الحوار الوطني السوري: بين الأمس واليوم. بقلم : محمود أحمد الجدوع
#سفيربرس

تُعتبر الأزمة السورية واحدة من أبرز التحديات التي شهدها العالم في القرن الحادي والعشرين، حيث أدت إلى تفكك المجتمع وتدمير البنية التحتية، بالإضافة إلى التحولات السياسية والاجتماعية العميقة. منذ بداية النزاع في عام 2011، ظهرت العديد من المبادرات الحوارية الرامية إلى إنهاء العنف وإيجاد حل سلمي للأزمة لكنها مع الآسف لم تصل إلى نتيجة مرضية لتاريخه.
معطيات الحوار الوطني السوري
في السنوات الأخيرة، شهدت سورية عدة جولات من الحوار الوطني، كان أبرزها مبادرة اللجنة الدستورية التي بدأت في عام 2019 تحت رعاية الأمم المتحدة. حيث ضمت اللجنة ممثلين عن الحكومة السورية، والمعارضة، وشرائح من المجتمع المدني، وكانت تهدف إلى صياغة دستور جديد للبلاد يقود إلى انتخابات حرة ونزيهة.
مجريات الحوار اليوم
يُعتبر الحوار الوطني الذي تقيمه الحكومة السورية الانتقالية في سورية بقيادة الرئيس الشرع الآن نقطة تحوّل مهمة في مسار الأزمة المستمرة منذ أكثر من عقد. وسوف تلعب هذه الحوارات دوراً حيوياً في تحديد مستقبل البلاد وخلق بيئة مستقرة تسهم في تحقيق المصالحة الوطنية.
أهمية الحوار الوطني المرتقب
1. “تعزيز المصالحة الوطنية”: يسعى الحوار الوطني إلى بناء جسور الثقة بين مختلف الفئات السورية، بما في ذلك المعارضة والموالين للحكومة، مما يمكن أن يؤدي إلى إنهاء حالة الانقسام والصراع.
مثال:”نجاح الحوار الوطني في رواندا”بعد الإبادة الجماعية عام 1994 ساعد في بناء الثقة بين الفئات المتنازعة وتحقيق المصالحة الوطنية.
2. “تأسيس عملية سياسية شاملة”: يُعد الحوار وسيلة لتفعيل العملية السياسية وإشراك كل الأطراف في اتخاذ القرار، مما يحقق تمثيلاً أوسع لكافة شرائح المجتمع السوري.
على قرار: “الاتفاق السياسي في ليبيا” الذي تم التوصل إليه بعد حوار طويل بين الأطراف المتنازعة ساهم في تأسيس حكومة توافقية.
3. “إيجاد حلول لمشكلات مُلحّة”: يسمح الحوار بطرح القضايا المهمة التي تواجه البلاد، مثل إعادة الإعمار، حقوق الإنسان، والمناطق المتأثرة بالصراع، مما يمهد الطريق لإيجاد حلول توافقية.
مثل: “الحوار الوطني في اليمن” تناول قضايا حقوق الإنسان وإعادة الإعمار بهدف تحقيق الاستقرار والتنمية.
4. “تعزيز الاستقرار والأمان”: يُساهم الحوار في تحقيق الاستقرار الأمني من خلال تقليل حدة التوترات وزيادة الثقة بين الأطراف المتنازعة، مما يمكن أن يؤدي إلى خفض مستويات العنف.
مثال: “تفاق السلام في كولومبيا ” بعد سنوات من الصراع المسلح ساهم في تحقيق الاستقرار وتقليل معدلات العنف.
5. “تحقيق تنمية مستدامة “: من خلال استعادة الاستقرار، يمكن للحكومة الانتقالية التركيز على مشاريع التنمية وإعادة الإعمار، مما يسهم في تحسين ظروف المعيشة والاقتصاد.
مثال: “جهود التنمية في البوسنة والهرسك” بعد اتفاق دايتون للسلام ساهمت في إعادة بناء البلاد وتحقيق التنمية المستدامة.
6. “استقطاب الدعم الدولي”: يُظهر الحوار التزام الحكومة الانتقالية بالسلم والاستقرار، مما يمكن أن يعزز من فرص الحصول على دعم دولي من الدول والمنظمات الإنسانية.
7. “تعزيز الهوية الوطنية”: يساعد الحوار في تأكيد الهوية الوطنية السورية المشتركة، مما يدعم التكاتف والتعاون بين السوريين لمواجهة التحديات المستقبلية.
وفي الختام
إن الحوار الوطني في هذه المرحلة يعد خطوة أساسية نحو بناء سوريا جديدة، وتحقيق تطلعات الشعب السوري في السلام والازدهار. كما يتطلب نجاح هذا الحوار تضافر الجهود من جميع الأطراف لضمان تحقيق نتائج ملموسة وفاعلة. وإن استمرار الجهود الدبلوماسية وتعزيز الدعم الإنساني قد يقودان إلى تغيير إيجابي من شأنه أن يمنح الأمل لشعب عانى طويلاً.
“حقظ الله سورية : تبنى الأوطان بالمحبة والتكاتف والإخاء “
قال تعالى: (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً) [آل عمران:103]
# رئيس التحرير : محمود أحمد الجدوع