أسلاك شائقة تقتحم زريف الطول .بقلم : د. آداب عبد الهادي
#سفيربرس

بينما كنا على المنصة انا والناقد الدكتور. ثائر عودة والناقد الكبير أحمد علي هلال والروائي القدير الدكتور حسن حميد يدلي كل منا بدلوه ناقدا رواية زريف الطول (زريف وليس ظريف) هذه الرواية العظيمة للكاتب الفلسطيني وليد عبد الرحيم ضمن فعالية ادبية قام بإعدادها و التحضير لها الإعلامي ملهم الصالح في مقر الأمانة العامة لاتحاد الكتاب الفلسطينيين وبينما كان الناقد الدكتور ثائر عودة يتحدث عن زريف الطول هذه الشخصية التي أضحت لازمة غنائية غني لها وديع الصافي وفيروز وغيرهما ،في هذه الأثناء دخل القاعة بكل هدوء وبساطة رجل أنيق لفت نظري ونظر غيري، بحث بعينيه عن كرسي فارغ، فوجد كرسيا بجانب الحائط و جلس عليه. وانا اتابعه بنظري واقول بيني وبين نفسي (يالطيف شو بيشبه الدكتور عامر مار ديني… سبحان الله يخلق من الشبه أربعين) وعلى الرغم من سوء نظري ع البعيد والقريب إلا أنني استطعت رؤية الرجل جيدا لدرجة اني استطعت تشبيهه بالدكتور عامر مار ديني صاحب المجموعة القصصية الشائقة أسلاك شائقة.. قدمت دوري بالنقد حول رواية زريف الطول وانا بحماس شديد ادافع عنها وافند بعض ما قاله الدكتور ثائر عودة وكأني فدائي يحارب الصهاينة على مقربة من شواطئ حيفا… إلى أن بدأ الدكتور حسن حميد بمداخلته مرحبا بالرجل الذي دخل من أكثر من ربع ساعة وجلس بهدوء قرب الحائط قائلا. (وارحب بمعالي الدكتور محمد عامر مار ديني وزير التربية) ليبتسم الرجل الذي دخل مؤخرا ويقول (علمت بالندوة وانا قريب بالوزارة فاتيت لأحضركم).
لمت نفسي ونظري السيئ الذي ظننته قد تحسن وقادر على الرؤية بشكل جيد وإذ به كما يقال (نظر على قده) بنفس اللحظة تدافعت إلى ذاكرتي قصص مجموعة أسلاك شائقة التي كنا ناقشناها بندوة ضمن احتفالية ضخمة قام بإعدادها الروائي القدير عماد نداف في مركز ثقافي أبو رمانة من حوالي الشهرين واقتحمت قصة هريسة نبكية ذهني وانا استمتع بقراءة الدكتور حسن حميد لرواية زريف الطول بينما أضحى ذهني مشغولا بما قاله الكاتب عامر مارديني الذي هو وزير التربية حاليا في نهاية قصته هريسة نبكية:(ابتسم لصديقه وقال هذا يعني أنه بثمن صينية هريسة في هذه الأيام يمكن لأهل ايام زمان شراء ضيعة كاملة.
ثم ابتسم وقال الحمد لله أنهم ماتوا قبل أن يأكلوا من هريسة هذه الأيام) ويعني والديه.
عندما قرأت أسلاك شائقة شعرت بالسعادة أن الكاتب مسؤولا في الدولة ولديه كل هذا الاحساس والشعور بوجع المواطن وكان مستغربا ذلك بالنسبة لي فلم نعتد أن ينزل مسوؤلينا من ابراجهم العاجية ويتحدثون عن أوجاع المواطن، كيف لمسؤول في بلدي أن يشعر بغلاء الأسعار ويقول علانية انه من الصعب أن يشتري كيلو هريسة مثلا ونحن نعرف تمام المعرفة ونسمع باذاننا ونرى بأم أعيننا كيف يتباهى المسؤول وأولاده وعائلته بالمواد الفاخرة والشراء بأغلى الأثمان… وفجأة تجد وزيرا يجلس بالقرب منك ليشعرك انه مثلك مواطن قبل أن يكون مسؤولا يعاني ماتعانية ويعيش كما تعيش… له هموم تشبه همومك وآلام تشبه آلامك… عندما يكون المسؤول مثقفا سيشعرك بذلك حتما… فمابالك إذا كان كاتبا مرهفا لديه من الاحساس ما يكفي حكومة بأكملها… ان يكون لديك وزيرا مثقفا يعني أنك ستكون بخير… والثقافة يا مسوؤلينا هي أن تترجم الأقوال إلى أفعال أن تنقل تفكيرك إلى الواقع وتعمل على تغييره نحو الأفضل…. الثقافة لا تعني أن تقرأ اشعار المتنبي وتابط شرا وتجلس خلف مكتبك ببرجك العاجي تعف حتى من النظر إلى الأسفل…..
اسلاك شائقة مجموعة قصصية للكاتب الدكتور محمد عامر مارديني كتبت بصدق وبإحساس عالي تتلمس وجع الكاتب وانت تقرا حامل ابيه وشهيد العمارة وهجرة وجوازات و َفول بلبن ورد الوديعة وبيجامة رياضة وتضحك من شدة الألم وانت تقرا كيا ريو وعملية تهجين و مثل أعلى وبحث علمي وكاسر بركسي دوت كوم و المرشح رقم 13 و َتنفس اصطناعي وشطيرة الملوخية وووووو.
عذرا من زريف الطول فالأسلاك الشائقة فرضت نفسها بقوة وكان لابد من التوقف عندها قليلا.
هكذا هي الأعمال العظيمة تبقى في الذهن ولا تغيب.
#سفيربرس _ بقلم : د. آداب عبد الهادي