إعلان
إعلان

 سفينة نوح من غير قائد.. بقلم : د. سناء شامي

#سفيربرس _ ايطاليا

إعلان
في أواخر ثمانينيات القرن العشرين، بدأ جيل جديد من الباحثين النقديين للغاية في إسرائيل في كتابة نوع من التاريخ يتحدى الوضع الراهن الإسرائيلي بشكل مباشر. ومن خلال إطلاق نقاش أكاديمي، كان هؤلاء المؤرخون يأملون في وضع حد للأساطير الصهيونية التي تروج لها التأريخية الإسرائيلية القياسية. وكان هؤلاء الباحثون، الذين ينتمي أغلبهم إلى جيل ما بعد عام 1967، عازمين على فضح الأخطاء التي إرتكبتها الدولة الإسرائيلية باسم الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني والمجتمع المدني الإسرائيلي. لقد أخذ هؤلاء المؤرخون “الجدد”، الذين شهدوا الآثار السلبية التي خلفتها حرب 1967 وحرب لبنان على المدنيين الفلسطينيين واللبنانيين الأبرياء، والتصور السلبي الذي أثارته ضد إسرائيل في أوساط المجتمع الدولي، على عاتقهم المهمة الشاقة المتمثلة في كتابة تاريخ “سليم” من شأنه أن يزيل الغموض عن الروايات التاريخية التقليدية لحرب 1948 ويقنع الإسرائيليين بإعادة تقييم أصولهم التاريخية. إن تلقي هؤلاء المؤرخين تعليمهم في أوروبا أدى إلى تأثرهم بالإتجاهات الغربية في البحث والمنهجية، والتي كانت أكثر إنتقاداً في نهجها من تلك التي تبنّاها زملاؤهم السابقون. وبتطبيق المنهجية الأكاديمية بنمطها الغربي، و بفضل الوثائق التي تمّ الكشف عنها حديثاً (معظمها من وزارة الخارجية الإسرائيلية)، أطلق هؤلاء المؤرخون “الجدد” عاصفة من الجدل حول إعادة تفسيرهم للأحداث المحيطة بتشكيل دولة إسرائيل. بدأ النقاش بين المؤرخين الجدد و بين أصحاب التفسير التقليدي الصهيوني “للتاريخ الإسرائيلي” مع نشر بعض الأعمال الرئيسية للمؤرخين الجدد (موريس، 1987؛ فلابان، 1987؛ شلايم، 1988؛ بابّي، 1988) بين عامي 1987 و1988). لقد مثّل المؤتمر الذي عقد في جامعة تل أبيب في إبريل/نيسان 1989 حول حرب 1948 الحلقة الأولى من هذا “الصدام الأكاديمي”، والذي أعقبه تبادل للآراء بين موريس والمؤرخ شبتاي تيفيث، مؤلف النص الكلاسيكي عن العلاقات بين الصهاينة والعرب الفلسطينيين ( تيفيث، 1985). نشر تيفيث سلسلة من المقالات في صحيفة هآرتس اليومية ومقالة أطول في مجلة كومينتري الشهرية الأمريكية (تيفيث، 1989)؛ أجاب موريس في أعمدة صحيفة هآرتس، ثم في تيكون (موريس، 1990). منذ تلك اللحظة، لم يتوقف النقاش، بل إن الأمر إمتد إلى نطاق أوسع من القضايا التاريخية و الدستورية، المتعلقة بفكرة الدولة اليهودية ذاتها.

 إن النقطة الأولى المثيرة للجدل تتعلق بالسياق العام للحرب والعلاقات بين الأطراف الرئيسية فيها، إي بين إسرائيل والدول العربية والبريطانيين. لقد شدّد التأريخ التقليدي على عزلة اليشوف، وهم سكان المستوطنة الصهيونية التي أقيمت قبل عام 1948، و الذين كانوا محاصرين بين السياسات المناهضة للصهيونية التي تنتهجها بريطانيا، و جبهة المواجهة العربية المصممة على تدمير دولة إسرائيل الناشئة. لقد تمّ التشكيك في هذه الصورة من خلال عمل بابّي وشلايم. وأكدّ الأول على أن السياسة البريطانية لم تكن في حد ذاتها معادية للدولة اليهودية، وكان الإنجليز مؤيدين إلى حد ما لفكرة “الأردن الأكبر”، التي من شأنها أن تسمح بولادة دولة يهودية وفي الوقت نفسه تتجنب تطور قوة فلسطينية مستقلة (بابّي، 1988). أما التقرير الثاني فقد أثار سلسلة من الشكوك بشأن تماسك الجبهة العربية، مسلطاً الضوء على الافتقار الكبير إلى استراتيجية مشتركة تجاه إسرائيل وإمكانية إجراء مفاوضات عربية إسرائيلية مباشرة بعد الحرب. إن العنصر الأكثر أهمية في إعادة بناء شلايم هو وجود تسوية ضمنية بين اليشوف والأردن؛ نوع من معاهدة عدم الاعتداء، وفي الواقع اتفاق لتقسيم فلسطين بين الدولة اليهودية والنظام الملكي الهاشمي (شلايم، 1988، 1990ج). وقد تعرض إعادة بناء شلايم وبابّي لإنتقادات تيفيث، الذي إعترض بشكل خاص على الفشل في أخذ الصورة الشاملة التي تشكل الخلفية لأحداث عام 1948 إخذاً بعين  الإعتبار تطور فكرة الدولة اليهودية في القيادة الصهيونية، وإطار المفاوضات التي أجريت مسبّقاً.

 لقد أصبح النقاش أكثر سخونة حول القضية الكبرى الأخرى، ألا وهي أصول مشكلة اللاجئين الفلسطينيين. ومن هذا المنطلق، حددت عملية إعادة البناء التقليدية أصل مشكلة اللاجئين في موقف القيادة العربية. وعلى العكس من ذلك، حوّل موريس (1987، 1990، 1995، 2004) الإنتباه إلى ديناميكيات الصراع والخلفية التي شكلتها السنوات التي سبقت عام 1948؛ ومن بين الأسباب العديدة، يسلط موريس الضوء أيضاً على دور مختلف الأعمال العسكرية التي قامت بها الهاجاناه ـ ميليشيات مجموعات اليشوف وبعض المجاذر العنيفة التي قاموا بها، فضلاً عن التصور السائد في المؤسسة الصهيونية بأن تهجير العرب الفلسطينيين قد يشكل حلاً عملياً. مؤخراً، قد إنضم إلى دراسات موريس، المساهمة  التي قدمها بابيّه، في أعقاب التفسيرات التي قام بها المؤرخون العرب  (من نزال، 1978، إلى مصالحة، 2001).  و في كتابه “التطهير العرقي في فلسطين” تناول بابيّ هذه المشكلة على وجه التحديد، معطياً أهمية حاسمة لأوامر عسكرية محددة، كان من شأنها أن تشكل خطة حقيقية لطرد العرب. إن النقد والتنافر متأصلان في اليهودية والصهيونية على حد سواء. منذ تشكيلها الأيديولوجي في القرن التاسع عشر، كان للصهيونية منتقدون ومؤيدون. لم تكن في أي وقت من الأوقات طوال تاريخها الذي يزيد عن مائة عام أيديولوجية متجانسة. إبتداءً من أواخر القرن التاسع عشر وحتى فترة قيام الدولة، إستضافت إسرائيل باستمرار مجموعات لم تكن متوافقة مع روحها الصهيونية. إن العداء بين ديفيد بن غوريون وزئيف جابوتنسكي بإعتبارهما خصمين سياسيين وأيديولوجيين مشهورين، بالإضافة لمجموعات أقل شهرة تعمل لأجل الصهيونية السياسية والثقافية والتي دعمت بصوتها، مهما كان صغيراً، للتطور الإيديولوجي للصهيونية و لولادة دولة إسرائيل. إن إستعداد المؤرخين “الجدد” للنظر في كلا جانبي الرواية التاريخية، العربي والإسرائيلي، سمح بتقديم تمثيل أدق للأحداث المحيطة بحرب عام ١٩٤٨. و كما ذكرت سابقاً، إن أحد العوامل الرئيسية التي أدت إلى هذه المنهجية التاريخية الجديدة، كان رفع السرية التامة عن الوثائق الإسرائيلية المتعلقة بالحرب بين الطرفين الفلسطيني و الإسرائيلي.

بالنسبة للشعب الفلسطيني، كانت حرب 1948 بمثابة نكبة ذات أبعاد ملحمية. وبعد الحرب، وجد الفلسطينيون أنفسهم يعيشون في أسوأ الظروف. لقد فقدوا كل ما كانوا يملكونه من ممتلكات وأراضي قبل الحرب. لقد كانوا تحت حكم قوى أجنبية (عربية وإسرائيلية) وأُجبروا على العيش في ظروف من الشقاء لا يمكن وصفها. لقد أدت حرب عام 1948 إلى تحريك عقود من الإنتهاكات السياسية والمدنية وإنتهاكات حقوق الإنسان التي إرتُكبت ضد الشعب الفلسطيني بشكل جماعي من قِبل الكيان المغتصب الإسرائيلي، و الدول الداعمة له. و في هذا الصدد يقول يعد مارتن بوبر أحد أهم الفلاسفة الأوروبيين في القرن الماضي. كان يهوديًا ذو توجه وجودي إاشتراكي، وكان يُعتبر الأب الروحي للدولة العبرية الجديدة، و كان في صدام مع الأيديولوجية الصهيونية لأنه زعم أن الشعب اليهودي في “الأرض الموعودة” لا ينبغي أن يؤدي إلى بناء دولة عرقية دينية مخصصة لليهود. وكان من المفترض أن يكون الوطن اليهودي مكانًا مفتوحًا للشعب الفلسطيني أيضًا. لن يتحقق التعايش السلمي بين اليهود والعرب أبدًا من خلال إنشاء دولة طائفية تجبر السكان الأصليين على التخلي عن أراضيهم. لقد زعم بوبر أن السلام لن يكون مضمونًا حتى من خلال تشكيل دولتين، واحدة يهودية وأخرى إسلامية، كما أوصت الأمم المتحدة للأسف في عام 1947. إن الطريق إلى السلام يكمن في علاقة اتحادية تعاونية بين الشعبين، على أساس المساواة، داخل هيكل سياسي موحد. ولتحقيق هذا الهدف، كان من الضروري أن يشعر اليهود الذين هاجروا إلى الأراضي الفلسطينية بأنهم ساميون بين الساميين، وليسوا ممثلين لثقافة مختلفة ومتفوقة، وفقاً لنماذج الاستعمار الأوروبي. ولكن مارتن بوبر، على الرغم من سلطته، لم يجد جمهوراً بين الزعماء الصهاينة. لقد أكد مناحيم بيجين وحاييم وايزمان وبن جوريون أن واجب اليهود هو إعادة البناء من الأساس وتحديث منطقة نصف مهجورة ومتخلفة. ينبغي للدولة اليهودية أن تستبعد أية علاقة، باستثناء العلاقة من النوع التابع والخاضع، مع السكان الأصليين. وباسم هذا المنطق الاستعماري بدأ التهجير القسري لأعداد كبيرة من الفلسطينيين في عام 1948 ـ ما لا يقل عن 700 ألف نسمة ـ وذلك بفضل الإرهاب الذي مارسته المنظمات الصهيونية مثل عصابة شتيرن وإرغون زواي لئومي، والتي اشتهرت بتدمير قرية دير ياسين وإبادة سكانها البالغ عددهم 300 نسمة. وهكذا بدأت ما يطلق عليه الآن المؤرخ الإسرائيلي الشهير إيلان بابّي “التطهير العرقي لعام 1948“.
وبحسب بابّي فإن التطهير العرقي الذي بدأ في مارس/آذار 1948 مع خطة داليت، لم يتوقف أبداً. إن الوضع الحالي يجعل الشعب الفلسطيني مشتتًا بالكامل، مضطهدًا، مهانًا، ومُجبرًا على البؤس، ومُعرضًا لعنف لا يرحم. في إسرائيل، أصبح التطهير العرقي أيديولوجية دولة، لأن العقيدة الصهيونية هي التي تفرضها. إذا كانت إسرائيل قد احتلت في نهاية عام 1948 جزءاً كبيراً من فلسطين الانتدابية، فإنها اليوم تحتلها 100% منها بعد أن غزت عسكرياً واستعمرت 22% من المساحة الضئيلة التي بقيت للفلسطينيين.
و رافق التطهير العرقي تدريجيا هدم آلاف المنازل، واقتحام هياكل حضرية كبرى للمنطقة العربية من القدس، واقتلاع مئات الآلاف من أشجار الزيتون والفواكه. وبالتوازي مع ذلك، استمر توسيع المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية ــ حيث يوجد الآن أكثر من 400 ألف مستوطن ــ وبناء العشرات من الطرق المخصصة للمستوطنين، ونهب احتياطيات المياه، وإقامة مئات من نقاط التفتيش (أكثر من 700)، وسجن أو “اغتيال” الزعماء السياسيين
.والسؤال الذي يجب أن نطرحه هو: ما الذي أدى إلى هذا الإنهيار الكامل للمجتمع الفلسطيني؟  يشير المؤرخ الفلسطيني وليد الخالدي إلى ثلاث سمات أساسية للانهيار: الضعف البنيوي للمؤسسات السياسية الفلسطينية، التشرذم الفصائلي للمجتمع والسياسة الفلسطينية، النقائص و التمزقات الخطيرة داخل القيادة الفلسطينية.

ويشير المؤرخون الإسرائيليون “الجدد” إلى جانب الباحثين الفلسطينيين، مثل وليد الخالدي وإدوارد سعيد، إلى الضعف المتأصل في نسيج المجتمع الفلسطيني بإعتباره أحد الأسباب الرئيسية لتفككه. ومهما كان الأمر، فإن فهم العوامل الإجتماعية والسياسية التي أدت إلى مثل هذا الإنهيار السريع، ينبغي أن يُدمج في التأريخ الإسرائيلي “الجديد” ويقارن به، هذا طبعاً، إن كان هناك أي أمل في إمكانية كتابة تاريخ عربي إسرائيلي متكامل بنجاح.

و بين الأمل و التساؤل، يحاول المفكرون و الباحثون أن يفهموا إذا ما زال بالإمكان بناء دولة فلسطينية؟
إن سؤالاً معقدّاً و صعباّ مثل هذا ليس بالهيّن الإجابة عليه، و لا سيما إذا إنطلقنا من إدارة شارون، التي فرضت حينها، “الحاجز الأمني” الذي حبس التجمعات الفلسطينية في الضفة الغربية في سجون مفتوحة، و بعده  تباهىت حكومة أولمرت-ليبرمان العنصرية بنفسها في ارتكاب مذبحة بحق النساء والأطفال، وخاصة في غزة، حيث أصبحت الظروف المعيشية لمليون ونصف المليون إنسان يائسة، كما أظهرت سارة روي مؤخراً في تحليل مرعب يتلخص في، أن فكرة تشكيل الدولة الفلسطينية لا يزال ممكناً اليوم كما يزعم إيلان بابي، هي وهم مثير للشفقة أو هو خدعة قاسية. إن آثار التطهير العرقي لا رجعة فيها: ولن تقوم دولة فلسطينية أبداً من أنقاض غزة والضفة الغربية. إن المنظور الوحيد، والذي ينطوي على إشكاليات كبيرة ولكن بدون بديل، هو منظور دولة إسرائيلية فلسطينية علمانية ومتساوية. ويجب علينا أن نفكر في تشكيل سياسي تعددي يتمتع في إطاره كل المجتمعات الفلسطينية، بما في ذلك “العرب الإسرائيليون” في الجليل واللاجئون المنتشرون الآن في لبنان وسوريا والأردن، بالسيادة الفيدرالية الكاملة. وتكتسب هذه الفكرة “البوبرية” أرضية راسخة بين المثقفين اليهود المستنيرين، وليس في إسرائيل فحسب. ويشارك في هذه الفكرة أيضًا باحثون مرموقون مثل جيف هالبر، وفيرجينيا تيلي، وسارة روي، ويبدو أنها تتطور بين السكان الفلسطينيين أيضًا. وعلى الرغم من كل الاعتراضات الممكنة والمحقة، فإنه لا ينبغي لأحد أن يتسرع في تجاهل المنظور الفيدرالي، ويستمر في تكرار عبارة “شعبان و دولتان”.  وعلى أية حال، فإن ما يبدو الآن مؤكداً، بعد فشل كل أنواع الاتفاقات، هو أن السلام لن يكون ممكناً طالما إستمر الإحتلال. إن الانسحاب الإسرائيلي غير المشروط من المناطق التي تمّ إحتلالها في عام 1967 هو وحده الكفيل بفتح الطريق أمام مفاوضات يُمكن لها تؤتي ثمارها. إن انتهاء “التطهير العرقي” هو الشرط الأول لفتح طريق السلام. وهذا هو الشرط أيضاً بالنسبة لليهود الذين يعيشون في إسرائيل اليوم حتى يكون لهم الحق في مطالبة الفلسطينيين والعالم العربي والإسلامي بالقبول كجزء لا يتجزأ من الشرق الأوسط. و لكن لإجبار الزعماء الصهاينة على اتخاذ هذه الخطوة الحاسمة، فإن الأمر يتطلب تعبئة دولية قوية. وينبغي أن تُطبق على إسرائيل نفس الإجراءات التي إتُخذت ضد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. ويجب أن يبدأ هذا بإرسال فرق كبيرة من المراقبين الدوليين إلى غزة والضفة الغربية، وينبغي أن يتبع ذلك إتخاذ تدابير صارمة مثل حظر الأسلحة والعقوبات الإقتصادية ومقاطعة كل أشكال التعاون، بما في ذلك التعاون الأكاديمي والعلمي. وينبغي أن تأتي المبادرة من الدول العربية المطلة على البحر الأبيض المتوسط ​​وأوروبا، وينبغي أن تشمل القوى الإقليمية الناشئة الكبرى، بدءاً من الصين وجنوب أفريقيا والبرازيل. وحتى القوى الأبعد جغرافياً، لا يمكنها أن تفشل في فهم، كما كتب إيلان بابّي، أننا جميعاً على متن نفس السفينة، لكن من دون قائد.

 

#سفيربرس _ بقلم : د. سناء شامي _ ايطاليا

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *