إعلان
إعلان

الجــهل تســــويق للعــبودية ـ بقلم : د. سناء شامي

#سفيربرس ـ روما

إعلان
من يبحث عن النافذة يجب أن يتبع سبب العتمة و مصدر الضوء من أين ينفذ، و بالتالي فأن قراءة الواقع يجب أن تكون بلغته، و بنماداة الوقائع بأسمائها دون تحميل القراءات إتهامات أو تقيمات، و إنما الغاية الوصول إلى وعي كافي يساهم في بناء أدوار إيجابية و فعّالة للصالح العام دولة و شعباً.
كان الشعب السوري يرفع على أكتافه الأبطال و المناضلين ضد الفرنسيين، صار اليوم يرفع و يُهلّل للممثل الفلاني الذي عاد لسوريا بعد 14 عام، و يُطبّل للصحفي و الببغاوات الذين يرجعون من إقامتهم المريحة خارج البلد، و الإعلام المنخور، يعرض عودتهم كأبطال مهينين بذلك مفهوم شرف الأبطال التي سقطت بإسم ما يسميه الإعلام ثورة، سوريا اليوم مليئة بجرحى الحرب، بشباب منهم مبتور الساق، و الأخر يحمل شظايا في جسده و آخر ليس له مال ليعالج تبعيات الحرب التي خلّفها مكوثه الطويل على جبهات القتال ضد الإرهابيين و ضد مليشيات ستون دولة إنحشروا في سوريا ليدمروها…ثم تخرج من قمقم الفانوس السحري إمرأة شقراء سورية الأصل و أمريكية الجنسية لتأخذ دور وسيط لتحالف آمريكي سوري حسب زعمها و حسب إستقبال سفير السعودية لها مع المجموعة النسائية التي ترافقها!!! ماذا يحدث في سوريا؟ من هذه السيدة؟ هل هي سياسية و مبعوثة من ترامب؟ لماذا في دمشق تم إستقبالها من سفارة السعودية أولاً و من ثم السيد الشرع؟ ما ذا يحدث في سوريا؟ بعد إستشهاد يوسف العظمة و عدنان المالكي، و سوريا صارت مسرح لسياسية التسلق و الدوران: أحزاب و حكومات تسقط و غيرها يأتي، و الغرب في مكانه واثق من إدارته للأدوار!  و من يقرأ التاريخ يمكن له الشفاء من الهلوسة فربما يصبح فرد فاعل واضح الرؤيا و الموقف… البلد في مرحلة إنتقالية و الغموض ما زال يسيد الموقف، و دول غربية تتبجح بعرض خدماتها لمساعدة سوريا بصياغة دستور جديد لها، و لا أحد مهتم ما ستؤول إليه مؤسسات و دستور البلد، و  إن صاغ الغرب دستور سوريا، كما فعلوا مع العراق، فهذا أمر خطير.
لماذا لا يعود السوريين للإطلاع على دستور المملكة العربية السورية لعام 1920 المؤلف من 148 مادة؟ على الأقل لدراسته، و الذي نص على أن سوريا مملكة عربية سورية نيابية عاصمتها دمشق  و دين ملكها الإسلام، و لم ينص على إن الإسلام دين الدولة، و كان ذلك بموافقة شيوخ و مفكرين الإسلام أنفسهم في ذلك الزمن، و الذين أقروا بأن هذا الدستور هو شكل من أشكال الحكم الإسلامي السليم… طبعاً ليست الغاية من العودة لهذا الدستور لتحويل سوريا إلى مملكة، و ليس من أجل نقاش كيف يجب أن يكون شكل الحكم، و إنمّا من أجل الإطلاع على محتوى ذلك الدستور الديمقراطي الذي عمل الغرب على منعه من الولادة و سرقت فرنسا كل مسوداته، لأن هذا الدستور حدد وحدة السوريين بالمواطنة و كان دستور ديمقراطي مبني أولاً على المواطنة و إحترام الأديان في البلاد، دون تفريق بين طائفة و أخرى و أن تكون اللغة الرسمية هي اللغة العربية… فالمادة العاشرة من هذا الدستور تحدد إطلاق كلمة سوري على كل فرد من أفراد المملكة السورية دون تحديد لنوع دينه. و المادة الحادية عشر تقرّ بأن جميع الأفراد متساوون أمام القانون…المادة الرابعة عشر تنص بحرية تشكيل الجمعيات و حرية الفكر و الطباعة و النشر و عدم تقييد حرية الآديان و المعتقدات.
كما كان هذا الدستور يحترم الثقل السياسي لبقية مقاطعات سوريا الطبيعية
لقد قضى الفرنسيين على الحكومة العربية التي صاغت هذا الدستور المدني المتطور و الذي حدد دور الدين و دور الدولة فاصلاً بينهما لسلامة المجتمع، ولكن مؤكداً على تكامل الأدوار بينهما، و أعطى المرأة حقها في التصويت، إلا أن  فرنسا و بإتفاق مع بريطانيا طردت فيصل من دمشق الذي حين خطب في حلب كان يقول الدين لله و الدولة للجميع، و قضت على إمكانية حكومة تجمع أقطار عربية موحدة، و تحكم بالتساوي، و صنعت حكومات من العربية لها العنوان فقط، فهم يمثلون مصالحهم الشخصية من خلال الحفاظ على مصالح الغرب في المنطقة، و هذا ما فعلته بريطانيا عندما خلقت المملكة العربية السعودية، لتحكم من خلالها المنطقة العربية الإسلامية، و بذلك تتجنب التصادم المباشر مع الشعوب العربية التي تجمعهم لغة واحدة و دين واحد و تراث مشترك… بمعنى آخر و مؤلم، فقد خلقت بريطانيا دولتين إسرائيليتين لإضعاف المنطقة و السيطرة عليها، الأولى أسمتها المملكة العربية السعودية، و الثانية فيما بعد، أطلقت عليها إسم إسرائيل. لعبة التحالفات مع الغرب من أجل السلطة كهدف أساسي، هي لعبة لا بد منها لمن وافق على الصفقة الأولى، أي منذ نهايات الدولة العثمانية…إن المعرفة الكافية بالمنطقة والموارد المعدنية في باطن الأرض المرتبطة بالنظام السياسي والاقتصادي والديني للبلاد تسمح برؤية كاملة للديناميكيات والتحالف في الصراعات الغير متكافئة. إن شبه الجزيرة العربية، على الرغم من الأغلبية المسلمة، كانت ولا تزال مقرًا للعديد من التحالفات التي ميزت فترة ما بعد العثمانيين والنظام الاستعماري. لا ننسى بأن عبد العزيز بن سعود. اعترف في بادئ الأمر بالحكم العثماني وحصل على لقب باشا، لكنه سرعان ما أدار ظهره لإسطنبول واقترب من البريطانيين حتى حصل على الحماية بين عامي 1915 و1927، أي من قبل ما تُسمّى بالثورة العربية الكبرى عام 1916, و بين عامي 1912 و1925، غزا نجد (المنطقة الوسطى من شبه الجزيرة العربية) والحجاز (الساحل الغربي المطل على البحر الأحمر، والذي يستضيف المدن المقدسة مكة والمدينة) و أسند إليه الإنكليز لقب شريف، وفي عام 1932، أصبح ملكًا للمملكة العربية السعودية. وعلى مدى العشرين عاماً التالية، أصبح عبد العزيز قريباً بشكل متزايد من الولايات المتحدة، وفي عام 1937، اكتشف جيولوجي أمريكي أول آثار لرواسب النفط بالقرب من الدمام.
بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، أصبحت العلاقات بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية أوثق، وتم تشكيل تحالف حقيقي، وهو ما يزال يشكل حجر الزاوية في السياسات الأميركية في الشرق الأوسط. وتظل العائلة السعودية، التي يبلغ عددها اليوم 25 ألف عضو وأكثر من 200 أمير، راسخة في الحكم، متكئة على المبادئ السلفية الوهابية المتطرفة التي سمحت لها بالصعود إلى السلطة قبل أكثر من ثلاثمائة وخمسين عاما. لقد صممت المملكة العربية السعودية مصير المنطقة بأكملها منذ إستلامها العرش، وشاركت في تسهيل المشاريع الغربية مقابل إدامة قوتها المطلقة.
لذلك عندما دخلت فرنسا إلى دمشق سارعت بالقضاء على أعضاء المؤتمر العربي السوري و صادرت مسودات الدستور الذي أعدّه و أعدمت العديد من أعضاء المؤتمر و منهم الشخصية المعروفة لدى الجميع إبراهيم هنانو، مُدركة بأنه صار للغرب “أصدقاء” عرب في المنطقة… فرنسا و بريطانيا اليوم كما البارحة حاربوا أي حق للعرب بالوحدة بل كانوا ينظرون للعرب بإذدراء و يقولون عنهم في صحفهم بأنهم مجموعات همجية لا دولة جامعة لهم و يتحدثون عن السوريين بلغة الطوائف المتطورة و ليس بلغة شعب سوري واحد… أعطوا الحق للأوربيين الشرقيين بالنضال و أطلقوا عليهم إسم الوطنيين، بينما على العرب و محاولاتهم لخلق دولة عربية قومية، كانوا يطلقون عليهم إسم المتطرفون. في مؤتمر فرساي 1919 قدّم فيصل وثيقة تطالب عصبة الأمم بالإعتراف بالدولة السورية العربية بحدودها الطبيعية، و أن تكون عاصمة سوريا الكبرى  دمشق…أخذ الرئيس الأمريكي ويلسون حينها الوثيقة بعين الإعتبار و أرسل وفد إلى دمشق و الذي أقرّ بعد زيارته بحق سوريا في الاستقلال، و في عام 1920 أرسل فيصل وثيقة إلى بريطانيا يرفض فيها قرار الإنتداب الفرنسي الناجم عن إجتماع لم يحضره العرب و لم يخبرهم أحد به و طالب بإلغاء الإتفاقيات التي تمت بين بريطانيا و فرنسا بخصوص سوريا و المنطقة، مذكّراً إياهم بخداع مكماهون للشريف حسين. و في مارس 1920 أعلن المؤتمر السوري إستقلال سوريا التي تشمل فلسطين  و رفض وعد بلفور، و عندما فرض وايزمان على فيصل بتوقيع الوعد، مقابل الإعتراف بدولة سوريا، أضاف فيصل بخط يده و بالعربية فوق الوثيقة جملة “إن وافق الشعب على ذلك”. (و الشعب الفلسطيني في غزة ما زال يرفض ذلك).
بعدها أسقط الغرب الحكومة السوريه بدمشق و  أسقط معها محاولة الديمقراطية الوحيدة و الحقيقية للمنطقة، بينما إستمر في دعم السعودية صانعاً منها مملكة… و من ذلك الحين حتى هذا اليوم، ماذا تغيّر؟ معاهدات و مماطلات سياسية و أمم متحدة و منظمات تلف و تدور حسب أوامر أسيادها، و عنف و حروب و إنقلابات، و عرب تهرول ضمن نفس سياج مكماهون و سايكس بيكو و بلفور، و لا ترى مخرجاً من هذه الحلبة، فتراها تُزيّن خنوعها بالدبلوماسية و الإنفتاح الإقتصادي لصالح من؟ بعد أن إستنفذ الغرب وسائله الحربية و السياسية مع سوريا، يأتي الآن ليمثل دور الداعم لسوريا ببناء دولة ديمقراطية إقتصادية تخدم سيادته و تسيّده على العالم من خلال إستعمار موارد سوريا و إستغلال موقعها الجغرافي و إستعباد شعب المنطقة بكامله من خلال بعض الرخاء المادي و الرفاهية. ما هي العبودية؟ العبودية هي تسويق للجهل و إشباع الكروش من أجل تعطيل الدستور و إنسانية العقول. ما هو الحل؟
و للبحث عن الحل لا بد التمعن بالتغيرات الجيو سياسية التي بدأت في الحقيقة منذ الستينيات و أخذت تتبلور أكثر و أكثر في الثمانينيات: ففي  عام 1974، تم توقيع اتفاقية اقتصادية بين وزير الخارجية الأميركي هنري كيسينجر والملك فيصل السعودي مدتها 50 عاما، و التي نصت على أن الدول المنتجة للنفط عليها أن تلتزم ببيع البترول للعالم بالعملة الأمريكية، أي بالدولار، اعتبارا من ذلك التاريخ. و فرضت على السعودية إستثمار فائض مبيعات نفطها في سندات الحكومة الأميركية. إن هذه الآلية من ناحية سمحت للدولة الأميركية بمواجهة الأزمة التضخمية التي كانت تعاني منها، ومن ناحية أخرى قلّصت إستقلال دول العالم و أولهم السعودية، التي وافقت على هذه التبعية مقابل أرباحاً مادية، فضلاً عن الدعم العسكري الأميركي