ما بين ملوحة البحر وصفاء السماء… كانت البداية.. بقلم : هدى زوين

في كل صباح، أفتح نافذتي لأستنشق شيئًا من الأمل، شيئًا يشبه البحر في امتداده، والسماء في عمقها. أعيش بين الأفقين، أتنقل بين أجواء احترافية تملؤها التحديات، ما بين البحر الذي يمثل فيض المشاعر والانغماس في التفاصيل، والسماء التي تمثل الطموح والعلو والسعي الدائم نحو القمم.

هناك، في قلب هذه الرحلة، أجد الطيف، ذلك الطيف الذي ينسكب من شمسٍ لا تعرف الغياب. أمد يدي إليه، لا لأقبض عليه، بل لأتعلّم منه: كيف يُشرق بعد كل ليل، وكيف يمنح الدفء دون أن يطلب شيئًا. أستلهم من الشمس طاقتي، وأستعين بقدرةٍ إلهية ترافقني في كل خطوة، لأنني أدرك أن لا شيء يكتمل إلا بعون من الخالق، فهو من يفتح لنا أبوابًا لم نحسب لها حسابًا، وهو من يضع في قلوبنا إلهامًا حين تضيق بنا السُبل.

رحلتي ليست رحلة عابرة، وليست مجرد تنقل بين المهن أو المسارات. إنها رحلة وعي، ونضج، وتشكّل داخلي. أتعلّم كل يوم أن الأحلام لا تولد جاهزة، بل تُصنع في مساحات الصبر، وتُروى من ماء التجارب، وتُحصَد حين نؤمن أننا نستحق أن نحيا الحياة التي نحلم بها.

نحن لا نعيش لنكرّر ما مضى، بل لنفكر فيما هو أفضل. نعيد ترتيب الأولويات، ونعيد صياغة المفاهيم، ونبحث عن التوازن ما بين العمل والروح، بين النجاح الخارجي والرضا الداخلي. نضع عناوين جديدة لحياتنا، لا تقتصر على الإنجاز المهني، بل تشمل أيضًا علاقاتنا، وراحتنا النفسية، وسلامنا الداخلي.

وقد نخطئ، ونسقط، ونتوه أحيانًا، لكن ذلك لا يعيب الرحلة. بل يمنحها معناها. فما قيمة الوصول إن لم نمرّ بمحطات تعلمنا الصبر، وتختبر صدق نوايانا؟ ما جدوى النجاح إن لم يصاحبه نضوجٌ داخلي يجعلنا أكثر وعيًا، أكثر رحمة، وأكثر حضورًا في لحظاتنا؟

وبين البحر والسماء، أتأمل ما فات، وأرسم ما هو آت. أعرف أن الطريق طويل، لكنني أيضًا أعلم أن في داخلي من الإصرار ما يكفي لأمضي، ومن الإيمان ما يكفي لأنتظر، ومن الحب ما يكفي لأضيء للآخرين طريقهم وهم يفتشون عن ذواتهم.

قد أكون واحدة من بين ملايين، لكن لي طيفي الخاص، ورحلتي الخاصة، ورسالة أحملها في قلبي. فكلما تعثرت، نظرت إلى الأفق، واستعدت توازني. لأنني ببساطة، خلقت لأكون في حركة، في بحث، في طموح لا يعرف المستحيل.

#سفيربرس _بيروت _بقلم :هدى زوين 

كاتبة وإعلامية