إعلان
إعلان

حدثتني شوارع دمشق( 1) و(2). د. سناء شامي

#سفيربرس

إعلان

حدثتني شوارع دمشق (1)

ما إن لامست الطيارة القطرية أرض مطار دمشق، حتى تعالت أصوات ركابها السوريين “بأغنية” على نغمة العراضة الشامية: بدنا ندوسك يا أسد، و الكل يردد بصوت عالي، و الجميع رافعون هواتفهم للتسجيل… سألت الراكب الذي بجانبي، ما الذي يحدث؟ ألم يرحل بشار منذ أكثر من شهرين؟ ما هذا الإستعراض الرخيص و بماذا ينفع الحاضر؟ وبينما ننزل على درج الطائرة، مدّ أحدهم هاتفه سائلاً إياي بتسجيل فيديو له بينما يهبط على درج الطائرة، و بينما أسجل له الفيديو المطلوب، أتفاجئ به، ما أن وصل على أرض المطار، حتى انبطح أرضاً ليُقبّلها بطريقة مصطنعة و رياء واضح، ربما من أجل عرض الفيديو على صفحته فيسبوك… طبعاً على متن الطائرة كان هناك ناس من جنسيات مختلفة، حزنت كثيراً من رؤية إبتسامة السخرية على وجوههم. لماذا يا ناس تستمرون بالتمثيل، لقد مثّلتم بأنكم تحبون الأسد، و كنتم ترفعون صور حافظ و بشار و ماهر معاً… و الآن تمثلون بأنكم تكرهونهم. هم ليسوا الدولة، الدولة مؤسسات، و أنتم بإزدواجيتكم الأخلاقية و إنبطاحكم جعلتم منهم المؤسسات بعينها، هم أشخاص جاؤوا ثم رحلوا، و سوريا عمرها أكثر من سبعة آلاف عام، دائماً بقيت رغم تعدد الحكام و الظالمين و العادلين و الطيبين و الأوغاد… جميعهم رحلوا و بقيت سوريا، و مسرحياتكم الجاهلة تُسيئ لعراقة هذا البلد و لشخصية السوري في العالم… دخلتُ سوريا دون أن أستأجر عراضة لتستقبلني على باب المطار، و دون أن أسجل فيديو لأستعرض به حنيناً سينمائياً رخيص الصياغة… سوريا زرتها خلال السلم و خلال الحرب، دون أن أُضخّم شوقي إليها، فأنا معتادة على إشتياقها حتى و أنا فيها…سوريا يبدأ اليوم رمضانها، لكن صومها عمره سنين عجاف، و ما زالت تنتظر الإفطار، إلا أن منافقينها ما زالو مصرّين على أن يسرقوا منها حتى الفتات…و ما قيمة الصوم فيك يا دمشق، و أنت وحدك من يناشد الرحمان. كل رمضان و سوريا و الشرفاء فيها بخير.

حدثتني شوارع دمشق 2

يؤسفني أن أقول بأن دمشق تعيش مخاض مريع: الفوضى و الوسخ في كل مكان، من فرض على البنوك بما فيهم البنك المركزي السوري أن لا يُصرّف للمواطنين أية عملة أجنبية ، فارضين على المواطن تصريف الدولار من المصطبات العامة التي إنتشرت في جميع الشوارع بفارق 32% بالمقارنة مع الصرف الحقيقي للدولار أو ما يوازيه من العملات الأجنبية: إنها عملية نصب و إحتيال، و لا أحد يستطيع السؤال لماذا توقفت البنوك عن العمل؟ من وزّع هؤلاء الناس في الشارع لتتاجر بالعملة على حساب المواطنين، و تعطل حركة التجارة و الإقتصاد؟ من يزود هؤلاء الباعة بالعملات الأجنبية و بالليرة السورية؟ و من أعطى القرار لبنوك سوريه بما فيهم المركزي بوقف عمليات الصرف و شراء و بيع العملات الأجنبية؟ جميع هذه الأعمال الغير القانونية، من أين تستمد شرعيتها؟ الكثير من المهاجرين السوريين يرسلون لأهلهم معونات في هذا الشهر الفضيل، الفقير الذي يستلم من إبنه المئة دولار و يذهب مضطراً لتصريفها على إحدى المصطبات التي تسرق منه فارقاً يتجاوز ال 350 ألف ليرة سوريه لكل 100 دولار، و هو فرق كبير جداً بالمقارنة مع ما يعانيه المواطن السوري من جهد نفسي و جسدي و وقوف لساعات طويلة في طابور مزدحم من أجل أن يسحب من الصرّافات الآلية 200 ألف ليرة سوريه فقط في الشهر الواحد، عندما كيلو القهوة يتجاوز سعرها المئة ألف ل.س!!! بالإضافة إلى مساواة سعر صرف اليورو و الدولار، و هذا وجدته في سوريا فقط. من وزّع آلات الصرف هذه و أوقف عمل البنوك الخاصة و العامة، لاغياً بذلك السوق “البيضاء” و السوق “السوداء” مستثمراً و مستغلاً فرق الصرف له وحده؟ و بأية قرار؟ و من أية جهة مصدر هذا القرار؟ و أين تذهب الأموال و الأرباح الهائلة المجموعة من الفقراء الذين ينتظرون بفارغ الصبر هذه المساعدات التي تأتيهم من أبنائهم في الخارج؟ في أكثر من شارع في دمشق، لفت نظري مرور بعض السيارات ذات الزجاج العازل لرؤية من بداخلها (المفيّمة) و بدون لوحة تحمل رقم السيارة كبقية السيارات التي تتجول شوارع العاصمة!!! من هؤولاء؟ و كيف يمكن لسيارة أن تتجول بدون لوحة تُثبت هويتها؟

عاد اليهود السوريين إلى سوريا و هذا خبر عادي و من حقهم العودة ما داموا سوريين، علماً إنهم خرجوا من سوريا بإرادتهم، و لكن الجميع يعلم بأن أغلبية اليهود في العالم مرتبطة بالمشروع الصهيوني، لماذا عادوا في هذا التوقيت؟ و لماذا بدأت الجزيرة تُطبل لأماكنهم الدينية في جوبر؟ و هل سيكون هناك دور لليهود السوريين في الحكومة القادمة؟ و أكرر هذا من حقهم كمواطنيين سوريين، و لكن ما العمل إذا كان إنتمائهم للمشروع الصهيوني الإمبريالي؟ بجميع الأحوال الإقتصاد النيوليبرالي، هو المسيطر في العالم و هذه طامة أخرى للوجود السوري ، الكل يعلم بأن الإقتصاد العالمي و مؤسساته و مؤسسات المال هي بيد الإمبريالية الصهيونية إن صح التعبير… أما الشرق الأوسط فهو منذ نشأته وليد الإستعمار، و جميع الحكومات العربية طالت أو قصرت مدة حكمها فدورها وظيفي، و الحكومات الإنتقالية ليست إلا سكة حديدة تمر عليها العربات الأخيرة لذات القطار… إلى أين ذاهبة سوريا في ظل جمر هذه التناقضات، و من سيتصدى لرياح إسرائيل التي تنفخ بشدة بإتجاه هذا الجمر؟ و السؤال الأهم لماذا ضجيج الطائفية بات أعلى من صوت العقل و الحق؟ لماذا لا تفهم جميع الأطياف السورية بأنهم محكومون بالعيش المشترك، و بخلاف ذلك فهم يهدون الفرصة لإسرائيل بتذويب وجودهم… إياكم أن تُصدّقوا بأن إسرائيل مهتمة بحماية أحد منكم، فالعرب الإسرائيلين ضمن إسرائيل نفسها، مغتصبون الحقوق، و يُعاملون كمواطنين درجة أخيرة. دمشق إلى أين يأخذونك؟

#سفيربرس _ بقلم : د. سناء شامي

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *