أندريه سانتوس سفير البرازيل في دمشق: العقوبات على سوريا تعيق تطوير العلاقات التجارية بين البلدين
#سفير برس- سعاد زاهر

ما يزال طريق دمشق- البرازيل سالكاً، وبقي مفتوحاً حتى في أعتى الأوقات وأصعبها، ليلتها كان قد مضى على دمشق بضعة أشهر وهي تتلمس طريقها نحو أفق جديد، لايزال يشتكي فيه السوريون من صعوبات لطالما عاشتها البلدات التي عاصرت تغير حالها.
بابتسامة مشرقة، وقامة مهيبة استقبلنا سفير البرازيل “أندريه سانتوس” في مبنى السفارة الكائنة في دمشق، وتناول اللقاء قضايا تتعلق بعلاقة البلدين وكيفية تطويرها خاصة في الجانبين الاقتصادي والتجاري.
• كيف ترى وضع العلاقات السورية- البرازيلية حالياً ؟
لقد حافظت البرازيل على العلقات الدبلوماسية مع سوريا في مختلف الظروف، وهي حريصة اليوم على هذه العلاقات بمقدار حرصها عليها في السابق، وانا مع نهاية مرحلة عملي الدبلوماسية، فإن البرازيل مستعدة لإرسال سفير كي يحل مكاني، ويتابع تطوير العلاقات بيد البلدين، خاصة مع هذه التغيرات التي تعيشها سوريا، وبالطبع سوف تكون صلاحية السفير كاملة، وهو دليل على العلاقة الوثيقة بين الحكومة البرازيلية والشعب السوري.
• العام الماضي بلغ التبادل التجاري بين البرازيل وسوريا (31.6) مليون دولار حتى شهر تموز الماضي، بارتفاع نسبته 276% مقارنة مع العام الذي قبله، ماهي نسب التبادل التجاري هذا العام؟
عندما نتحدث عن التجارة، يفترض معالجة شروط صعبة تمر بها سوريا، وهي العقوبات الاقتصادية المفروضة من قبل الولايات المتحدة الأميركية، والاتحاد الأوربي.
يتضمن الحديث عن الجانب التجاري والاقتصادي مع سوريا، التعاطي مع تجار ومستثمرين، وباعتبار سوريا تحت العقوبات فإن هذا الأمر يخيفهم، خاصة وأن التجارة العادية صعبة، فكيف بالاستثمارات الكبيرة التي يخشى أصحابها أن تطالهم العقوبات.
لكن هناك سبل لتجاوز هذه العقوبات وعشنا هذه الحالة مع العديد من الدول التي عانت من العقوبات لفترات طويلة مثل الصين، وكوبا، وفنزويلا وروسيا.
لا شك ان هذه الدول تحايلت على الصعوبات المفروضة عليها، ولم تخضع لها، فتأقلمت مع واقعها، واشتغلت بإمكانياتها الداخلية، دون أن تنتظر رفع العقوبات، فسواء حدث الأمر أو لم يحدث، تستمر البلد بالاشتغال ضمن منظورها وامكانياتها دون انتظار حل سحري من الأمريكان، أو الأوربيين، مع أننا كبلدان صديقة لسوريا ندافع عن موقفنا القائل.. بضرورة أن ترفع تلك الدول العقوبات، ولا سيما أن العقوبات الحالية تضر الشعب السوري، وتعيق تطويره ونهضة بلده.
• البرازيل موجودة ضمن مجموعة البريكس التي تضم تسع دول، هل بالإمكان دعوة سوريا؟
الفكرة الأساسية في البريكس أنها بديل لنظام اقتصادي – سياسي تتوافق عليه مجموعة من الدول، للوقوف بوجه واقع اقتصادي أحادي.
بوجود مجموعة من الدول متساوية بغض النظر عن حجمها وعدد سكانها وقوتها العسكرية، بالتالي يفترض أن تكون سورية منضمة إلى البريكس، لكن يجب أن نكون واقعيين، هناك واجبات من الهام القيام بها قبل الاستفادة من العضوية، مثل الاستقرار السياسي، وحماية الشعب السوري وتوحيده.
أؤمن أن الحكومة الجديدة يجب أن تقوم بما هو ضروري لأن تكون سوريا عضواً في البريكس، الأمر الذي من شأنه أن يعود بالنفع على جميع الأعضاء.
• بلاد السامبا، تشتهر بكتابها مثل جورج أمادوا، باولو كويلو…. ماهي خصوصية الثقافة البرازيلية خاصة في خضم عالمنا التكنولوجي المعاصر؟
الذكاء الاصطناعي، ظاهرة مثيرة للاهتمام لها تأثير كبير، خاصة على الثقافة، لكن كيف تؤثر…؟ أعتقد اننا نحتاج إلى سنوات حتى نفهم بالعمق كيف تؤثر التكنولوجيا على الثقافة البرازيلية.
لكن فيما يتعلق بالأطفال الذين يتربون ضمن هذه الأجواء بالتأكيد يحتاجون لانتباه كبير، لأنهم يعبرون عن أنفسهم من خلال تلك الشاشات الإلكترونية والأزرار غير آبهين بالتعلم عبر القلم والورقة، وكلنا ندرك أهمية الكتابة لتطور الطفل وتفاعله مع عالم الثقافة الأعمق.
حاليا نحتاج إلى بعض الوقت كي نعرف كيف ستؤثر التكنولوجيا على مجتمعاتنا وثقافتنا، والأهم كيف ستؤثر على جيل كامل.
• ما هو الهدف من التأشيرة الإنسانية التي تعطيها البرازيل لبعض الدول؟
تمنح البرازيل التأشيرة الإنسانية للكثير من دول العالم، هي نوع من التأشيرات التي تقدم للأفراد القادمين من دول تعاني من نزاعات مسلحة أو كوارث طبيعية، وهي تهدف إلى توفير الحماية والمساعدة للأشخاص الذين في حاجة ماسة إليها.
بالتالي البرازيل تضم حالياً مهاجرين من مختلف الدول، من اليابان، افريقيا، لبنان، سورية، قدموا إلى البرازيل بطرق عديدة من بينها التأشيرة الإنسانية، جميعهم يساهموا في بناء المجتمع البرازيلي، ونحن دائما نتبنى طريقة لتكريم هذه المساهمات من خلال تزويدهم بمكان، يكون بمثابة وطن، وهم يقدرون انتماؤهم للبرازيل، إذا حدث وسألت أحد المهاجرين لن يقول لك: أنا اسباني- برازيلي أو افريقي برازيلي…سيقول: أنا برازيلي فقط.
هذه الحال فرضت بسبب الهجرة المتواترة على مجتمعات البرازيل، هؤلاء اندمجوا وأصبحوا جزءاً من البلد دون ان ينسوا عاداتهم وتقاليدهم وهويتهم.
لذلك من الهام جداً، أن تتوحد الشعوب، وهذا الأمر ينطبق على سورية أن يتوحد الشعب ويتصرف على أساس أنه شعب واحد بحقوق متساوية، رغم الاختلافات وتنوع الانتماء، إلا أنهم من المفترض أن يكونوا جميعهم تحت كنف بلد موحدة.
• وماذا عن التأشيرة الإنسانية للسوريين؟
تتيح هذه التأشيرة للسوريين المقيمين في ظروف صعبة العيش في البرازيل بشكل قانوني. منذ عام (2017)، بدأت البرازيل بإصدار تأشيرة إنسانية للسوريين المقيمين خارج سوريا في دول مثل لبنان، الأردن، تركيا، ومصر…
الفكرة من وراء إصدار التأشيرة الإنسانية مساعدة من يمر بظروف صعبة بسبب النزاع أو الكوارث الطبيعية أو الحالات التي تجعل العائلات يخسروا بيوتهم أو وظائفهم وبالتالي معيشتهم…
كنا نعلم أن السوريين خارج سوريا يعانون، ولكن أيضا داخل سوريا وخلال الحكومة السابقة مثلاً في عام (2022) كان هناك معاناة حيث كان هناك نزاع مسلح في بعض المناطق مثل شمال شرق سوريا، وشمال غرب سوريا، ومشكلات في الجنوب السوري….
