إعلان
إعلان

نساء بحوافر مدببة…بقلم : هدى زوين

#سفيربرس _ بيروت

إعلان

نساء بحوافر مدببة….
هدى زوين

كان الليل ينساب فوق المدينة مثل عباءة سوداء مرصعة بالنجوم، بينما تجمعت النساء في الساحة المهجورة. وجوههن التي أنهكها الزمن حملت آثار العصور، وكانت أقدامهن، أو ما تبقى منها، قد تحولت إلى حوافر مدببة، تنقر الأرض بحذر، كأنها تتلمس حقيقة وجودها الجديد.

لم يكن هذا التحول مفاجئًا، بل كان نتيجة تراكم قرونٍ من القهر، والقيود، والنظرات التي وسمتهن بالعجز والخضوع. واحدةً تلو الأخرى، بدأت أجسادهن تتغير. أصابعهن انكمشت، عظامهن تمددت، وأصبح الجلد الذي كان يومًا طريًا يتصلب كقشرة خشنة. شعرهن أخذ ينسدل بشكل غير مألوف، وكأن الريح القديمة تحيك له شكلًا جديدًا، تتخلله ظلالٌ من قصص النساء اللواتي عانين قبلهن.

كانت الآلام الأولى حارقة، كأن العظام تعيد ترتيب نفسها وفقًا لقانون غير مكتوب. شعرت إحداهن، وقد كانت تدعى ليلى، بأن عمودها الفقري يتمدد، كأن ظهرها يحمل ثقل أجيال كاملة، بينما أصوات النساء الأخريات تتعالى في مزيج من الدهشة والرعب. شعرت أخرى بأن نبضها صار أكثر بطئًا، كأن قلبها يتماشى مع إيقاع قديم، منسي.

لم يكن هذا التحول مجرد تغيير جسدي، بل كان بعثًا لأسطورة نُسيت عبر الزمن. قيل إن في الأزمنة السحيقة، وُجدت نساء أقوى من الطغيان، تردد صوتهن في الرياح، وكن يحكمن الجبال والوديان حتى خشيهن البشر، فقرروا طمس ذكراهن. لكن الأسطورة لم تمت، بل استيقظت من رماد الماضي.

كان الرجال في المدينة يتهامسون عن الأسطورة الجديدة: “نساء بحوافر مدببة!”، لكنهم لم يدركوا أنهن لم يعدن مجرد نساء، بل كيانات متحررة من قيد الإنسانية الزائفة. أرواحهن لم تعد تحلم بالخلاص، بل بالسير قدمًا، بترك أثرٍ لا يُمحى على الأرض التي رفضتهن.

مع كل ليلة، يزداد عددهن. يأتين من الحواري الضيقة، من المنازل المختنقة بالهمس والقمع، من الأزقة التي شهدت دموعًا صامتة وأحلامًا مقتولة. كانت المدينة تنظر إليهن بخوف، لكن لم يعد هناك مجال للخوف؛ فقد صار الزمن الآن ملكًا لهن.

حاول القادة الدينيون والمفكرون في المدينة تفسير الظاهرة، لكن الأسطورة كانت تتجسد أمامهم، لا تحتاج إلى تفسير. قيل إن كل امرأة تتغير تحمل في داخلها صوت آلاف النسوة اللاتي تعرضن للاضطهاد. لم يكن الأمر لعنة، بل عودة لطبيعة مسلوبة، حق مغتصب يستعاد.

وحين دقت الساعة منتصف الليل، وقفت إحداهن في قلب الساحة، رفعت رأسها إلى السماء وهمست: “نحن الأسطورة التي يقودها العصر الفاني، لكننا لن نفنى بعد اليوم.”ومن هنا يأتي السؤال
هل تعتقد أن القصة تحمل رسالة أمل، أم أنها مجرد تصوير لواقع مظلم يظل ثابتا؟ ولماذا؟.

#سفيربرس _ بيروت _ بقلم : هدى زوين 

كاتبة واعلامية

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *