إعلان
إعلان

عالم مليء بالملوخية ..بقلم : المثنى علوش

#سفيربرس

إعلان

إنها الرابعة بعد الظهر في التوقيت المحلي لمدينة اللاذقية…
تجتاح أنفي روائح الأطعمة المنبعثة من نوافذ الجيران، لكنها جميعها روائح واحدة لا  تختلف، و هذا ما يجعلني غير قادرٍ على تخمين ما هي الوجبات التي تقوم ربات المنازل بتحضيرها ذلك النهار .
الملوخية وحدها تتميز برائحة فواحة تخترق طبقة الأوزون إذا جاز التعبير، و لكنها في الوقت نفسه، تحولت إلى طعام الأغنياء في الحي، و صار من غير المحبب أن تتفاخر مباهج بما صنعته لزوجها عبد الجبار .. فالحي بأكمله بات يعلم أن الغذاء سيكون ملوخية،و لا جدوى من المواربة أو الاختباء خلف ستارة التقشف المقيتة.
يصرّ عبد الجبار على فكرة مفادها أن الجيرة و إن اشتموا الرائحة، فمن أين لهم أن يتأكدوا مما تصنعه مباهج، إلا إذا خرجت بقدرها على الملأ، أو رمت مخلفات الطعام من النافذة دون اتخاذ الاحتياطات اللازمة.. على العموم، إن كل ما يهم عبد الجبار الآن هو الوصول إلى منزله،و البدء بسكب الأرز مع اللحم و أوراق الملوخية، مع الكثير من الليمون، لتأخذ مجراها إلى معدته..
بعض الجارات لا يطقن سماع الأحاديث و الإشعات التي تطلقها مباهج، و التي من شأنها الحط من مستوى معيشتها مع عبد الجبار، و التململ من الفاقة و الفقر الذي أصابها و عائلتها، لكن هيهات، فالجارات أكثر حنكة بكثير، و لم تعد خافيةً تلك الأساليب الوضيعة الشديدة السذاجة .
في اليوم التالي جلس عبد الجبار مع زوجته و طلب معاشرتها بطريقة مختلفة و مبتكرة كنوع من التحديث و التجديد للحياة الزوجية المقيتة التي مرّ عليها قرابة الثلاثون عاماً قضياها على ذات السرير.
تبدأ خطته بافتعال مشكلة و بعض الصراخ و الشتائم، و رمي بعضاً من قطع الأثاث عبر النافذة إلى الشارع.. ثم بعدها و من المؤكد سيتدخل مدحت و زوجته أساور، في محاولة يائسة لرأب الصدع..
يستمر النزاع بحيث تهرع ابتهاج إلى منزل جارتها أساور ، ثم يقوم مدحت بالتشاور مع عبد الجبار ليذهب إلى حيث مكثت ابتهاج مع جارتها في منزل الأخيرة، ثم و من باب إخلاء الجو ليتسنى لهما الحديث بِود و على انفراد، سيتركهما الجاران في الغرفة متمنين أن توافق ابتهاج على عرض عبد الجبار و إعادتها إلى المنزل… في هذه الأثناء سيقوم الزوجان بما كانا يخططان له، و ينتهي الأمر .
تقول ابتهاج بعد مرور أربعين يوماً على وفاة عبد الجبار :
رحمه الله، كان شجاعاً و حاسماً و ثابتاً، يعشق التغيير لكنه كان ثابتاً جداً!!!.

#سفيربرس ـ بقلم ؛ المثنى علوش

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *