لم تسحرني أمريكا كما الفرات ..بقلم : خاشع العلي
#سفيربرس ـ نيوجرسي

منذ عشر سنوات و عند قدومي لأول مرة
لم تستطع نيويورك أن تسحرني
ماكنت ألتفت الى مغرياتها
ولم أكن أتطلع أن أكون عضواً في نادي عشاقها
رغم أنها كانت حلم الصبا لكن …. سرعان ما تشتت ذلك الحلم
ثم سقط بالتقادم
منذ عشر أعوام جئت أمريكا وأنا متمرداً عليها
قبل ان تهبط الطائرة
لم أكن أرغب الشرود في جمالها
ولا أريد ان أتقزم اذا ما نظرت إلى شاهقات مبانيها
كنت أتجول في شوارعها عابساً
فلا لؤلؤة منهاتن( امباير ستيت بلدينغ )استطاعت أن تستجر عواطفي وشغفي بكل مفاتنها الساحرة و طرازها المعماري الفريد .
كما فعلت مع زها حديد وغيرها من المهاجرين واستلهموا من جمال أمريكا كل ابداعاتهم وحلقوا معها عالياً جداً
ولا حديقة( السنترال بارك )استحوذت اهتمامي بذلك الخريف المتروس جمالاً بين أشجارها وممراتها و واحاتها العذبة
و ما استطاعت حتى أن تستفز قريحتي الشعرية
(فلات ايرن بلدينغ ) فشلت هي الأخرى ان تقسم افكاري
كما فعلت بالشارع المقابل وجعلته كالسكران لايعرف نفسه ذهاباً مع الشارع الخامس يسير …. أم إياباً مع البرادواي
وظلت أفكاري هناك مع احبتي الذين بعدت عنهم
لأول مرة
قابلت تمثال الحرية بكل برود
رغم دهشة الاسيويين به
و قد سقط بعضهم أرضاً مغشياً عليه
لهول المشهد و عظمة ما رأى
كنت أسخر من صغر عقولهم
وبقيت شارداً في مقعدي على متن ذلك اليخت الجميل
ُأجابه لطمات رياح تشرين الباردة
استحضر وجوه أولادي وزوجتي لعلي أشعر بالدفء من جديد
و في شباط…..
…… تزينت المدينة ولبست الأبيض وانتظرتني
لكنني لم استطع أن ادخل بها
فأنا المخلص لهواي العتيق
و تحكمني قوانين الدين والعشيرة
و لا تزال موجات من الفرات تسير مع دمي
نسماتها… صباحاتها … لياليها وسهراتها
و رغم انشغالي و احترافي التصميم والغرافيك و الحاسوب والهندسة
لكن تنتابني احياناً …. بلاهة البسطاء
قررت العودة بعد ثلاث اشهر ونصف
وعادت لي الروح بلقيا الأحبة
فقد غبت عنهم ومالي في الغياب يد
أنا الجناح الذي يلهو به السفر
ياطيب القلب ياقلبي تحملني
همَّ الأحبة إن غابوا وإن حضروا
كان هذا منذ عشرة أعوام …
#سفيربرس ـ بقلم : خاشع العلي
فنان تشيكلي سوري مقيم في امريكا