القمة العربية في بغداد 2025: فرصة لتعزيز التضامن العربي واستعادة الدور الإقليمي. بقلم : أ. د. هدى عباس قنبر
#سفيربرس _ بغداد

تُعد مؤتمرات القمة العربية من أبرز المحطات السياسية والدبلوماسية في تاريخ العمل العربي المشترك، وقد بدأت أولى هذه القمم عام 1946 القمة التي عقدت في جمهورية مصر العربية، تلتها عشرات القمم التي انعقدت في عواصم عربية متعددة، ناقشت خلالها الدول الأعضاء أهم القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية التي تواجه العالم العربي، من القضية الفلسطينية إلى الصراعات الإقليمية والتحديات الاقتصادية.
وعلى مر العقود ، توالت هذه القمم في مدن عربية مثل بيروت، والرياض، والخرطوم، والدوحة، وتونس، والجزائر، ومكة المكرمة ، ولكل منها خصوصيتها وسياقها السياسي وأولوياتها. وكان آخر هذه المؤتمرات القمة العربية الثانية والثلاثين التي عقدت في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية في 19مايو/أيار 2023، حيث شهدت حدثا بارزا تمثل في عودة الجمهورية العربية السورية إلى مقعدها في جامعة الدول العربية، بعد تعليق عضويتها لمدة 12 عاماً، كما ناقشت القمة ملفات حساسة تتعلق بالقضية الفلسطينية، والأزمة في السودان، والتدخلات الخارجية في الشؤون العربية والقمة العربية الثالثة والثلاثون التي عقدت في مدينة المنامة بمملكة البحرين في 16 مايو/ أيار 2024، والتي عُرفت بـ”إعلان البحرين وقد ركزت القمة بشكل أساس على تطورات الأوضاع في قطاع غزة، حيث دعا القادة العرب إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي، كما ناقشت الأزمات في سوريا، السودان، ليبيا، ولبنان، مؤكدًا على أهمية الحلول السياسية الشاملة للحفاظ على سيادة هذه الدول واستقرارها . والى ذلك الى جانب، شدد القادة العرب على أهمية التعاون العربي المشترك لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية، وتعزيز الحوار بين الأديان والثقافات لدعم السلم والاستقرار العالمي.
واليوم، تستعد العاصمة العراقية بغداد الحبيبة لاستضافة القمة العربية الرابعة والثلاثين في 17 مايو/أيار 2025، وسط تحولات إقليمية ودولية دقيقة، في حدث يراه كثيرون فرصة للعراق للعودة بقوة إلى دائرة التأثير العربي، واستعادة دوره المحوري في المنطقة. وتأتي هذه القمة بعد قمم ثلاث سابقة استضافتها بغداد، ولكن ما يميز قمة 2025 هو توقيتها، إذ تُعقد في ظل تصاعد التوترات الإقليمية، خصوصاً بعد العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة، وتعثر جهود المصالحة في عدد من الدول العربية كسوريا ولبنان، فضلاً عن التحديات الاقتصادية الضاغطة التي تعاني منها عدة عواصم عربية. وقد أعلنت الحكومة العراقية عن اكتمال كافة التحضيرات اللوجستية والفنية والأمنية لإنجاح القمة، حيث تعمل وزارة الخارجية وقيادة العمليات في بغداد على وضع خطة مرنة وشاملة تؤمن وفود الدول المشاركة، دون اللجوء إلى مظاهر مسلحة قد تؤثر على الوجه الحضاري للعاصمة. ومن المتوقع أن يشارك في القمة قادة وممثلون عن جميع الدول الأعضاء في الجامعة العربية، بما في ذلك السعودية، مصر، الإمارات، قطر، سوريا، لبنان، المغرب، الجزائر، وتونس. وستُناقش خلال القمة مجموعة من الملفات العاجلة، أبرزها الوضع في قطاع غزة، وآليات الدعم العربي للشعب الفلسطيني، وكذلك الأزمة السورية وسبل دعم عملية المصالحة الوطنية، والأوضاع في لبنان، فضلا إلى بحث فرص تعزيز التكامل الاقتصادي العربي، وتفعيل اتفاقيات التجارة والاستثمار المشترك، فضلاً عن مناقشة آليات التعاون الأمني في مواجهة الإرهاب والجريمة المنظمة.
وتمثل هذه القمة عرسًا عربيًا ولحظة سياسية فارقة للعراق، ليس فقط على مستوى استضافة حدث عربي كبير، بل أيضاً باعتبارها فرصة لإعادة تقديم العراق كدولة فاعلة ومؤثرة في محيطها العربي، قادرة على احتضان الحوارات وبناء الجسور بين العواصم المتباعدة. كما تأمل بغداد أن تنجح القمة في توحيد الموقف العربي إزاء القضايا المشتركة، وتقديم صورة إيجابية عن العراق الجديد، المتعافى من الحروب والانقسامات. وبينما تتجه أنظار الشارع العربي إلى بغداد، ويتطلع الجميع إلى أن تكون هذه القمة بداية جديدة للعمل العربي المشترك، ومقدمة لمرحلة أكثر استقراراً وتكاملاً على المستويات كافة.
#سفيربرس _ بغداد _ بقلم :أ. د. هدى عباس قنبر.
كلية العلوم الإسلامية – جامعة بغداد – بغداد – العراق