و بيع الأسلحة الأمريكية للسعودية بدون قيود…و بذلك وُلد نظام البترودولار، الذي ضمن للولايات المتحدة استقرار العملة الأمريكية و ممارسة السيطرة على ديناميكيات سوق النفط و الحد من القوة الشرائية للدولار، مما جعل الاقتصاد الأمريكي أكثر إزدهاراً. ومن ناحية أخرى، أدى هذا المسار الاقتصادي الجديد إلى إخضاع العديد من البلدان التي كانت تستورد النفط الخام من شبه الجزيرة العربية للاعتماد بشكل كبير على الولايات المتحدة ونظامها الاقتصادي والمالي. لقد أحدث النفط تغييراً في التوازن الجيوسياسي على المستوى الدولي، إذا أتاح للدول التي استفادت على الفور من سوق النفط الفرصة لتطوير اقتصادها وسلسلة إنتاجها بأكملها. بينما الدول التي لم تستطع إرضاء هذا النظام الإقتصادي الجديد بقيت غير قادرة على التقدم و التطور. لكن في ثمانينيات القرن العشرين، شهد الدولار انخفاضاً في قدرته الشرائية بنحو 60% من قيمته، و في عام 2011 شهدنا أول حلقة مهمة أدت بالفعل إلى تقويض الهيمنة الأميركية على صناعة النفط الإيرانية مع افتتاح بورصة في منطقة التجارة الحرة في جزر كيش الإيرانية، من أجل تبادل النفط الخام بعملات أخرى غير الدولار الأمريكي، مثل الروبل، الين والعملة المحلية الإيرانية، وكذلك اليورو، وتبع ذلك في عام  2012 الصين التي إفتتحت بورصة أخرى حيث يتم التداول بشكل رئيسي مع روسيا من خلال استخدام الرنمينبي الصيني. هذه المتغيرات تدل على محاولة إزالة الدولرة من السوق الدولية للذهب الأسود، و لا سيما بعد إتفاق شركة البترول و الطاقة الوطنية الصينية،  مع غازبروم الروسية للتفاوض على تجارة الغاز الطبيعي بين البلدين بالعملة المحلية الخاصة بهما، أي الروبل و الين. علامة أخرى على عدم الاستقرار الحالي في نظام الدولار ظهرت في عام 2022 عندما رفضت السلطات الأمريكية طلب السعودية، في أعقاب بدء الغزو الروسي الأوكراني في فبراير 2022 بزيادة كميات إنتاج النفط الخام، من أجل إنهيار الأسواق و تدمير الموارد المالية الروسية. بالإضافة آمريكا اليوم لم تعد مستوردة للنفط الخام بل مصدرة فهي تعمل على خلق تعاقدات جديدة، و بعد مرور خمسون عام، و مع نهاية إتفاق البترودولار بين الولايات المتحدة و السعودية و بالتحديد في 08/06/2024 رفضت السعودية الإنضمام إلى الوفاق الجديد الذي إقترحته آمريكا. القراءة النهائية للديناميكيات الجيوسياسية الجديدة تبدأ مع ظهور مجموعة البريكس في 2009، ثم في عام 2024 مجموعة البريكس + مع الأخذ في الاعتبار الصراعات الحالية في مفتاح جيوسياسي متذبذب، من غير الممكن أن نقول على وجه اليقين ما يمكن أن يحدث إذا انهار الدولار أو حل محله ببساطة أسواق وأنظمة دفع أخرى، و لا سيما الظهور التدريجي للعملة الرقمية يوفر حدودًا جديدة للتبادل. إن الفرضية المشتركة التي يمكننا أن نخرج بها هي أن احتياطيات الأسواق وحسابات الدولار سوف تعاني من انخفاض القيمة و هذا من شأنه أن يضع في أزمة ليس فقط الولايات المتحدة، بل وأيضاً كل تلك الاقتصادات التي استندت في نشاطها الخارجي على الدولار و إقتصادها غير قادر على مواجهة العولمة الإقتصاديه المتنامية. إحتمال إنهيار الدولار قد يكون بمثابة كارثة حقيقية. لذلك نرى دول الخليج و على رأسهم السعودية، مزعورين من كل ما يجري و جرى داخل بلادهم و خارجها، و بالتحديد، منذ عام 2011, جميعهم يبحثون عن تنويع الإقتصاد و التحالفات: هناك من تربطه مصالح مع إيران و آمريكا، فمّول الإخوان المسلمين مثل قطر التي