قمة بغداد: بوابة جديدة للتفاهم الإقليمي والشراكة بقلم : عباس الصائغ

تمثل “قمة بغداد” حدثًا محوريًا في مسار العلاقات الإقليمية، كونها منصة جديدة تعزز الحوار بين دول المنطقة وتفتح آفاقًا واسعة للتعاون والشراكة على أسس المصالح المشتركة. في ظل التحديات الجيوسياسية والاقتصادية التي تعصف بالشرق الأوسط، تأتي هذه القمة كمبادرة استراتيجية ترمي إلى إعادة بناء الثقة، وتنسيق الجهود لمواجهة الأزمات وتعزيز الاستقرار.

لقد لعبت بغداد عبر التاريخ دورًا محوريًا في المنطقة، واليوم تعود لتتوسط الطاولة الإقليمية كحاضنة لحوار متزن يجمع قوى مختلفة بمصالح متشابكة. إن استضافة العراق لهذه القمة تعكس تطلع الحكومة العراقية لاستعادة دورها الدبلوماسي، وأن تكون حلقة وصل بين الأطراف المتنازعة، بعيدًا عن سياسة المحاور والانقسامات.
تسلط القمة الضوء على عدة ملفات حيوية، منها:
الأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب: تعزيز التنسيق الأمني وتبادل المعلومات الاستخبارية من أجل التصدي للتنظيمات المتطرفة.
الاقتصاد والطاقة: دفع عجلة التعاون الاقتصادي بين الدول، وتطوير شراكات في مجالات النفط، الغاز، والطاقة المتجددة.
البنية التحتية والربط الإقليمي: من خلال مشاريع استراتيجية مثل الربط الكهربائي وخطوط النقل والسكك الحديدية.
البيئة والتغير المناخي: مناقشة التحديات البيئية المشتركة، خصوصًا ندرة المياه والتصحر.

إن السمة البارزة لقمة بغداد هي محاولة الانتقال من مرحلة النزاعات والتنافس إلى منطق “الشراكة المتوازنة”، حيث تُبنى العلاقات على احترام السيادة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، والعمل المشترك من أجل مصلحة الشعوب.
رغم وجود تحديات حقيقية مثل الخلافات السياسية العميقة، والصراعات الممتدة في بعض دول المنطقة، إلا أن الإرادة السياسية التي عبّرت عنها الوفود المشاركة تمنح بصيص أمل نحو صياغة منظومة إقليمية جديدة قائمة على التفاهم، لا التصادم.

قمة بغداد ليست مجرد لقاء سياسي، بل إعلان نوايا لمستقبل مختلف في العلاقات الإقليمية، حيث يمكن أن تشكل هذه المبادرة نواة لتحالفات بنّاءة، تعيد رسم ملامح الشرق الأوسط نحو مزيد من الاستقرار والازدهار. وبقدر ما تنجح بغداد في لعب هذا الدور الوسيط، فإن فرص بناء شرق أوسط جديد تصبح أكثر واقعية وقربًا من التحقق.

#سفيربرس _ بغداد _ بقلم : عباس الصائغ