كتبت د. سماهر الخطيب : في ظل صراع الدول الغربية في سوريا.. روسيا تؤكد على وحدة الأراضي السورية
#سفيربرس _ بيروت

احتضنت العاصمة التركية أنقرة الأسبوع الماضي لقاءً جمع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان بنظيره الروسي سيرغي لافروف، بهدف مناقشة آخر التطورات في سوريا، وأكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، إن تركيا وروسيا اتفقتا على إنهاء وجود التنظيمات والحركات الانفصالية في سوريا، وتمسكهما بوحدة أراضي سوريا.
وأضاف فيدان أنه ناقش مع نظيره الروسي، لافروف، آخر المستجدات في سوريا، حيث قال: “نتشارك وجهات النظر نفسها مع روسيا بشأن منع الحركات الانفصالية في سوريا.” وأكد على أنه “ليس من المقبول أن نغض الطرف عن المنظمات الإرهابية المتواجدة في سوريا، ونتوقع من الجميع احترام مخاوفنا الأمنية، وأن التسامح مع التنظيمات الإرهابية الموجودة في سوريا غير وارد”.
هذا وقد ردا فيدان على سؤال حول تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن سوريا وجبل الشيخ ومرتفعات الجولان المحتلة، أكد هاكان فيدان أن “تركيا تأمل أن يتمكن الفلسطينيون والإسرائيليون من إقامة دولهم الخاصة، حيث تعيش المنطقة بأسرها في سلام، دون أن يسعى أحد إلى التعدي على سيادة الآخر أو أراضيه أو ممتلكاته”. وأضاف أن “حكومة نتنياهو ومن يتبعون سياساتها يستغلون الأحداث الراهنة لتوسيع حدود إسرائيل. إن استمرار الاحتلال في سوريا ولبنان، ومحاولات الاستفزاز التدريجي للضفة الغربية لضمها وطرد الفلسطينيين من غزة، تمثل الخطط والجهود التي تسعى إسرائيل لتحقيقها”.
جاء هذا اللقاء بعد التقارب الملحوظ الذي حدث بين روسيا والحكومة السورية الانتقالية بعدما أجرى وفد روسي رفيع المستوى برئاسة نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، والمبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرينتيف، زيارة رسمية إلى العاصمة السورية دمشق واجتمعوا بالرئيس السوري، أحمد الشرع.
وسبق وأن أجرى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، اتصالا مع نظيره السوري، أحمد الشرع، وأشار البيان إلى أن بوتين تمنى للشرع النجاح في حل المهام التي تواجه القيادة الجديدة في سوريا. وذكر أن الاتصال تناول مشاورات شاملة حول الوضع الحالي في سوريا، وأن روسيا تدعم وحدة سوريا وسيادتها وسلامة أراضيها.
ويبدو أن التقارب التركي الروسي حول سوريا يأتي بالتزامن مع ما يشهد الجنوب السوري، حيث أعلنت فصائل مسلّحة في محافظة السويداء عن تشكيل مجلس عسكري، في خطوة قد تؤدي إلى تعقيد المشهد العسكري والسياسي المتشرذم في سوريا. يأتي ذلك في ظل فشل الحكومة السورية الجديدة في العاصمة دمشق في إقناع الجهات المسلّحة بالانضمام إلى الجيش الجديد التابع لوزارة الدفاع. وأثار هذا الإعلان جدلاً واسعاً، لكونه جاء بعد وقت قصير من تصريحات رئيس وزراء الاحتلال الصهيوني، بنيامين نتنياهو، والتي طالب فيها بإخلاء الجنوب السوري من أي قوات، وتعهّد بحماية الدروز في السويداء.
فيما يسعى نتنياهو إلى التغطية على هزائمه في قطاع غزة والضفة الغربية من خلال إحكام قبضته على جنوب لبنان وجنوب سوريا معاً، مدعومًا من الولايات المتحدة وإدارة الرئيس دونالد ترامب. ويبدو أن نتنياهو واثقٌ من أنه لن يجد من يردعه عسكرياً في الوقت الراهن على الأقل.
وتأتي هذه التحركات عقب تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، خلال كلمته في اجتماع مجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل في العاصمة البلجيكية بروكسل، حيث دعا إلى استهداف سوريا وتحويلها إلى “دولة فدرالية” تضم مناطق ذات حكم ذاتي. في أحدث تدخل من تل أبيب في الشأن الداخلي السوري، وزعم ساعر أنه خلال الأشهر الـ16 الماضية، أثبتت إسرائيل أنها “تشكل دعامة للقوة والاستقرار في الشرق الأوسط”، حيث عملت تل أبيب بدعم أمريكي على ابادة الجماعات الإرهابية في قطاع غزة، وشنت حربا دامية على حزب الله في لبنان، ووجهت ضربات جوية لليمن وسوريا”، حسب قوله.
ويبدو أن تضارب المصالح بين تركيا وامريكا وإسرائيل في سوريا كشف للإدارة السورية الجديدة مدى أهمية التواجد الروسي في الساحة لخلق حالة من التوازن بين هذه القوى، وهو ما دفع الإدارة للتصريح علناً عن وجود خطط وتفاهمات مع موسكو لإبقاء على قواعدهم في طرطوس وحميميم.
حيث أفاد موقع “بلومبيرغ” نقلا عن مصادر مطلعة بأنه من المرجح أن تحتفظ روسيا بوجود عسكري مخفض في سوريا، وسط حديث مكثف عن اقتراب موسكو من اتفاق مع الحكومة الجديدة يسمح لها بالاحتفاظ ببعض الموظفين والمعدات بالبلاد محققة بذلك هدفاً استراتيجياً. وبحسب المصادر التي نقل عنها الموقع الأميركي فإن روسيا “يمكن أن تساعد في القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية الذي ينشط شرق سوريا”.
وعلى ما يبدو أنه رغم الخلافات حول سوريا بين أنقرة وواشنطن، إلا أنهم متفقين تماماً على أن تواجد موسكو في البلاد سيضمن بشكل واضح خلق التوازن ومجابهة التحديات الأمنية في الفترة المقبلة في سوريا، وهو ما يتماشى مع سياسة الحكومة السورية الجديدة.
#سفيربرس _ بيروت_ بقلم : د. سماهر الخطيب