إستضافت القرضاوي و منحته حق الإقامة فوق أراضيها، و بذلك تكون قد شذّت عن قواعد مجلس التعاون الخليجي، الذي أسسته السعودية برعاية أمريكية، و قطر نفسها كانت من إحدى مؤسيسه، و كان الهدف منه خلق دولاب إقتصادي قادر على مواجهة إيران المهيمنة في الخليج و مضيق هرمز، بالإضافة لقربها السياسي من روسيا…إلا أن سياسة قطر الغامضة إستفزت السعودية و أبو ظبي بسبب دعمها للثورات في البلدان التي لها مصلحة في توسيع علاقاتها الاقتصادية و المالية من خلال المساهمة في سوريا، و في بلدان شمال أفريقيا بدعم إخوان المسلمين، وفي الوقت نفسه للحفاظ على التوازن في شبه الجزيرة العربية، فقد دعمت قطر حكومة البحرين من خلال المساهمة بقوات قطرية لمواجهة الإنتفاضة التي قام بها المجتمع البحريني و الذي غالبيته شيعية رغم علاقاتها الجيدة مع إيران. لقد إستثمرت قطر في الربيع العربي، لغاية واحدة هي تقوية نفوذها في الساحة الإقليمية و الدولية و لإفهام السعودية بأنها قادرة على لعب دور نافذ في المنطقة رغم صغر حجمها، بينما السعودية
إستثمرت في تمويل حركات قمعية، و مساندتها لحلف الناتو في حروبه على المنطقة، و لا ننسى إستخدام السعودية منذ البداية للقوة الوهابية، و تمويلها للسنّة الوهابية من خلال بناء المساجد ومراكز الدعوة والمدارس الدينية وغيرها، وتدريس العقيدة الإسلامية الصارمة، و بذلك نجحت السعودية بقوة المال في ممارسة الهيمنة على العالم العربي الإسلامي حتى خارج حدود شبه الجزيرة العربية، فأصبحت مركز جذب للمسلمين الراغبين في دولة إسلامية موحدة. وهابية لم تعد مناسبة في شكلها مع التغيرات الجيوسياسية، و كوسيلة لبسط النفوذ إستنفذت مفعولها، على الأقل داخل السعودية، و لا سيما بعد وصول محمد بن سلمان لسُدّة الحكم، و إطلاقه مشروع رؤية 2030 الذي يهدف إلى تنويع الاقتصاد السعودي في قطاعات مختلفة بمشاركة فاعلة من المرأة أيضاً وحضور قوي للمستثمرين الدوليين، و دعم جميع المشاريع و المراحل التي ستسمح للسعودية بقيادة ليس فقط محلية و عربية و إنما أيضاً عالمية، من خلال دعم الدولة السعودية على تقوية المشهد الاقتصادي المالي العالمي بأكمله. و بالعودة لسؤالنا ما الحل بالنسبة لسوريا، فأنه من الضروري أن تعود إلى جذر مشاكلها و تتفهم جميع هذا المسار الجيوسياسي للمنطقة، و تراجع دور مصر القيادي الذي تتصدره اليوم دول الخليج و السعودية، بالإضافة لمسار العلاقات بين القوى الكبرى و أباطرة المال و زعماء إقتصاد الرأسمالية الليبيرالية… وعلى ضوء كل ذلك يمكن ربط جذر المشكلة السورية بالحاضر، من أجل تشكيلحكومة حرة و العودة لصياغة دستور المؤتمر العام السوري لعام 1920 و إبرام عقود مع إجادة إبرام تحالفات إقتصادية واعية و ذات سيادة و إستقلالية في القرار مع القوى الدولية مباشرة و شركاتها، و التعامل بمنطق التاجر الحكيم و الحذق مع السعودية و قطر و الإمارات، من أجل إعادة بناء إقتصاد سورية ليس فقط كوسيلة للإزدهار المادي و إنما كوسيلة لخلق سيادة سياسية قادرة على منح الدولة القدرة الكافية بالحفاظ على وجود سوريا كقوة فاعلة و ليس مفعول بها، و لا يقل أهمية العمل على حفظ التراث و الهوية الحضارية و التاريخية لبلاد الشام، لعّل هذا يمنح فرصة لهذه الأمة، و لو على المدى المتوسط و البعيد، بإستعادة ذاتها و الخروج بأقل الأضرار من هذا المحيط الهائج الذي يحيط بها.
#سفيربرس ـ روما ـ بقلم : د. سناء الشامي
إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *