيير الحياة.
واللايف كوتش متواجد مع المتدرب في حياته وتفاصيلها بالقدر الذي يسمح له المتدرب به، وبالقدر الذي يستطيع المدرب أن يساعده به.
فلا أقوم كمدربة بالتدخل الشخصي في حياة المتدرب وأن أفرض عليه بعض الأوامر، وإنما أضع الضوء في طريق المتدربين دون فرض.
ومن يأتي إليّ ويقول: ارسمي لي حياتي؟ فهنا مكمن الخطأ، لأن الأساس أن يكون المتدرب عارفًا ماذا يريد.
س- بين الحين والآخر يسطع نجم مصطلح تدريبي جديد، من البرمجة اللغوية العصبية إلى التنمية الذاتية والدعم النفسي وحتى التدريب على الحياة. ولاحظت أن أغلب الورشات التي تقدمها هذه العلوم هدفها واحد. هل من نقاط اختلاف وتشابه بينهم؟
صحيح فهدفهم واحد، ولكن سأتكلم حسب تجربتي وهذا رأيي الشخصي. درستُ كلّ هذه المدراس، واليوم “بنان” معالجة نفسية واستشارية وأعالج بمدارس الطاقة والبرمجة والتدريب على التنويم الإيحائي ولايف كوتش.. المشترك بين كل هذا المزيج هو أنّ الكل يصب في خدمة الإنسان ليخرج من معتقداته السلبية وآثارها التي أثقلته في هذه الحياة من أهل أو بيئة محيطة به.
أما من ناحية الاختلاف بينهم فلا يوجد اختلاف، وإنما تشابه كبير يجمع بينهم، فالعلوم مشتركة، والهدف من الطالب للعلاج والدعم هو أن يكون في نسخة أحسن تقويم.
س- هل هذه العلوم وما يستجد عنها، نسخ مكررة عن بعضها أم أنها مكملة لما يسبقها؟
من تجربتي في هذه المدراس والعلوم، وجدت أنها صُممت على أن تكون مكملة لبعضها البعض، فعندما أعمل في الكوتشينج أعمل على منظومة جسد وروح ونفس، جسد يتضمن تغيير العقلية والمعتقدات والمشاعر وإدارتها أي العقل الباطن ، وبالنسبة للنفس، برمجة المشاعر بالشكل الصحيح ، أما الروح كي لا تتعرض لانسدادات روحية وتبقى على صلة مع المصدر الروحي.
هناك تكرار بين هذه العلوم لكنه غير نمطي، ومن بعد الخبرة في هذا المجال لا أستطيع أن أعالج كمدرب تنمية ذاتية وفقط! لأن هذه العلوم التدريبية كأحجار الأساس، منظومة متكاملة، ومن الأفضل أن يكون لدى المدرب إلمام بكل هذه العلوم.
س- السؤال الذي لا يغادرنا: وفق كل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تعصف بنا.. كيف يمكن أن نتدرب عليها كونها حياتنا وجزءا أصيلا منها؟
الفكرة الأساسية أنني غير قادر على تغيير الواقع ولا أملك ذلك وإنما، أنا موجود في مكان ما، ولديّ خيارات لا ثالث لهما: إما أن أعيش في هذا المكان أو أعيش في هذا المكان… وأنا من أخلق ظروفي وواقعي وأتكيف بناء على المحيط العام، أو أجلس مع أمراض نفسية واكتئاب وأمراض روحية..
الحياة هكذا وهي مستمرة والخيار الوحيد أن أكملها بالشكل الصحيح.
وما تحتاجه القليل من التأقلم والحنكة، ولن يبني “أنا” غير “أنا” ولا يوجد شيء يهدمني غير “أنا”.
س- هل يختص التدريب على الحياة بفئات عمرية محددة؟
لا، هو يشمل كل الفئات العمرية، وندرّب أعمارا صغيرة، حسب الوعي.
س- أكثر فئة عمرية متدربة تأتي إليك؟
من العشرينات وحتى الخمسينات، وهناك أكبر عمرا، فعندما تأتي إليّ أستاذة محترمة في السبعين من عمرها، وتقول لي: الدنيا لم تنته بعد، وقد أنهيتُ أعمالي الخارجية من بيتي وأولادي، وأريد أن أهتم بحالي.. فهي مثال للحياة وخطتها الاستراتيجية.
س- أجدادنا وجدّاتنا كانت لهم ظروف حياتية صعبة، ولكن لم يحدث وأن طلبوا استشارة أو دعم نفسي، ما الذي تغير اليوم، وما السر؟
السر في الغذاء، فغذاؤهم صحي جدا وروحانياتهم عالية جدا عبر يقينهم العالي بالله، يعرفون أن هناك خالقا لهذا الكون ومدبرا له فيسلمون له.
كانت بيوتهم أكثر صحية، وكانوا متحدين مع الطبيعة أكثر، أما اليوم فالتكنولوجيا وغيرها من الأنماط الحياتية أثرت على النفسية وعلى الجسد.
