إعلان
إعلان

العرب بين الأيديولوجية والشعوذة ــ بقلم: محمد فياض

#سفيربرس _ القاهرة

إعلان

في فجر الجمعة الفائت إستيقظ العالم على بيان ثلاثي أمريكي قطري مصري يحمل طمأنة نسبية إلى العرب مفادها أنه قد قرر الوسطاء الثلاث في الخميس القادم ..المايسترو والرديف قرروا بجدية إجلاس تل أبيب وحماس على الطاولة لغاية وقف إطلاق النار.. والإفراج عن المختطفين..!! .وشملت المرونة في البيان أن مكان اللقاء متروك تحديده بديموقراطية..وكأن شيخ المنصر البلطجي الأمريكي قد إغتسل من دماء شعبنا الفلسطيني أو واتته صحوة ضمير..وراح الإعلام يزف الخبر ويُفَنّد التصريحات وامتلأت الفضائيات العربية بالمتخصصين في تحليل البيان الثلاثي ـ وأنا شخصياً تزعجني جدآ مفردة الثلاثي عندما تأتي في جملة تجاه قضايانا ـ وانبرت الشخوص العبقرية والوطنية هكذا يسمونه‍ا لممارسة التحليل السياسي وتحاليل أخرى لتمجيد دور الوسطاء في حين لم يتم بعد إعلان مكان وضع طاولة اللقاء..وماهي إلا ثوانٍ معدودة في عمر الزمن إلا وكان نتانياهو.. الموساد وبايدن المخابرات المركزية قد انتهت من وضع اللمسات الأخيرة وختمها بنجمة داوود لتقصف مقاتلات الأمريكي الصهيوني الإسرائيلي مدرسة التابعين في الفجر اللاحق وتركز القصف على الطابق المكبوس بالأطفال والنساء والشيوخ..والطابق الذي جُعِلَ مسجداً..وأثناء صلاة الفجر.
ليس جديداً..لاجديد في إجرام اسرائيل في كل بلادنا ومابحر البقر ببعيدة.ولا جديد في دخول العرب بيت الطاعة الأمريكي وتصديق الأكاذيب التي أقسمت الولايات المتحدة برأس جورج بن واشنطن وبالتلمود والإنجيل وقرآننا أيضاً لحبكة السيناريو.أنها لن تعمل دون تركيع العرب وقتلهم وإخراجهم من الجغرافيا..وأن الجمهوري والديموقراطي يعملان لدى الشاباك والموساد..
وقبل الخميس يمارس نتانياهو هوايته المفضلة ويرتكب مجزرة جديدة بشعة المشاهد..لقطع الطريق على أن يكون هذا الأسبوع التالي للبيان الثلاثي ستة أيام تخلو من يوم خميس.ولاغرابة أن يقف الرباعي نتانياهو وفريق البيان ومن الجائز أن ينضم إليهم البريطاني والفرنسي والمتحمسون من تجار الجاز..ليعلنوا على العالم أن حماس الإرهابية قد قتلت الخميس..وأن اليوم الأخير في الأسبوع العربي جاري البحث عنه وخرجت الأساطيل لتأتي به حياً… أو ميتاً… ويوم الخميس يتم إعلان وفاته في حضوره إن حضر..
مسرحٌ هزلي يصيب بالغثيان..ونفاقٌ ليس له مثيل وقطيعٌ كثيف العدد يحملون هويات مسطورٌ فيها النوع ” مُذَكَر ” ..
ويعلم أطفال غزة أن الكيان قبل 7 أكتوبر غيره بعد ذلك التاريخ..فقد كانت إسرائيل موكولٌ إليها مهام تركيع المنطقة وحماية المصالح الأمريكية والغربية وحدها. ورأينا كيف بعد تكسير الصنم الذي لايقهر جُنَّ جنون الغرب والولايات المتحدة الأمريكية وفي سُعارٍ لم يخلُ من الإعلان عن ارتباك أوروبا و أمريكا والإحساس بالهزيمة التي تهدد عرش الأحادية القطبية وتُمرِغ الهيبة الأمريكية الأوروبية في وحل الرعب..أرسلت أوروبا و أمريكا أحدث مااكتنزته للحرب الثالثة.. أجهزة الإستخبارات ووزراء الحروب..تم الإستنفار الكلي المطلق من الأفراد والقادة وآلات الحرب ومنها الغواصات النووية..لأن أبناء غزة جرّبوا بروفة أولية وبدائية من حيث الإستعداد التقني ولوجستيات المحيط الجغرافي المُحَنّط والموات الإقليمي والغياب الدولي.. لأن شباب غزة جرّبوا بروفة خلع إسرائيل من الأرض العربية في فلسطين..بروفة أولية وبدائية ينقصها في يقين أطفال غزة عشرة أجيال وعشرات التجارب.وينقصها صحوة أمة إنكبت على وجهها في وحل التطبيع..العلني والسري..
إن الرعب الذي أصاب المعسكر الغربي خشية تطهير فلسطين لم يكن لأجل اسرائيل..بل لسبب صدمة قاسية جدآ أصابت العقل المخابراتي الغربي وأربك الأجندة الدولية في حسابات عالمية الصراع..سقط الإطمئنان الصهيوأمريكي ولم يعد بمقدور واشنطن نقل الصراع إلى جنوب شرق آسيا أو الإشتباك مع الأوراسي كما هو مخطط له والذي كانت أوكرانيا أحد أهم حلقاته..
