كُلنا ذلك الشاب.. بقلم: محمد عفيف القرفان
#سفير_برس _ الكويت

لم تكن هواجس الشاب الوسيم ذي العينين المتقدتين شغفاً بعيدة عن هواجسنا جميعاً، ولم يكن طموحه بعيداً عن قدرة البشر على التوازن، فهو يشعر بأن العمر يمر سريعاً دون أن يشعر بإنجاز حقيقي، على الأقل من وجهة نظره؛ فهو يشعر بأنه يدور في حلقة مفرغة لا يكاد يرى لها أفقاً يستطيع من خلاله الشعور بقيمة ما يفعل، ناهيك عن صوابه أو خطئه. يقول الشاب بأن حاله كحال شخص يقود سيارته في مكان غير مأهول وبلا معالم في الوقت الذي تعطل فيه جهاز الملاحة الذكي، فآثر التوقف لكي يعيد ترتيب أفكاره. وعندما سألته عن سبب ذلك الشعور، قال:
– لا أستطيع تحمل الشعور بأنني موجود على هذه الأرض فقط لكي أقضي حياتي أسدد فواتير المعيشة.
– لا أشعر أنني قد وجدت هدفي أو ربما مجموعة أهدافي.
– لا أتوقف عن التفكير بما يحمله المستقبل لي.
– لقد رأيت أناساً كثيرين أضاعوا طريقهم ولكنهم لم يقوموا بتوجيه بوصلتهم من جديد، ولا أريد أن أكون منهم.
لا يستطيع المرء أن يبدء حديثه مع الشاب دون تنهيدة عميقة تعبّر عن الكثير من المشاعر التي تتزاحم في طريقها إلى الخروج دفعة واحدة، ولا تستطيع إلى ذلك سبيلاً، فما يمر به الشاب المتحمس يمر به كل البشر دون استثناء مع اختلاف زاوية النظر للأمر، التي تستند على العديد من القناعات والرؤى الذهنية والخلفيات الدينية والأخلاقية والوجدانية.
طلبت من الشاب أن يتناول ورقة وقلماً والبدء بالكتابة لكي تنتظم أفكاره ويعيد ترتيب أولوياته، فهذا سيساعده على لملمة شتات الذهن وغياب الرؤية.
سنقوم بتوزيع الأهداف حسب الآتي:
أولاً: على المستوى الروحاني
هو أعلى مستوى لأنه يربط كل شيء بقدرة الله وحوله وقوته، كما أنه الملجأ الأول والأخير إذا ما تقطعت بنا الأسباب؛ ولكنه يتطلب إيماناً راسخاً داخل النفس لا تزحزحه تقلبات الحياة ولا يَضعف مهما بلغت التحديات.
* يصبح الهدف على المستوى الروحاني هو تعزيز العلاقة مع الخالق سبحانه وتعالى وصيانتها من خلال العبادة (الفعّالة).
ثانياً: على المستوى الشخصي
بناء علاقة متينة مع الذات فيها من التصالح ما يكفي للتخلص من كل ما يسبب الضيق والكَدَر، وينتقل بالعلاقة مع الذات إلى أعلى المراتب.
* يصبح الهدف على المستوى الشخصي أن يقوم المرء بإشباع حاجة نفسه للتقدير من خلال القيام بأعمال تنعكس عليه رضاً ذاتياً، كأن يحقق إنجازاً علمياً أو رياضياً أو مالياً أو فنياً أو تربوياً أو غيرها من الأهداف النافعة لحياة البشر.
ثالثاً: على المستوى الاجتماعي
إن العلاقة الصحية مع المحيط الاجتماعي تساعد على التخلص من “الأسْر الذاتي” والتقوقع داخل سجن يصنعه الإنسان بنفسه ليقيّد به نفسه. وهذه العلاقة مع الآخرين لها مستويات تبدأ بالدائرة المقرّبة من أسرة وأهل وأصدقاء، إلى دائرة أبعد من علاقات في المجتمع والعمل وهكذا.
* يصبح الهدف على المستوى الاجتماعي أن يقوم الإنسان بواجباته تجاه أسرته على أكمل وجه، مروراً بتفعيل علاقاته الاجتماعية مع الأصدقاء والمعارف وصولاً إلى بناء حياة اجتماعية صحية.
رابعاً: على المستوى المهني
علاقة الإنسان بالعمل ليست علاقة عابرة أياً كانت طبيعة ذلك العمل سواء وظيفة أو عمل حر أو تجارة أو حرفة، بل هي علاقة عطاء متبادل بين الشخص وعمله.
* يصبح الهدف المهني أن يقوم المرء بدوره في العمل بجدٍ واجتهاد، فإذا أصاب نجاحاً كبيراً فيه، فهو من دأبه، وإذا لم يكن ذلك، فقد قام بدوره كما يجب.
ربما يكون الترتيب أعلاه أقرب للمثالية، ولكن الناس يختلفون في ترتيب أولوياتهم طبقاً لفهمهم لطبيعة العلاقة مع كل مكوِّن من المكونات الأربعة، إلا أن الثابت أن تكون متوازناً في علاقتك مع الله ونفسك ومحيطك وعملك. ولنعلم أنه إذا طغى جانب على الجوانب الأخرى، يصبح الوقت مناسباً لجلسة مع الذات لإعادة ترتيب الأولويات.
#سفير_برس _ الكويت _ بقلم: محمد عفيف القرفان
#المدرب_المايسترو
#ترتيب_الأولويات #بوصلة_الإنجاز
#خطة_جديدة #توارن #كوتشنغ
#سنة_جديدة #حياة_جديدة