الكثير من الناس في ريف دمشق ومناطق أخرى كانوا يعانون من مشكلة النزوح، لذلك كان طلب السفارة البرازيلية بدمشق ان يكون لديها صلاحية إصدار التأشيرات الإنسانية.
رغم تحفظي على هذه النقاط، إلا انني طلبت صلاحية إصدارها من قبل السفارة في دمشق، مع العلم أنني لا أملك صلاحية إصدارها، حيث إن القسم القنصلي هو الذي يجمع الطلبات ويقدمها للحكومة البرازيلية، وفي حال تمت الموافقة على الطلب، تمنح السفارة بدمشق التأشيرة.
منذ حوالي شهر نستقبل طلبات التأشيرة الإنسانية، ويوجد حالات قبول ورفض، لا أعرف عدد المتقدمين لكن من الذي لاحظته أنه يتم منح الموافقة لحوالي 30% من الطلبات، بناء على الحالة الإنسانية.
• العلاقات بين السوريين والبرازيليين تعود إلى القرن التاسع عشر، وبالتالي هناك جاليه سورية كبيرة في البرازيل، كيف تجد ملامحها الثقافية والاقتصادية والاجتماعية…؟
تُعد الجالية السورية في البرازيل واحدة من أكبر وأقدم الجاليات حيث يعود تاريخ الهجرة السورية إلى البرازيل إلى أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. جاء العديد من السوريين بحثاً عن فرص اقتصادية وحياة أفضل، بينما زادت موجات الهجرة في العقود الأخيرة بسبب الأوضاع السياسية والاقتصادية في سوريا.
وقد اندمج المهاجرون الأوائل وابناؤهم اندماجاً كليّاً في المجتمع الجديد، ونجح منهم من نجح نجاحاً عظيماً وتبوّأ أعلى المناصب وحصل على أرفع الوظائف.
قسم كبير من الوافدين عملوا في التجارة بشكل أساسي، ولعل أكثر شيء مثير للإعجاب أننا بلد كبير ومع ذلك كانوا يتجولون من مدينة إلى أخرى وهم يروجون لمنتجاتهم، ويطورون مهنة بيع المنتجات بالتقسيط، ويمسكون بدفتر ملاحظاتهم لتدوين الأقساط، بين البائع والمشتري وتسجيل الدفعات.
وقد باعوا مختلف أنواع المنتجات من أقمشة وأدوات مطبخ، وأحذية …. وغالباً ما وجدوا طريقة ليتجولوا بين المدن ويبيعوا بضائعهم بالتقسيط خاصة في الأرياف حيث يعتمد المزارع على جني المحصول، فليس لديه حساب بنكي، أو راتب شهري.
في المكتبة الموجودة في ساحة الأمويين هناك أرشيف مهم، يحكي عن الأثر الجميل الذي تركه المهاجر السوري على أرض البرازيل.
• ماهي رسالتك للسوريين؟
لقد عانى الشعب السوري خلال (14) عاماً، لذلك نأمل أن تستقر سوريا بعد كل هذه المعاناة، جميعنا في مرحلة انتظار، ندرك أنها مرحلة صعبة مليئة بالعقبات خاصة الاقتصادية.
هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق سوريا والشعب السوري من أجل إعادة البناء، والاشتغال على السلم الأهلي، وبالطبع البرازيل تعتبر نفسها شريك مع الشعب السوري للنهوض بسوريا كما يرغب بها الشعب السوري.
#سفير برس- سعاد زاهر