منذ ذلك التاريخ وللمرة الأولى في تاريخ الصراع تعلن أمريكا وأوروبا أنها حضرت مؤخراً للدفاع عن إسرائيل في المنطقة المرعبة التي تفصل إغتيال شكر وه‍نية والصمت الاستيراتيجي المسلح..وضعت واشنطن وحلفها الأوروبي كل ترساناتها العسكرية في خدمة التهديد العلني والوعيد الصريح للدفاع عن إسرائيل…وفي المنطقة خافتة الإضاءة تحت الطاولة تتوالى الرجاءات الأمريكية الغربية المباشرة مع طهران والغير مباشرة عبر وسطاء التابعين لإثناء إيران عن الرد ولتصميم طهران عليها لتعلق الأمر بالهيبة والكرامة والشرف وهدم عشرات الكيلومترات المكعبة في بنية قواعد الإشتباك التي كانت قد ارتفعت وتغيرت وفي سبيل تثبيت خرائطها لصالح محور المقاومة ضد الكيان..ناهينا عن قضية المساس أو الإعتداء على السيادة..فليست الأخيرة من أهم بواعث حتمية الرد..ولأن الأمريكي متيقن من عزم المحور على تأديب تل أبيب فباتت الدبلوماسية تبحث لدى طهران عن مقاصة تعوذها واشنطن للبراجماتية الأمريكية وخشية ضبابية المشهد حيث القواعد الأمريكية في المنطقة وجرأة ساحات المقاومة عليها وتآكل الهيبة الأمريكية الأوروبية والرغبة الملحة في تفادي وصول نعوش الجنود الأمريكيين من المنطقة والانتخابات بين فينةٍ وأخرى..
تنشط الدبلوماسية وفي الذهنية الأمريكية نعوش المارينز العائدة من لبنان في ثمانينيات القرن الماضي والتي على أثرها إنسحب الأسطول الأمريكي الخامس من المنطقة..تطلب واشنطن من طهران تخفيف حدة الرد..وعطاءات إقتصادية بتخفيف أحزمة الحصار والإفراج عن الأرصدة الإيرانية المجمدة.الى جانب صفقة مع السنوار بترتيب إيراني لوقف إطلاق النار والإفراج عن المختطفين وتسوية بعض الملفات.
وبالقطع لاتنسى واشنطن المتعجرفة أن تهدد بوقف البرنامج النووي أو حتى التلميح بتصريحات النتنياهو بقصف المحطات النووية بدعم عسكري أمريكي غربي..
لكن المعادلة السياسية والعسكرية رغم تركيباتها المعقدة في التناول إلا أنني أرى أن الأساطيل الأمريغربية لم تحضر لدخول الحرب بقدر ما جاءت لتعديل ميزان الردع الذي قصفته السابع من أكتوبر..فهناك نقاط قوة تمتلكها المقاومة..ولاتمتلكها إسرائيل وحلف امريكا..حيث البيئةالمحلية الجغرافية..الشعوب التي بالتأكيد ستفقد كل القوى السيطرة عليها حال اندلعت الحرب الإقليمية.والمصالح الأمريكية والغربية في المنطقة وبيوت الزجاج التي يسمونها القواعد العسكرية الأمريكية والغربية.والأحلاف العربية المتأمركة والمتصهينة في لحظةٍ تعلن النفير العام ضد الكيان وحلفائه..وتأتي الأقطاب الصاعدة لتثبيت العناوين الجديدة في افريقيا..كل هذا في ظل نفير شعبي عالمي ضد الكيان الإسرائيلي والهتاف بحرية فلسطين وليست غزة وحسب…لكن هل وفق هذه المعادلات والتي من الممكن أن يستخدم فيها العدو قنابل نووية تكتيكية لإنجاز ثمة إنتصار مرهونٌ في النهاية على الفرق بين هزيمة الجيوش..و.هزيمة الساحات المقاومة..وهزيمة الشعوب وأثق أن الأخيرة لن تنهزم وقد انهزمت أمريكا في كل حروبها التي ذهبت إليها لأكثر من 93% من عمر الولايات المتحدة الأمريكية..ويزعجني الكثير من المحسوبين على النخب السياسية والثقافية والفنية أنهم ينتظرون من الرد الإيراني والذي يسخرون من عدم حدوثه للآن.أن إيران ومعها الساحات المقاومة سوف تحمل إسرائيل وتلقيها في البحر وتكنس فلسطين التاريخية من كل المحتلين وأعوانهم..ويرون أن الحرب هي خناقة على ناصية الشارع ليست لها حساباتها..
ومهما كانت التوازنات بات من المحتوم أن توجه طهران ومحور المقاومة ضربة تعيد قواعد الإشتباك إلى ما وصلت إليه قبل إغتيال هنية وشكر وتفرض هندسة إشتباك متقدمة تعمل على تثبيتها قبل أي إتفاق..ستعوذه المقاومة التي ستدوم وتطور تسليحها واستراتيجيات المواجهة القادمة مادامت الأرض محتلة ..لربما يأتي العرب الذين أذابوا الأيديولوجيات اللصيقة بمشروعهم يوم كان لهم مشروعاً مواجهاً..وسيأتي لامحالة..حيث تنضج الحكومات وتتوقف عن تقديم إعلام ثقافة قراءة الطالع وجلب الحبيب ورد المطلقة..وفي الهاجس القومي ممارسة إشعال البخور وتمتمات الشعوذة.

#سفيربرس _ القاهرة _ بقلم : محمد فياض

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *