إعلان
إعلان

الهدوء لا يعني السكون بل صفاء الرؤية. محمود درويش

#سفيربرس _ هبة الله دهمان_فيينا

إعلان

فنّ التمهّل: عيشٌ بوعي

في زمنٍ يتسابق فيه كل شيء: الأيام، الأحداث، العلاقات وحتى المشاعر، شعرتُ أنني بدأت أفقد نفسي شيئًا فشيئًا.

كنت أركض طوال الوقت، أتنقّل بين المهام وكأنني أخوض سباقًا لا نهاية له سباقًا لا يُعلَن فيه الفائز بل يُستنزف فيه الجميع.

عند نقطة ما توقّفت لم أعد أرغب في أن أكون ضمن هذا الزحام لا لأنني ضعيفة بل لأنني كنت أبحث عن طريقة أذكى للعيش

كنت أريد أن أتنفّس… أن أعيش بوعي.

 

فاخترت طريقًا مختلفًا: العيش البطيء.

العيش البطيء لا يعني الكسل أو الانعزال عن الحياة بل هو عيشٌ واعٍ حقيقي، يُعطي كل لحظة حقّها ويمنحنا فرصة لفهم أنفسنا والعالم من حولنا.

بدأت أنظر في تفاصيل كنت أعتبرها يومًا عادية أو مكرّرة: فنجان القهوة، نبتة زرعتها، خطوات المشي في الشارع، صوت العصافير في الصباح، دفء ضحكة من أحبّهم… كل ذلك أصبح له معنى جديد، أعمق وأصدق.

بتّ أتناول طعامي على مهل، أستمتع بنكهته، وأقدّر الوقت الذي صُنع فيه.

أصبحت أمضي وقتًا حقيقيًا مع أسرتي، لا مجرّد تواجد جسدي، بل إنصات وتفاعل ودفء.

خفت وتيرة تفاعلي مع وسائل التواصل، وصرت أنتقي ما أستهلكه بعناية، فلا شيء يستحق أن يسرق مني انتباهي بالكامل.

 

في خضم هذا التمهّل، أدركت أن الإنجاز لا يُقاس بعدد المهمات المنجزة في اليوم بل بجودة حضورنا ونحن ننجزها.

أن النجاح لا يعني اللهاث المستمر، بل يعني التوازن والسلام الداخلي والنظر إلى الحياة بعين هادئة ترى الجمال لا الضجيج.

العيش البطيء جعلني أعود إلى ذاتي، جعلني أصغي إلى قلبي لا فقط إلى منبّه الهاتف وأفكّر بما أحتاجه فعلاً، لا بما يُفترض أن أفعله.

فهمت أنني حين أبطّئ أُعيد ترتيب عالمي الداخلي وأمنح نفسي فرصة لأكون، لا فقط لأُنجز.

نعم

نحن نكبر مع الوقت ولكن لا ينضج الجميع. النضج الحقيقي هو أن نعرف متى نبطئ، متى نرتاح ومتى نختار لأنفسنا الحياة التي تشبهنا لا تلك التي فُرضت علينا بصخب الخارج.

 

لهذا كلّه، اخترت التمهّل….

اخترت أن أعيش بعين يقظة، وقلب ممتن، وروح حاضرة.

أن أكون شاهدة على لحظاتي، لا أن تمرّ من دون أن أشعر بها.

أن أعيش الحياة… لا أن أُستهلك في دورانها.

 

#سفيربرس _ بقلم: هبة الله دهمان_فيينا

 

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *