جائزة ناجي التكريتي للإبداع القصصي العالمية تُضيء شمعتها الثانية بحضور عربي ودولي مشهود
#سفيربرس _ ميرفت على _ سورية

في وقتٍ يحظى فيه الشعر بأطيافهِ المتنوعة بشعبية كبيرة، وبريادةٍ وتعبئةٍ جماهيرية تشهدُها الساحة الثقافية العراقية والعربية، حتى ليكاد العرب يقولون: (الشعر هو ديوان العرب)، تنبري جائزةٌ عراقية هي الوحيدة محلياً ـــ على حدِّ زعمي ــــ لتُعيد إلى السرديات والنثريات غير الشعرية اعتبارَها وسابقَ عهدها في الاستحواذ على شغف القارئ العربي، وتضعها تحت الضوء وفي مرمى الإشعاع الثقافي موضعَ القلب من الجسد.
إنها باختصار جائزة الدكتور (ناجي التكريتي) للإبداع القصصي في دورتيها الأولى والثانية، وقد انطلقت العام الماضي بقوة وبمضاء لتستقطبَ الأقلام الرصينة ولتصدِّر إلى المشهد الثقافي قصصاً وحكايا تليقُ بالقارئ العربي النخبوي، وتعزِّز لديه القناعة بقدرة هذا الفن التراثي المُغرق في القِدم على التجدد والانبعاث بحُللٍ عصرية وبنماذجَ إبداعية امتزجتْ فيها الأصالة بالمعاصرة، والصدق الفني بالصدق الواقعي.
بالأمس ــــ وأعني مساءَ يوم السبت الموافق 10/5/2025 ــــ شهدت قاعة قصر الثقافة والفنون في محافظة صلاح الدين إعلانَ أسماء الفائزين في النسخة الثانية للجائزة… الذي بدأهُ القارئ الشيخ (محمود عبد الله الصميدعي) بتلاوةٍ مباركة من القرآن الكريم، تلاهُ الترحُّم على روح (فرج ياسين)، وتدشين الحفل بالنشيد الوطني العراقي. ثم عُرضت محطات من السيرة الذاتية لراعي الجائزة، الفيلسوف والأديب والمفكر المتنوِّع (ناجي التكريتي) في فيلم وثائقي أبرزَ مكانته العلمية والأكاديمية والثقافية، وشغفهُ بالأجناس الأدبية وبالمشارب الفكرية المتنوعة، إذ كتبَ في الفلسفة وأنماط الأدب جميعها… ومنها أدب المذكِّرات الشخصية والسيرة الذاتية، وأدب الرحلات والشعر وغيرها كثير ، ما أثرى المكتبة العراقية والعربية بما تجاوزَ فعلياً مائةً وتسعين مجلداً!
وعملَ (التكريتي) مدِّرساً في مراحل التعليم جميعها، وأثبتَ موسوعيَّته وثراءهُ الفكري حتى في مجالات المسرح والنقد، فلهُ على سبيل المثال ـــــ لا الحصر ـــــ 22 رواية، و3 مجموعات قصصية، و8 دواوين شعرية… وما هذا سوى غيض من فيض عطائه.
وبالتعريف عن كُنه وجوهر ورسالة هذه الجائزة نقول: إنها تهتم بالإبداع الأدبي بحيث وصلت المشاركات في هذه الدورة إلى 734 مشاركة قصصية، شملت 24 دولة عربية وأجنبية، ومن هذه البلدان: السويد، أمريكا، فرنسا، وغيرها. ومن هنا اكتسبت الجائزة قيمةً مضافةً، وهي الشمولية والارتقاء إلى العالمية تعزيزاً لدور القصة القصيرة ومكانتها في قلوب الناس.
كلمة راعي الجائزة:
ألقى الدكتور (ناجي التكريتي) بوصفهِ مؤسساً للجائزة ومموِّلاً وراعياً لها كلمةً خاصة حيَّا فيها أعضاء لجان الجائزة، وتحدَّث عن مراحل تطورها على مدى خمسة أشهر من العمل الشاق والدؤوب، حيث عملَ المحكِّمون كخلية نحل واحدة، وكل منهم قد عملَ بعينهِ، وبعقلهِ، وبنفسهِ، وقرأ كل نص قصصي محكِّماً ضميرهُ الداخلي ونزاهتهُ في تقييم القصة ومقارنتها بسوابقها وبلواحقها من النصوص. وأشارَ إلى الحرص على السريَّة والعدل والاحترافيَّة التحكيمية، فكل نص يقدَّم مغفلاً من اسم المشارك فلا يحمل إلا رقماً خاصاً به، ودرجة تقييمية مستحقَّة. وأشارَ الدكتور التكريتي إلى أن سعادتهُ مستمدة من أن الكلمة العربية ما تزال قوية، والأدباء العرب يجتمعون معاً بتعاطف من خلال الإقبال غير المسبوق على المشاركة في الدورتين الحالية والماضية.
وكم أثلجَت صدرهُ المشاركة الواسعة من مصر التي رفدت الجائزة بـ (157) قصة قصيرة، وأتتْ بعدها سوريا، وكان للسوريين الأولوية بالتتويج في الدورتين معاً.
وفي لفتةٍ مؤثرة جداً عبَّر الدكتور التكريتي عن فخرهِ بسوريا، فاتحاد كتَّابها له طابع قومي وعربي، ويقبل تنسيب جميع الكتَّاب العرب إلى صفوفه، وهوَ استثناء يستحق التقدير برأيه. وأشارَ إلى تخصيص جائزة هذا العام للمغتربين (أدباء المهجر) الذين أبدعوا في الماضي وقدموا الكثير من العطاء الأدبي المحفور في الذاكرة. كما خُصصت جائزة للأدباء غير الناطقين باللغة العربية. وقدَّم خالص الشكر والاحترام للجنة التحكيم التي وضعت نُصب أعيُنها النص الأدبي فقط، وحيَّا الفائزين جميعاً، وهم حسبَ رؤيته الخاصة: كل من أرسلَ قصة إلى الجائزة.
أما الناقد الدكتور (باسل مولود) المنسِّق العام للجائزة منذ تأسيسها، فقد أُنيطت به المهمة الأصعب والأجمل معاً، وهي إعلان النتائج. وقال في تصريحٍ له قبيلَ الاحتفال: اليوم هو من أكثر الأيام بهاءً وعلماً وثقافةً ومعرفة.. واعتبرَ هذا الملتقى السنوي ملتقىً ثقافياً هاماً، ويخدم مسيرة ونَماء العلم والفكر والمعرفة والثقافة في مدينة تكريت العظيمة، المعروفة بتاريخها وبتاريخِ رجالاتها العريق.
وبروحهِ المَرِحة، وبفذاذةِ شخصيته، وصبرهِ وجَلَده، تلا أسماءَ الفائزين بطريقةٍ أزعمُ أنا ـــ كاتبة هذا المقال ـــــ أنها أسهمتْ في تطمين الخواطر وتهدئة الأعصاب بعكس المتوقَّع.
وجاءت النتائج على النحو التالي:
المركز الأول : روزيت كرم مسعودي ـ سوريا – قصة: وهم
المركز الثاني : علجه صدوقي ـ الجزائر ـ قصة: موت بالتوقيع
المركز الثالث: صادق عباس هادي الطريحي ـ العراق ـ قصة: لا تأجيل للدين
المركز الرابع: ميرفت أحمد علي ـ سورياـ قصة: شيخ العشَّابين
المركز الخامس مناصفة بين :
*نورهان نشأت فكري محمد ـ مصر- قصة: أينَ تذهب العصافير مساءً
*ريم أحمد حبيب ـ سورياـ قصة: فيض تفاصيل
وعن فرع المغتربين، فقد فازَ نص لسفيان صالح محمد عثمان السوداني الجنسية والمغترب عن بلده بسبب أحداث السودان الأخيرة والموسوم بـ ((أحلام فتاة الأرز القروية((
وعن فرع الناطقين بغير اللغة العربية؛ فازت القاصة التشادية فوزية عثمان بنصِّها الموسوم بــ ((يقين بهرج))
كما وتمَّ استحداثُ جائزتين لتكريم عمل لجنة الفرز الأولية، بناءً على توصيةٍ تقدَّم بها المُشرف العام على الجائزة إلى راعي الجائزة ، فتمَّ انتقاء نصَّي :
(مياه سوداء باردة كالجحيم) لأنوار حسين علي .
(أول سطر لرواية) لكوكب داوود سالم .
شهادات في الجائزة:
أعرب الكثير من الحضور الكرام عن إعجابهم بجائزة ناجي التكريتي للإبداع القصصي، وبالتطور الملحوظ على نسختها الثانية، فأشادَ أحدهم بالمبادرة النوعية القيِّمة من صاحب الجائزة، الذي تبرَّع من مالهِ الخاص لبناء مكان للثقافة في تكريت، وهو الفيلسوف والأديب الدكتور ناجي التكريتي.
أمَّا رئيس اتحاد كتَّاب صلاح الدين، الدكتور غنام محمد خضر، فرأى أن جائزة ناجي التكريتي هي إحدى أهم الجوائز في محافظة صلاح الدين، وهي جائزة مُنافسة في أهميتها على مستوى العراق. وتعملُ على استقطابِ أسماءٍ أدبية كبيرة من خارج العراق وداخله، وتنبَّأ الدكتور غنام بأن الدورات اللاحقة للجائزة ستكون أكثر تطوراً .
شهادات الفائزين:
أتتْ من خلال فيديوهات قدَّمها المتوَّجون من الأدباء والأديبات، أعربوا فيها عن فخرهم واعتزازهم بالفوز، وبمكانة الجائزة الرفيعة محلياً وعربياً وعالمياً. وشكروا لجان التحكيم على جهدها وحرصها على تقديم مُخرجات الدورة بأبهى حُلَّة.
وبوصفي إحدى الفائزات في نسخة هذا العام، فإنني أعربُ عن سعادتي في تحقيق هذا الإنجاز، الذي يُضاف إلى رصيدِ جوائزي العربية والعالمية. ووردَ في شهادتي المصوَّرة ما يلي:
لقد تابعتُ بشغفٍ وقائعَ حفلِ توزيع جوائز مسابقة ناجي التكريتي العام الماضي من خلال البثّ المباشر، وأحسستُ أنَّني أمامَ جائزةٍ مستحدثةٍ في الوسط الثقافي العربي والإقليمي، لكنها جادةٌ ورصينة، وشجَّعتني هذه الجديَّة على الوثوقِ بالجائزة، كما شجَّعتني كلمتا راعي الجائزة الدكتور (ناجي التكريتي)، والمنسِّق العام للجائزة الدكتور الناقد (باسل مولود) على المشاركةِ في نسخةِ الدورة الثانية، فكانَ لي شرفُ الفوزِ إلى جانبِ الزملاءِ المبدعين من أعمارٍ وانتماءاتٍ أدبيةٍ، وجنسياتٍ متنوعة.
ختاماً
أمَّا ما استرعى الاهتمامَ حقيقةً، فهو تصدُّرُ المبدعينَ السوريين لجوائز مسابقة ناجي التكريتي للإبداع القصصي العالمية، ففي الدورة الأولى فازَ ثلاثةُ مبدعينَ سوريين، وهذا العام فازتْ ثلاثُ مبدعاتٍ سوريَّات، وكان المركزُ الأول في الدورتين من نصيبِ سوريا.
شكراً من أعماقِ القلب للدكتور المفكِّر والفيلسوف والأديب المتنوِّع (ناجي التكريتي)، على رفدِ الحركةِ الأدبيةِ والثقافية بهذهِ الجائزة الرفيعة، وساميةِ المقاصد والنَّوايا.
شكراً للقارئِ الشَّغُوف وللمُحكِّم القدير الدكتور (باسل مولود)، على الجهودِ المضنية المبذولة في السَّيرِ بمراحلِ التحكيمِ قُدماً، بروحٍ عاشقةٍ للأدبِ وللإبداعِ الأصيليْن.
والشكرُ موصولٌ لفريقِ العملِ، ولأعضاءِ لجنةِ الفرزِ والتقييمِ والتنظيم.
#سفيربرس _ ميرفت على _ سورية