إعلان
إعلان

فيزياء..الفقر والظلم والغباء _ بقلم: محمد فياض

#سفيربرس _ القاهرة

إعلان

لايهنأ المواطن البسيط في مصر بآلامه. كما لاترقى إمكاناته لمعايشتها أو قدرته على توزيع تلك الآلام بالسوية على أفراد أسرته. ولم يصل المواطن الفرد لثمة قناعة أنها مقادير. وأن الله شاء وقدّر . حيث للأخيرة هذه بواعث إيمانية.والمصريون مؤمنون.ليسوا كغيرهم من شعوب الأرض. فهم يمارسون الإيمان طقوس الصبر والحمد ويلعقون آلامهم إحتساباً..لكن لديهم قناعات ترقى لليقين العقائدي أن مصابهم ليس بالمشيئة..بل بالفساد والإنزياحات الطبقية العمدية ورأسية السلوك..المصريون لمن يتغابون عن الفهم يجيدون إختراع النكات والضحك.لا من…… بل على……يضحكون على آلامهم وأوجاعهم ولديهم اليقين الجمعي الذي لا لبس فيه أن ثمة ظرف دولي أو إقليمي هو ليس المسؤول الأوحد والأساس عن مآلات أحوالهم. وضنك معيشتهم كما يكذب القادة إنما هو كذبٌ أشِر.يبتلعه الشعب ويهضمه ويمارس إخراجه في الأماكن اللائقة..هو ذاته الشعب الذي اعطى التاريخ دروساً والقادة صفعات والأنظمة عبر تاريخه محطات للتصفيق وأخرى للبصق..يكتنز في شرايينه التي لاتقبل الديدان أو الحشائش شيطانية الإنبات ..زعامات وحكام ومواقف رغم مرور عقود عليها..ويكبس ذات الشعب حكاماً وأنظمة وشخوصاً في أجولة تليق..والمُرعب من فرط الغباء الإستراتيجي أن تذهب الدراسات محلية ودولية إلى الإنتهاء بموت هذا الشعب الساكت والمؤهَل في كل آنٍ لدفنه..ولم تشأ أي مؤسسة أو مركز دراسات أن يرهق ذهنه للإجابة على سؤال يطرح نفسه في كل الأحايين الفائتة والحالة واللاحقة: هل أثبت التاريخ أن نخبة في مصر سبقت بحَدسها وعي الشعب وسبقته في الملاحم..؟!
الإجابة يعرفها جيداً ثلة الذين تآمروا على المشروع الوطني.ومحدداته ونتائجه القاسية..هل يعرف التاريخ أن شعباً خرج ثائراً ليستبدل فلسفة نظام ليبرالي متوحش فاسد بفلسفة نظام أكثر توحش وفاسد بامتياز ليحول بسياساته.ـ ودون المواربات السياسية والعبارات المنمقة- دون الحفاظ على رغيف الخبز على طبلية الفقراء وينتزعه في سياقات كان الأجدى أن تُزاد عليها عدد الأرغفة.؟ . وبُحَّت حناجر الشعب هتافاً.. عيش حرية عدالة إجتماعية….لكل من كان يحوز في رأسه عقلاً..بالملك أو حتى بالإيجار.شعبٌ عبقري لخص مشروعه الثوري وقدم أولوياته فيه المشروع الإقتصادي..ثم جرى ماجرى..وللشعب عقلٌ ومعدة ٌوأرجل.وذاكرة وإرادة.. وصبرٌ جميل. ومن يتعمد التعامي عن فيزيائه وهو يمضغ الزلط ويقبض بأسنانه على أطراف وطنه ليحميه وعينه الثاقبة والمؤجِلة مواعيد الحساب ترى الترف والبذخ والسفه..بمستويات إنفاق أقل ما يقال عنها بالتراص مع كابوسية المُعاش اليومي لهذا الشعب “.. قلة أدب ..”
يعلم الشعب المصري أن تعداده تجاوز المائة مليون..لكنه يعلم أن أن شعبٌ آخر في مصر قوامه عدة آلاف قد اعتدى على حقوقه ومارس تجريف الثروة والمصالح والصحة والترف عبر عشرات السنين.من دون حق .لم يمارس نشاطه هذا من تلقاء ذاته بل تم تهيئة الأجواء وحرف البوصلة وفتح الطريق عبر أدوات الحكم ليحتل سبعة مليارديرات من بلادي قائمة أغنى أغنياء العالم.ولم يُدهَس هذا الشعب فقط بتهيئة الأجواء ومباركتها.بل تم تستيف نصف الثروة في العاصمة ليتم شطب عشرات الملايين من الشعب المصري من سجلات حقوق المواطنة فيقع أكثر من 60% من المصريين تحت خط الفقر..وفق الإحصاء الرسمي المزركش لتقديمه للمؤسسات الدولية..وفي الواقع تتجاوز نسبة الفقر أكثر من 70%..وتطربنا بنشاذ كاد يفقدنا أسماعنا حكومات تتآمر على مستقبل هذا الوطن..مامعنى أن يترك النظام كل شيء لممارسات السوق النيوليبرالية..فيتم تسليم منظومة التعليم إلى العوام وإلى الشماشرجية ليعمل في حقل التعليم أناس لاتعرف الدولة مؤهلاتهم وتتركهم للإرتزاق بالإشتغال في عقول أبناء هذا الوطن في تعليم موازي لطريق فارغ من المارة..التخلي عن دور الدولة في التعليم وشرعنة وتقنين فساد الممارسة والدروس الخصوصية فضلاً عن تجريف القروش القليلة من جيوب الفقراء على حساب سد جوعهم فهي ممارسات لإنتاج أجيال جديدة جدآ للعنف والإرهاب.. ؟ . كنا وبالخطأ نظن أن عربة الحكومة عندما تقف لإنزال بعض ركابها واستقبال بدائلهم أن ثمة أفكار جديدة وإنحياز مختلف وإعتراف بفشلٍ ما في قضية ما أو تقصيرٍ مُخِل فاحت رائحة فساده في ملفٍ ما .كان سبباً لإنزال المُنْزَلين من العربة .ودافعاً لتركيب بدائل ماتم فكه وفقاً لفلسفة الفك والتركيب والتغليف أيضاً.. لكن أن تظل نفس المناهج المكررة والمقررة والفاشلة في ملفات التعليم والصحة وبالتالي الرياضة والثقافة والفن..والتعذيب والتنكيل الإجتماعي والترفيه الطبقي لأصحاب الحظوة..فإن فيزياء التربة الشعبية تنذر بالخطر.
تتحضر ربما – وبفعل التوحش الفاسد للثروة وحصارها للسلطة – لممارسة إزاحة الطبقة الإجتماعية الفقيرة من الحياة.بل وتهدد كل جهود الإصلاح والتنمية لتتسع رقعة الظلم بماهيته الواسعة..إنّ عجز الأسرة المصرية عن سداد فواتير غياب الدولة عن حصص التعليم وشرعنة عشوائية وفوضى التعاطي مع أخطر ملفات الأساس في الأمن بمفهومه الشامل يرتب في الشارع غضباً شديداً..ومطلباً عاجلاً..إن لم تذهب الدولة الرسمية لإصلاح التعليم بما يليق وبما يفرضه من أهمية تتقدم في جدول الأولويات على كل شيء من الخبز والدواء إلى السلم والحرب..فثمة حكومة وحسب..درجات وظيفة وزراء وحسب..شخوص وصَولات وجولات وضجيج..وفارغٌ وحسب..
لا نعتقد ولن نقبل هذا النوع من الإعتقاد أن الفقر تشريعٌ سماوي نزل مع شهادة الميلاد.وأن محاولة التمرد عليه وَجَليُه رجسٌ من عمل الشيطان. وأن مطالبة النظام بتقديم حق الحياة على ماعداه من حقوق واتخاذ الإجراءات التي تكفل الكرامة المهددة بالإهدار الكلي عندما يقف رب الأسرة..المصرية..وأكرر المصرية أمام أطفاله ومن يعول غير قادرٍ على تلبية الإحتياجات التي فرضتها عليه سياسات فشل الحكومة ليدفع للدروس لتعليم أولاده كل مايتحصل عليه شهرياً ويضع العلاج والطعام والشراب في خانة الرفاهية يمارس عليها فلسفة الإستغناء ويُسَلم ماتبقى بالكاد لدفع نصف فواتير الخدمات..وأمام أولاده..أتعتقدون بوعيكم الوطني الذي يحتاج إلى أمارات جادة أن شباب وشابات هذا البلد منتمون..؟!!
إن ممارسة الظلم تحتاج إلى عدالةٍ في التوزيع..وممارسة الفقر تحتاج إلى حماية مؤسسية بإيعاذٍ دولي للطبقة التي قامت بتجريف الثروة دونما بناء إقتصاد حقيقي منتج.. فكل الثروات الريعية مآلاتها حال الغضب والذي لانريده ونحذر منه. الإسهام في تدمير البلاد..وتعطيل. أي مشروع وطني للتنمية الحقيقية المستدامة..إن فيزياء هذا الشعب العظيم إن أنفقتم كنوز الدنيا كلها لرسم خارطة طريق للسيطرة على غضبه حين يقرر أن يغضب لن يكون إلا ما يريده…وهو الشعب الذي يغضب بقرارٍ وطني يحمل في طياته أبجديات لاتفهمها كل مراكز الدراسات والأبحاث يسيطر بها على محددات أمنه القومي..وإن اضطر لتفويت بعض الفرص للمتآمرين من الداخل.. وإلى حين.. إن هندسة الفقر والظلم لا إنفصام بينها وبين النتائج المحددة سلفاً لغاية البراجماتية النفعية للرجعيين..وللخونة.والشعب في بلادي لم يعد قادراً على تحمل غباء التجربة..ولن يصرخ معلناً قلة حيلته..ولن تراه الأنظمة يبكي..فهم رجال..وقادرون…فالرجال لاتصرخ..لاتئن بصوتٍ مسموع..كل القضايا بات التعاطي معها غير مَرضِيٌّ عنه..وشطب الشعب والتعالي عليه والإكتفاء بديموقراطية الدقائق الخمس كل خمسة سنوات في مواسم ومراسم الإنتخابات ونتائج لاتليق بمصر..كل هذا في جدول أعمال الأسرة المصرية..تعالوا نبحث لكم عن مَخرَج..عن أجندة تسلمونها بالأمر المباشر إلى كتائب الإعلام وتصلح للضحك علينا ومعاودة الإستخفاف بنا وتحقير التعامل مع عقولنا..لتحتفظوا بمقاعدكم في الحكم لكم ولأنسابكم وشلة الأنس.لبعض الوقت..ونحافظ بها معاً على سلامتكم الطبقية أولاً..وأمن مصرنا الوطني..مصرنا نحن لا مصركم أنتم… ولكن إلى حين.
نشير عليكم أن تعلنوا بشجاعة وبسالة وفروسية أنكم في السنوات القادمة وفور الانتخابات النيابية المقبلة..وننتظر معكم… ستعتمدون أجندة لعدالة توزيع الفقر والظلم..والغباء..لنحفظ مصر إلى حين..ولنحفظها أبداً.

#سفيربرس _ محمد فياض _ القاهرة

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *