حين تُخترق الحقيقة: الهكر وصوت الإعلامي الحر… _ بقلم : هدى زوين
#سفيربرس _ بيروت

في هذا الزمن المقلوب، لم تعد المعارك تُخاض في الميادين وحدها، ولا الأعداء يرتدون الزي العسكري. اليوم، بات الصوت الحرّ هو العدو الأول، والإعلامي الصادق صار هدفًا لكل من يخاف من النور.
الإعلامي الذي يكتب أو يتحدث من ضميره، ذاك الذي يقول “لا” في وجه الباطل، لم يعد مجرد صحفي أو مذيع أو كاتب. لقد صار شوكة في حلق الظالمين. وكل كلمة تخرج من قلبه تُحسب عليه، وكل حقيقة يكشفها تُعدّ جريمة في نظرهم.
الهكر: رصاص في الظل
وحين تعجز الأيادي عن إسكات هذا الصوت في العلن، تأتي الأصابع الخفية لتخترقه.
يبدأ كل شيء برسالة مشبوهة، أو رابط غامض، أو نافذة تطلب تحديث كلمة المرور. يبدو الأمر بسيطًا، لكن خلفه هاكر مدفوع أو جهاز استخبارات أو جهة مأجورة. هدفهم واضح: إسكاتك دون أن يسمع أحد صرختك.
يخترقون هاتفك، يسحبون صورك، يفتشون بريدك، يقرأون محادثاتك.
ثم يهددونك، أو ينشرون، أو يلفقون.
وكل ذلك فقط… لأنك قلت الحقيقة.
أنت الهدف… لأنك الضوء
لا يستهدفونك لأنك تهاجم، بل لأنك تكشف.
لا لأنك تفتري، بل لأنك تفضح.
ولا لأنك قوي، بل لأنك حرّ.
أنت الذي وقفت وحدك حين صمت الجميع.
أنت الذي لم تبع صوتك، ولم تركع.
فكان لابد من اختراقك، تكسيرك، هزيمتك نفسيًا قبل أن تُهزم مهنيًا.
لكنهم لا يفهمون…
أن الكلمة لا تُخترق.
أن من تعوّد قول الحق لا يخشى التهديد.
وأن الإعلامي الحقيقي، حتى لو سُرّبت خصوصياته، يبقى نقيًا في عين الناس.
الهكر يستطيع أن يحذف حسابك، أن يسرق صورك، أن يشوّه اسمك.
لكن لا أحد يستطيع أن يمحو ذاكرة الناس حين سمعوك تقول كلمة حق خالصة.
ما الحل؟ وهل نصمت؟
لا. لا نسكت.
لكننا نتعلّم. نتقن الأمن الرقمي. نحمي أدواتنا. نستخدم التشفير. نراقب ما نضغط عليه وما نشاركه.
لكننا لا نغلق أفواهنا.
لأن الصمت لن يحمي أحدًا.
إلى كل إعلامي وإعلامية، إلى كل صوت حر في هذا العالم العربي المتعب:
أنتم الحصن. أنتم النبض. أنتم السلاح الذي لا يُكسر.وكل هاكر يهاجمكم، إنما يثبت أنكم في المسار الصحيح.
فلا تتراجعوا. لأن الحقيقة، مهما تأخرت، تنتصر.
#سفيربرس _ بيروت _ _ بقلم : هدى زوين
كاتبة وإعلامية