س- من يأتي في المرتبة الأولى: التدريب على الحياة، العلاج النفسي العلاج الروحي، أم الدعم النفسي؟
بكل شفافية، الكل مرتبة أولى، ولكن من يحدد المرتبة الأولى هو احتياج كل إنسان، هناك أشخاص أقدم لهم استشارة دون علاج، وهناك أشخاص منهارة كليا، هذا النمط لا أقدّم له مهارات وأعمل على تطويرها بل تحتاج إلى دعم نفسي بالمرتبة الأولى.
س- هل المدرب على الحياة يعالج بعض الأمراض النفسية كتلك التي من اختصاص الطبيب النفسي، من اكتئاب واضطراب ثنائي القطب وغيرهما؟
هذا يتبع مدرسة المدرب، سأتكلم عن نفسي، كوني درست علاج وإرشاد نفسي وتدريب على الحياة، أنا قادرة على جمعهم، ولكن أغلب المدربين غير دراسين فيوجهون المتعالج إلى الطبيب.
إن المدرب والمعالج لا يعملان عمل الطبيب النفسي، نحن لا نمنع من الذهاب إلى الطبيب، ولا ننفيه، ونعمل بناء على ما يمليه الطبيب.
كثير من الحالات تأتينا من عند الطبيب، فنقوم بدعم عمله ونكمل بعضنا البعض، لكن للأسف ما يجري اليوم هو أن هناك اختصاصات تلغي اختصاصات وهذا أمر مستغرب، لأنه بالنهاية مهمتنا إنسانية بحتة، وليست مادية ربحية ومن المعيب التجارة بحياة إنسان.
س- هل هناك حدود للتدريب على الحياة لا يتجاوزها المدرب؟
نعم. ممنوع السيطرة على المتدرب.
س- ولكن المتدرب الذي يأتي في بعض الأحيان يكون منتهيا وإن لم تتم السيطرة عليه قد لا يستفيد؟
السيطرة بمعنى: بعد انتهاء العلاج أن يكون المتدرب للمدرب وفقط، لأن المدرب يسيطر على حزنه واكتئابه لا عليه.
المنتهي يأتي إلينا وقد سلمنا كل شيء، وكأنه يقول لنا: ” كل ما تقولونه لي سأقوم به”، وهنا تبرز أمانة المعالج والمدرب وهي أمانة صعبة، لأنك ستختار له أفضل خيار يتماشى مع إمكانياته وقدراته، لأن المدرب يقوم بإعادة تأهيل إنسان.
س- المدرب على الحياة هل يحتاج إلى مدرب؟
كاذب من يقول أنا لا ألجأ إلى أحد ، كل إنسان له شخص يلجأ إليه، وكل مدرب له مدرب، نحن نعيش مع الظروف، ولكن أحيانا “الإيجو” تلعب دورا عند المدرب فيرفض ذلك، وهذا خطأ، وأنا لدي معالج ومحفز ومدرب ألجأ إليه.
س- كم نحتاج اليوم إلى داعم نفسي؟
كل إنسان يحتاج إليه، ولكن الفكرة هو التقبل للداعم النفسي.
س- اليوم هل هناك تقبل للداعم النفسي والمدرب في مجتمعاتنا؟
اليوم نوعا ما أصبح هناك تقبلا. في الفترة السابقة كنت أصادف من عالجتها وتخجل من أن تسلم عليّ، وأنا أحترمها طبعا… لكن اليوم اختلف الأمر وصار في تقبل لموضوع العلاج والكوتشينج.
س- هل المدرب على الحياة يدرب على كل ما في الحياة؟
لا يوجد من يدرب على كل ما في الحياة، التدريب على الحياة هو تدريب على المهارات التي يمتلكها لتخرج بشكل صحيح إلى الحياة وتسليط الضوء عليها.
س- في الختام: كلايف كوتش، ما العوائق التي تعيق وصول الإنسان إلى طموحه وهدفه؟
بصراحة، الظروف حُجة وشماعة نعلق عليها أخطائنا، الإنسان متى أراد استطاع، الظروف قد تكون حجر عثرة وتطيل الطريق، ولكن من يريد الوصول سيصل، سيرى هذه العثرات دوافع لتجاوزها، فإذا أردت ستستطيع. والحقيقة أن العوائق والمسهلات هي “أنا”. وكل حجرة هي درس لتطوير مهارة معينة، ولكن الأهم بداية أن يكون لدي طريق وهدف ورسالة وغاية أريد الوصول إليها.
س- اليوم الكثير من شبابنا لا يملكون هدفا في حياتهم، لا يعرفون ماذا يريدون. من المسؤول، وما علاجها؟
علاجها عند الأهل وهم المسؤولون بالدرجة الأولى، أو إن لم يستطيعوا الوصول، فنلجأ إلى المدرب ليعرفوا ويحددوا ماذا يريد أبناؤهم وأعطيهم الأدوات والمهارات التي يستفيدون منها.
ختاما: خلاصة الحياة؟
استمتع بما قسمه الله لك، واسع وأنت لها وعلى قدر الحمل، لا خيار آخر.
وكل الشكر لك على هذا الحوار الممتع.
#سفيربرس _إعداد وحوار :هبة عبدالقادر الكل